فظائع منسية.. هل قرأ مرفّهو الفنادق رسائل «المُعذَّبات» في سجون الحوثي السريّة؟

السياسية - Tuesday 05 February 2019 الساعة 09:49 pm
عدن، نيوزيمن، سياف الغرباني:

لم يكن في خانة الوارد والمتوقع لدى كثير من اليمنيين، أن تصل رعونة وكيل مسحوق «التشيُّع» شمال اليمن، حد إطلاق يد مسلحيه لاختطاف فتيات ونساء، وزجهن خلف أقبية سجون سرية في صنعاء، وصولاً إلى ابتزاز أسرهن مالياً.

بيد أن ما لم يكن متوقعاً حدث، لتفيق اليمن أخيراً على وقع صدمة دوّت في صنعاء، وسُمع صداها في أرجاء البلاد، بعدما تكشفت خيوط جرائم غير مسبوقة، تتعلق باختطاف واحتجاز نحو 120 فتاة في سجون غير رسمية.

وقد برزت «السابقة» الحوثية إلى واجهة المشهد في اليمن، للمرة الأولى، في غضون معلومات أثارتها المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، بالاستناد إلى شهادات موثوقة من ضحايا مفرجن عنهن، وكذا من أقارب النساء المحتجزات.

وأفادت المنظمة، في سلسلة بلاغات رسمية، أن الحوثيين تورطوا في اعتقال وإخفاء 120 فتاة وامرأة، بعد توجيه مزاعم ملفقة لهن، منها التعاون مع قوات التحالف العربي.

ووثقت احتجاز العشرات من النساء من دون اتهامات واضحة أو محاكمة، وأنهن يتعرضن في غالب الأمر للتعذيب بخلاف ابتزاز عائلاتهن من أجل الأموال، وإخفائهن في سجون غير رسمية، في غير منطقة بصنعاء.

وقالت المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر إنها قد حصلت على معلومات جديدة تفيد بأن الحوثيين يمارسون الفظائع بحق النساء، مثل إساءة التعامل، والتعذيب، والإخفاء القسري، في السجون السرية وغير القانونية.

وقال نبيل فاضل، رئيس المنظمة، إن حالات الاعتقال بحق النساء بدأت بعد تعيين جماعة الحوثيين، العام الماضي، «سلطان زابن» رئيساً لقسم التحقيقات الجنائية في صنعاء.

وأطلق زابن، على الفور، حملة اختطافات طالت العشرات من الفتيات، وتم إرسال النساء اللاتي خضعن للاعتقال أثناء تلك الحملة، ثم صدرت الأوامر بإطلاق سراحهن، إلى السجون السرية في بعض «الفيلات» التابعة للحركة الحوثية والمنتشرة في غير موضع بالعاصمة صنعاء بدلاً من إطلاق سراحهن فعلاً.

وقال فاضل «إنه تلقى معلومات من عائلات، ومحتجزات سابقات، ومصادر أخرى تبين أن الحوثيين يعتقلون النساء بسبب مزاعم كاذبة أبرزها التعاون مع السعودية، وبدأت بعد تعيين زابن رئيساً لقسم التحقيق الجنائي في صنعاء».

ووفقاً للمصادر «تم القبض على النساء من المقاهي والحدائق العامة والمنازل في الأشهر الماضية، ولاتزال العائلات تبحث عن بناتها المفقودات دون جدوى»، فيما استطاع القيادي الحوثي المتورط في الانتهاكات، تكوين ثروة هائلة من خلال ابتزاز النساء والأهالي في دفع الأموال.

ما خفي كان أعظم

ولا توجد إحصائية رسمية دقيقة عن عدد النساء المختطفات في سجون الحوثيين، ولا عن عدد اللواتي تم إطلاق سراحهن، فهناك تكتيم شديد على المعلومات حتى من جانب الفتيات المفرج عنهن مقابل أموال طائلة، وأيضاً من جانب أسرهن.

لكن ما هو ثابت ومؤكد، هو أن جرائم اختطاف النساء تزايدت بشكل ملحوظ في صنعاء خلال الفترة الأخيرة، وأن الدافع الرئيس لقيادات جماعة الحوثيين لممارسة الخطف هو مادي، وإن كان ذلك على حساب التعدي على أقدس خصوصية في عقيدة اليمنيين الاجتماعية.

ووفقاً لمصادر أمنية، فإن قرابة 700 فتاة وامرأة تعرضن للخطف والإخفاء الفترة الأخيرة في صنعاء، بعدما أنشأت جماعة الحوثيين خلايا خاصة للإيقاع بالفتيات، بالاعتماد على تكنولوجيا أمنية متطورة، استولت عليها من جهاز الأمن القومي، ووظفتها لمهام خاصة، محظورة في القانون اليمني، حتى على أجهزة الاستخبارات.

وتستغل قيادات الحوثي التي تدير عمليات الاختطاف، حساسية المجتمع اليمني تجاه القضايا التي تمس «العرض والشرف» إذ يمتنع ذوو الفتيات الضحايا الإفصاح عن اختطافهن رغم مظلوميتهن، خوفاً من «العيب»، الأمر الذي تضطر معه الأسر لاختيار الصمت وعدم إثارة قضايا اختفاء بناتهن.

وتعمل عصابات الحوثيين على تنفيذ عمليات الاختطاف من الأسواق والمقاهي وبعضهن من الجامعات، أما النساء المعارضات فيتم اختطافهن من منازلهن إما عبر مسلحين حوثيين أو فرق نسائية حوثية مدربة يطلق عليهن «الزينبيات».

وتعمد إلى تلفيق تهم لهن، على علاقة بالشرف في معظمها، ومن ثم تبدأ مساومة عائلاتهن من أجل دفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عنهن، و«سترهن»، وبذلك تكون العصابات حققت هدفها في الحصول على المال، وضمنت في ذات الوقت عدم المساءلة.

جريمة لا تثير اهتمام أحد

ثمة أمر يستحق الكثير من التدقيق، يتعلق بفتور الموقف السياسي الرسمي، من جانب الحكومة المعترف بها، وكذا الأحزاب والتكوينات السياسية، وأيضاً الموقف الحقوقي من طرف المنظمات الدولية، إزاء واحدة من أخطر جرائم الانتهاكات في اليمن.

وكان يتوقع أن تُحدث قضية احتجاز النساء في سجون غير رسمية، زلزالاً سياسياً وشعبياً في الداخل، تقوده الأحزاب السياسية والتكتلات المنخرطة في المعسكر المناهض للحوثيين، غير أن جميعها، على الأرجح، بلعت ألسنتها وتعاملت معها بنوع من عدم الاكتراث.

وقد كان لافتاً ومستغرباً لدى كثيرين، ردود الفعل الباهتة على المستويين السياسي والحقوقي، في غضون تكشف خيوط فظاعات الحوثيين بحق نساء يمنيات، في أقبية سجون سرية، إذ لم تحفل وسائل الإعلام على اختلافها بموقف لجهة ما محلية أو خارجية، يدين الانتهاكات المشينة أو حتى يطالب بالإفراج عن الفتيات المحتجزات.