المعارضة تقلب الطاولة على إردوغان.. هل بدأ العد التنازلي لعهد "الإخوان" في تركيا؟
السياسية - Wednesday 03 April 2019 الساعة 09:38 am
بدأ عهد حكم الإسلاميين في تركيا عبر "حزب العدالة والتنمية"، الذي يقوده الرئيس رجب طيب إردوغان، بالأفول إثر نتائج الانتخابات المحلية التي جرت الأحد الماضي، وأظهرت تراجع شعبيته وخسارته لنصف البلديات بما في ذلك العاصمة أنقرة ومدينتا اسطنبول وأزمير في أقوى ضربة يتعرض لها الحزب منذ 16 عاماً.
وبحسب النتائج شبه النهائية فقد فاز الحزب الحاكم بـ44.95% فقط من إجمالي البلديات، في حين فازت احزاب المعارضة بالنسبة الباقية 55.05% يتصدرها حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي استحوذ على 30.25%، والحزب الجيد المعارض بـ7.39%، وحزب الحركة القومية بـ6.80%، وحزب الشعوب الديمقراطي بـ4.01%، والأحزاب الأخرى بـ6.60%.
وجاءت هذه النسب بعد اعلان فوز حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات المحلية التي جرت الأحد بـ778 بلدية، بينما حصل حزب الشعب الجمهوري على 242 بلدية، والحركة القومية على 236 بلدية، والشعوب الديمقراطي على 63 بلدية، والحزب الجيد على 22 بلدية، والأحزاب الأخرى على 42 بلدية.
لكن وسائل الاعلام التابع للحزب الحاكم وناشطيه يسعون للتغطية على هذه الانتكاسة ويركزون على ذكر نسبة الاصوات التي حصل عليها تحالف حزب العدالة والتنمية الذي يعد فرع الاخوان المسلمين في تركيا والبالغ نسبتها 51 في المئة من أصوات الناخبين سواء في البلديات التي فاز فيها او خسرها ولكن تلك النسبة ايضا تعكس تراجعا كبيرا جدا في شعبية الحزب الحاكم.
ويجمع المراقبون أن هذه الانتخابات شكلت استفتاء شعبيا على حكم إردوغان "الاخواني"، بعد ان اوصل البلاد الى الكساد الاقتصادي.
وتشكل هذه النتائج ضربة قاصمة لحزب اردوغان، في وقت تعصف بالبلاد تحديات جمة سياسية بفعل تحالفه مع التنظيم الدولي للاخوان المسلمين وتيارات الاسلام السياسي المتطرفة في اكثر من بلد وكذا تحديات اقتصادية باتت تطحن غالبية ابناء الشعب التركي.
ووفقا لإحصائيات رسمية، فقد ارتفع المعدل السنوي للتضخم في تركيا إلى 25 في المائة في سبتمبر/أيلول الماضي، وهو أعلى معدل منذ 15 سنة، في وقت فقدت فيه الليرة التركية ما يقارب من 40 في المائة من قيمتها، في غضون عام.
إلى جانب تعثر الاقتصاد التركي وتراجع قيمة الليرة التركية بشكل حاد، تتحدث المعارضة التركية عن تراجع الديمقراطية معتبرة الانتخابات الأخيرة بمثابة معركة كبيرة من أجل استرجاع الحريات العامة للمواطنين التي سلبها اردوغان ونظامه السياسي الإسلامي.
وتعد هذه التحديات أحد العوامل التي ساهمت بتراجع شعبية الحزب الاخواني الحاكم واتجاه الناخبين نحو احزاب المعارضة على أمل انقاذ البلد من حالة الكساد القائمة وفك ارتباطها بتيارات الاسلام السياسي المتشددة سواء اكانت أفرع الاخوان المسلمين في الدول العربية او تنظيمي القاعدة وداعش الارهابيين كما حدث في سوريا.
ولم تفوت المعارضة التركة الفرصة، في مكاشفة الراي العام بالوضع الاقتصادي المتدهور الذي قاد البلد اليه اردوغان وحزبه وتقديم وعود بمعالجتها.
فقد خاطب، زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، كمال قليجدار اوغلو في تجمع جماهيري أنصار الحزب الحاكم، قائلا: "لا تدعوه (اردوغان) يخدعكم، فالكلام عن تركيا قوية اقتصادياً لم يعد ينطلي على أحد، ونحن نشاهد طوابير من العاطلين عن العمل، وطوابير من الناس الذين يقفون بانتظار الحصول على كميات قليلة من البطاطا والبصل".
وتساءل قليجدار اوغلو: "أي دولة قوية تلك التي تستورد البطاطا والبصل وحتى اللحوم من الخارج؟ لقد بلغنا الحضيض أيها السادة!!".
نتائج الانتخابات المحلية هذه اوصلت رسالتها بقوة إلى اردوغان الذي ادرك بانها بمثابة ناقوس الخطر وربما تشكل ايضا بداية نهاية حقبة حزبه الإسلامي، إذا استمر في سياساته الخاطئة وفشل في تنشيط النمو الاقتصادي مجددا.
ولذلك تعهد أردوغان بأن تركز تركيا من الآن على الاقتصاد المتعثر قبل الانتخابات العامة التي ستجرى في عام 2023.
وقال في خطاب أمام أنصاره في أنقرة "اعتبارا من صباح الغد سنبدأ العمل على تحديد مكامن الضعف لدينا ومعالجتها".
زعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو علق من جانبه على هذه النتائج بالقول "صوت الشعب لصالح الديمقراطية، لقد اختاروا الديمقراطية".
وما فاقم من انتكاسة حزب اردوغان في هذه الانتخابات، خسارته العاصمة انقره والمدن الكبرى التي اصبحت حاضنة لقيادات وعناصر فروع الاخوان المسلمين الفارين من بلدانهم بعد ان فجروا فيها حروبا دامية تحت مسمى (ثورات الربيع) منذ 2011 والتي بدأت في تونس وطالت ليبيا ومصر وسوريا واليمن.
وتأتي في مقدمة تلك المدن إسطنبول التي تعد اكبر المدن التركية وكانت تحت سيطرة أحزاب على صلة بـ إردوغان منذ عام 1994، عندما انتُخب كرئيس بلدية للمدينة.
وعلق المحلل السياسي التركي البارز روسان كوكر على نتائج هذه الانتخابات بإنها "حدث تاريخي مثل عام 1994"، في اشارة إلى العام الذي فاز فيه إردوغان برئاسة بلدية اسطنبول.
وقال "إنها إعلان إن الصفحة التي فُتحت منذ 25 عاما بدأت تُطوى".