لقاء - المخا في 60 سنة مع الحاجة نعمة التي تتمنى "تكمل الحرب ويكمل الحوثي والزينبيات"

المخا تهامة - Saturday 08 December 2018 الساعة 04:35 pm
المخا، نيوزيمن، اسماعيل القاضي:

الحاجة "نعمة علي" من مواليد 1950م، من أبناء المخا حارة العمودي، سكنت في عشة جوار البحر والرمل، قبل أن تنتقل إلى جوار قبة العمودي مع بضع عائلات في تلك السنوات المبكرة. تزوجت محامياً وكاتبَ محكمة جمهورياً وفقيهاً متزوجاً ثلاث نسوة..

نيوزيمن قلّب مع الوالدة نعمة أوراق وذكريات أكثر من ستين سنة، عن المخا والبحر والصيادين ومعاناة سنوات عجاف كانت شربة الماء فيها هدفا وكفاحا، عن أفراح وأتراح ناس الساحل التهامي والمخا، وعن الحوثيين والحياة التي اسودت بوجودهم والنزوح ثلاثا.. فالتحرير وعودة إلى المخا..
لقاء بدون رتوش وحديث تلقائي مع نعمة، وجل ما تتمناه اليوم "تكمل الحرب، ويكمل الحوثي.. الله يزيله"..

- كيف تتذكرين طفولتك؟
* كانت أيامنا جافة ياولدي، المخا.. تخيل ما في ماء للشرب الا في أماكن معدودة بئر في الحالي ومن بئر خلف المشروع (كما يسمى الآن). كنا نذهب لجلب الحطب من منطقة القديمي..
يذهب الرجال إلى البحر على الساحل، لا توجد قوارب وماكينات، مجرد رمَس (عدة ألواح وخشب ضخمة مربوطة بالحبال بعناية) أو قطيرة قارب خشبي، ومعهم شباك على الساحل ويجلبوا منها الصيد.. كانت وفيرة جداً.

- أين يبيعون هذه الأسماك؟
*يأتي مشترون من البدو ومن الجبال، يشترونها ويقطعوها ويخلطوها بالملح ويذهبون منهم من يبقى يجففها مع الملح لثلاثة أيام، إذا كانت كبيرة يقطعونها والصغار يشقوها فقط.

- بيوتكم كيف تبنوها؟
* كانت بيوتنا عبارة عن اعشاش نصفها قد غمرت بالرمل جوار البحر، الان الكورنيش والمملاح، الرياح كانت أقوى من هذه الأيام..

- الماء كان مشكلة كبيرة؟
* نعم كان الماء الحالي (الصالح للشرب) يهمنا كثير، ونقطع بعده المسافات، اما الماء الذي نستخدمه في أعمال المنزل فسهل جدا كل بيت فيه بئر صغيرة متر فقط لكنها مالحة... كانت توجد بئر جوار الشاذلي، ولم يكن الماء حالي تمام، ومع تحسن المخا كان جوار الشاذلي في قصبة في بيت الدبوكيه (جدة السقاف) ، لديها قصبة من المشروع.. وما تملئ لنا الجحل (أوعية الفخار) إلا عندما ننجز لها أعمالها حق البيت.. لما أجا المشروع ونحن حاذقين، لكن ما مدوا لنا قصب وكانوا يمدون لاصحاب البيس.
أذكر مرة عندما. ذهبنا لجلب الماء في حسي النخيل سقطت فيها رفيقتنا زهرة، كانت على وشك الغرق رأينا شابا ناديناه لاغاثتنا وخرجت على الحبل الذي رماه لها الرجل.

- هذه هي المخا من تلك الأيام؟
* هذه هي المدينة كما هي منذ عرفتها، خرابات قليلة السكان رغم العمارات والقصور، لكن لم تكن حية بالسكان، والرقي الذي حدثتنا بها امي وجدتي أنها عمارات كبيرة متقاربة يشربون بكوز واحد جميعهم في عهد العثمانيين، لكن عندنا ايامنا نذهب نخاف منها وكثير منها تحولت إلى اكوخ للمجانين..
بوابة المخا ما لحقناها احنا، كان هناك نخل وأشجار الاراك، من العقوبة التي قالوا لنا إنه هنا باب مدينة المخا، قبل أن يطمسها السيل.. حتى القبة حق العمودي لا نذكر متى بنيت لقيناها هكذا يأتي إليها ناس يجذبوا ويذهبون.. حتى أننا عندما ضقنا من الرمل التجينا إلى ساحة لم تكن فيها رمل جوارها وَبنينا خيمات واعشاش جديدة..
اما القلعة فلم يكن بها أحد عندما حذقنا (كبرنا)، قالوا لنا انها كانت فيها عسكر الإمام وكان بعض الكبار يصنعون لهم الخبز

- ايش كان والدك يعمل؟
* كان لديه معمل لصنع النورة (قضاض) التي يعمل منها للمساجد..
كان لدينا اثنين وقد عملت بها لجلب جبال البحر وحشائش من البحر، واحد جوار المؤسسة.. وآخر في الأشجار شرق الحارة..

- الميناء هل كانت تعمل ويدخلها البواخر؟
* كانت تعمل لكن مش كثير ويعمل فيها بعض الرجال من حارتنا، عهد الحمدي كانت تدخل البضاعات إلينا ورخيصة.. كانت الدنيا سهلة ورخيص هذه المنتجات..

- حفلات الأعراس ومتى تزوجتي؟
* كانت بسيطه ولا وتكلف عشرة ريال فقط ويجلب فضه احجال فقط للعروس تضعهم في يدها... تزوجت وقدها جمهورية من رجل محامي وكاتب في المحكمة وفقيه متزوج ثلاث طلق واحدة وتزوجني.. جاب لي كل شيء ملابس من صنعاء وذهب وكل شيء، كان يعمل في المحكمة وأنجبت ثلاثة، صبي وبنتين..

- مررت بحروب في المخا كان منها حرب التسعين (94)؟
* نعم أذكر تلك الحرب التي كانت خوف وهلع لدينا كنا في عرس في الحارة وفي وقت متأخر قده الصباح مرت طائرتان من جهة الشرق وقصفت براميل المازوت حق الكهرباء واندلع حريق هائل استمر عدة أيام قتل من أبناء المخا من كان يعمل في الكهرباء..

- بعد الوحدة كيف كان وضع المخا ووضع الناس؟
*استمر مستقر إلى أجل.. بس بدأت الميناء يقل فيها دخول البواخر السفن، قالوا أن في ميناء الحديدة وعدن أكبر من هذه الميناء.. عهد الرئيس علي عبد الله صالح كانت المخا هادئة.. بس كنا نحب الرئيس حتى أني في المظاهرات ضده كنت ألعن الكثير وأسب لهم لأنه كان ابني يقوم في تشجيع الأهالي للتصويت للرئيس في الانتخابات وابني من اعضاء المؤتمر في المخا، اليوم جابوا له دعوة للحضور في الخوخة وهو في الآن في البحر.. (احياء السنوية الأولى لانتفاضة ديسمبر)..

- كيف تذكرين دخول الحوثي المدينة؟
* جاء ناس غريبين يصوروا بكثرة صوروا الشوارع التي تذهب إلى الساحل والكرنيش، والكليبي.. قالوا انهم بيصلحوا مصانع، أحد المواطنين في حارة عبده القادر تصايح وياهم، وبعد فتره شهدت القطاع اشتباكات عنيفة وقتل مواطن ابن توفيق مجاهد جراء الاشتباك تلك.. خفنا كثيراً فاحنا ما قد وقع عندنا اشتباك، سوى الطائرات الحربية التي ضربت الكهرباء حرب البيض.. وكنا نتابع التلفزيون مظاهرات وفوضى للحوثي في صنعاء وبعده كل يوم يحتل شيء في البلاد حتى وصل عدن..

- ضربة التحالف بصنعاء وحرب المخا؟
* أول ضربة شهدتها صنعاء لأول أيام التحالف ونحن نفكر في النزوح حالة من الهلع مرت علينا ونزح معظم الناس بعد ثلاثة أيام على ضرب التحالف صنعاء بالطائرات أول نزحة.. وبعدها رجعنا إلى المخا واستمر النزوح ثلاثة أشهر.. 
مع اشتباكات وضرب لتحرير ذباب وباب المندب ويضربوا عندنا كثير وألقت علينا منشورات النزوح.. نزحنا إلى الجمعة.. ما فيش كان منظمات ولايساعدوا النازحين كما ذحين في المخا الذي نازح يفرقون له كل شيء، نحن نزحنا ثلاث نزحات أني وابنائي ولم نحصل على شيء..
ثالث نزحة والمقاومة قدها في الميزان عملوا هدنة للنازحين وخرجنا إلى الكديحة، ابني ذهب مع زوجته إلى عدن وأني بقيت في الكديحه مع بناتي.. رجعنا بعد شهر ونصف وكان الحوثي يقصف علينا بالكاتيوشا والهاون وأصيب كثير من المواطنين من حارتنا أصيب ابن حكامه وراحت عينه بصاروخ أطلقه الحوثي علينا..

- الآن المخا بعد تحريرها تحسنت؟
* نعم.. حتى الأراضي غليت، زاد الطلب على الأراضي، والناس تبني، وتأجير بيوت، والسوق مليان من كل شيء، وبتطور المخا..

- ايش تتمني حاجة نعمة؟
* تكمل الحرب، ويكمل الحوثي، الله يزيله.. كنا ساكهين مدري من فين خرج، حتى الزينبيات حقهم أجو عندنا..