كيف أخطأ التحالف في النظر إلى مقاومة البيضاء بعيون الإصلاح في مأرب؟

السياسية - Monday 04 February 2019 الساعة 01:03 pm
البيضاء، نيوزيمن، خاص:

‏كان لمحافظة البيضاء قصب السبق في مواجهة الجائحة الحوثية التي تمددت في معظم المحافظات اليمنية شمالاً وجنوباً، فكانت خط الدفاع الأول عن حياض الجمهورية ضد الإماميين الجدد منذ العام 2014م، وهذا ليس بجديد عليها فهو امتداد لمراحل زمنية سابقة امتدت لقرون من الرفض المسلح لنظام الحكم القائم على الاصطفاء الإلهي ابتداءً من الدولة الطاهرية ولن يتوقف اليوم.

وفيما لم تهب عاصفة الحزم إلا بعد نصف عام من المعاناة في البيضاء، وقبلها وبعدها تخلى الجميع عن أبناء القبائل وتركوهم يواجهون مصيرهم أمام قوة جبارة من نخبة المقاتلين الذين تم إعدادهم في صعدة متسلحين بسلاح الدولة التي نهبوها بعد اجتياحهم صنعاء، وبغطاء شرعي وهبه لهم الرئيس هادي بتوقيعه على اتفاق السلم والشراكة الذي ألزمه أحد بنوده بمساندة الحوثيين في السيطرة على البيضاء بذريعة "محاربة الجماعات الإرهابية".

ظلم ذوي الشرعية

ويقول الكاتب والباحث في الشؤون السياسية واﻷمنية العقيد محمد الولص بحيبح، إن "مقاومة البيضاء مرغت أنوف الحوثيين من قبل عاصفة الحزم، وللأسف ما زالت محافظة البيضاء تتعرض للتجاهل المتعمد من قبل كل قيادات الشرعية، فلم يصرف للبيضاء حتى 15%من الدعم المستحق لها".

فيما يقول أحد وجهاء محافظة مأرب، إن "مقاومة محافظة البيضاء أشجع مقاومة يمنية خصوصا (قيفه وآل حميقان وآل عمر وآل طياب والحازمية) فقد بدأت التصدي للحوثيين منذ العام 2014م قبل أن يفكر أحد في رفع السلاح لمقاومتها ابتداءً من رداع التي كانت تشتعل نيرانا من تحت أقدامهم".

ويشكو مقاومون في جبهات القتال أن مصابهم لا يؤبه له وأن شهيدهم لا ينظر إليه ولا إلى أولاده، ومع ذلك ما زالت مقاومة البيضاء تقاوم مليشيا الحوثي رغم الحصار الذي يتعرضون له والتعسفات اليومية والاعتقالات والتعذيب التي تطال أبناء البيضاء الأحرار.

تفكيك قضية معقدة: غربلة المقاومة

وبصدد ملف المقاومة الشعبية بمحافظة البيضاء، لا يمكن تجاهل واحدة من أعقد القضايا في الحروب ضد الحوثيين، فقد اختلط فيها إباء ابن القبيلة اليمنية الغيور على جمهوريته، مع ادعاء الحوثيين أن تواجدهم لمحاربة الجماعات المتطرفة التي ظهرت في عدد من مناطق المحافظة؛ كما وجد ابن القبيلة نفسه تحاصره نيران الحوثيين من كل صوب وتحاصر عرباتهم قراه من كل جانب ليجد "نيران صديقة" يطلقها مسلحون متطرفون يشاركونه مواقع القتال ضد الحوثيين، في مناطق قريبة من معسكراتهم، فلا هو القادر أن يمنعهم من إسناده ولا هو القادر على مواجهة الآلة الحربية العاتية للحوثيين وحيداً!!

ومن جهة أخرى لم تنتظم مقاومة البيضاء في نسق جامع حامل لقضيتها، فكان كل من يطلق نيرانه على الحوثيين -أو العكس- فهو ممثل عن المقاومة الشعبية في البيضاء لتدخل في هذا الباب المفتوح على مصراعيه الجماعات المتطرفة بتعدد أسمائها وتعدد جرائمها التي حرصت على توثيقها وبثها للعالم خدمة للحوثيين أنفسهم، فوقعت المقاومة الشعبية في المحظور الذي لا تزال تعاني منه حتى الآن.

كل هذه المفارقات قدمها إعلام مليشيا الحوثي على أن كل طلقة تطلق على مسلحيه في البيضاء هي نيران داعشية، سانده في ذلك بطريقة مباشرة استهداف طيران الدرونز الأمريكي عدداً من المتطرفين بين حين وآخر كان بعضهم في مواقع القتال حين تم استهدافهم.

كما سانده بطريقة غير مباشرة إعلام مناهض للحوثيين يخشى تسليط الأضواء على ما يجري في المحافظة خشية أن يقع في محظور تأييد الجماعات المتطرفة.

التحالف ينظر بعيون الإصلاح

واستفاد منها حزب الإصلاح بتخويف التحالف العربي من فتح ملف مقاومة البيضاء "الموصومة بالإرهاب" أو إسهامهم في إيجاد وسيلة لغربلة مقاومة المحافظة أو استحداث آلية جديدة لعملها واختيار عناصرها، مع عرض خيار براغماتي –كعادة الحزب- آخر هو أن يكون وسيطاً بين الطرفين، وكذا الدفع بكوادره (المتواجدة في مدينة مأرب) وتقديمهم للتحالف العربي على أنهم مقاومة البيضاء، ليكسب بذلك مليارات وأسلحة التحالف من جهة، ومن جهة خضوع المحافظة وإبقائها تحت نفوذه.

وأمام هذا الخيار الذي ربما استكان إليه التحالف العربي، ظلت العقبة الوحيدة أمام حزب الإصلاح هو "المقاومة الفعلية" على الأرض التي ترفع صوتها بين حين وآخر رافضة تجاهل الإصلاح لأدوارهم، فبينما يتلقون بصدورهم رصاص الحوثيين في جبهات القتال في البيضاء تتلقى جيوب "ممثلي المقاومة الإصلاحيين المعترف بهم في الكشوف الرسمية" المليارات في مأرب.

ليبدأ حزب الإصلاح في تخييرهم بين القبول بالفتات والاعتماد على أنفسهم كما كانوا في قتالهم للحوثيين قبل عاصفة الحزم، أو تهديدهم بتهمة الإرهاب التي لا تمت لهم بصلة. وأمام الخيارين يظل محاربة الحوثيين هو الخيار الأصعب وإن كانت القلوب تقطر دماً من حزب أكل الأخضر واليابس ولم يحقق شيئاً للمحافظة التي يتصدر مشهدها واضعاً نصب عينيه مصلحة الحزب أولاً ومن بعده كل شيء.

ويبقى السؤال الذي يردده أبناء البيضاء والذي حاولنا التعريض على إجابته: لماذا لا تجد مقاومة البيضاء "أشرس مقاومة شعبية في اليمن" دعماً من التحالف العربي ولا من الشرعية مثل غيرهم من المقاومين مثل ذمار المجاورة لهم أو مناطق أخرى لم تشهد إطلاق رصاصة واحدة في وجه الحوثيين؟!!

ولماذا إنفاق المليارات على فتح جبهات للجيش الوطني يشرف عليه حزب اﻹصلاح واستحداث ألوية وهمية لم تحقق شيئاً منذ فترة طويلة وتجاهل جبهات مفتوحة أذاقت الحوثيين الويل طوال أكثر من 4 أعوام؟!!