الاعتصام ضد تعسف دولة الحوثي.. فشلت كل النقابات ونجحت نقابة الجزارين

متفرقات - Wednesday 08 May 2019 الساعة 03:11 am
صنعاء، نيوزيمن، فارس جميل:

نقابة السكاكين.. أهم النقابات المهنية في اليمن(1)

فشلت نقابة الصحفيين اليمنيين في تنفيذ أي احتجاج مدني للضغط على جماعة الحوثيين لوقف ملاحقة الصحفيين واعتقالهم وتعذيبهم، أو للإفراج عن 17 صحفياً ما زالوا في سجون الجماعة منهم عشرة صحفيين تم اعتقالهم منتصف 2015، ويخضعون للتعذيب من تاريخه، وتمنع عنهم الزيارات والأدوية بين وقت وآخر، وتمت مؤخراً محاكمتهم من قبل المحكمة الجزائية التي تنظر عادة في قضايا الإرهاب.

تم تفريخ النقابة بتشكيل اتحاد للصحفيين ينتمي أعضاؤه وقياداته للحوثيين، وكانت تلك خطوة مهمة لإضعاف النقابة، وهاجرت قيادة النقابة إلى الخارج هرباً من بطش الجماعة، ومن تبقى لم يعد قادراً على العمل ولا الاحتجاج، فلا سلطة تحميه، ولا نقابة تدافع عنه، وبينما اصطف كثير من الصحفيين مع أحد الطرفين، فقد تحول الدفاع عن زملاء المهنة انتقائياً ومسيساً بشكل أفقده فاعليته.

(2)

فشلت نقابة أعضاء هيئة التدريس بجامعة صنعاء، في الدفاع عن منتسبيها، وتحول بعض أساتذة الجامعة إلى جلادين لزملائهم، حيث تم اختطاف كثير من منتسبيها دون تحريك ساكن للنقابة، فقد اكتفت بإصدار البيانات الخجولة وغير المؤثرة بين حادثة وأخرى.

الدكتور البواب في كلية الإعلام تحول إلى متهم بالإرهاب يحاكم من قبل المحكمة الجزائية، والدكتور البريهي توقف عن العمل بعد إطلاق النار عليه، والدكتور المقطري تعرض للضرب والإهانة من قبل مسلحين حوثيين، وتم اعتقال خمسة أساتذة آخرين لأيام بتهمة محاولة السفر لاستلام مرتباتهم من عدن.

الأسبوع الماضي تم اعتقال أستاذ القانون بجامعة صنعاء بتهمة كيدية من إحدى الطالبات التي مسكها متلبسة بالغش، وصدر بيان خجول أيضاً من النقابة، وبعدها بأيام وفي اليوم التالي لعقد لجنة حزب المؤتمر اجتماعها لانتخاب قيادات جديدة، تم اعتقال رئيس فرع المؤتمر بكلية الشريعة والقانون، كما هي العادة، دون أية إجراءات قانونية، بل حتى إجراءات غير مهينة ولو لم تخضع للقانون كسائر تصرفات الجماعة.

لقد فشلت نقابة النخبة الأكاديمية اليمنية في الدفاع عن منتسبيها بأي شكل، منذ تحويل الجامعة إلى مستنقع خصب للحوثيين، لاستقطاب شبابها، ومسخ هويتها وهوية طلابها عبر المقررات المستحدثة، والمحاضرات التي يلقيها قادة الجماعة دون مناسبة لهذا الغرض.

(3)

فشلت نقابة المهن التعليمية ونقابة المعلمين اليمنيين في تنفيذ إضراب ضد سياسات الحوثيين في إقصاء المعلمين ووقف مرتباتهم واعتقال بعضهم وفصل آخرين منهم، وتصدرت نقابة هجينة تسمى النقابة الوطنية للمهن التربوية أو تسمية مشابهة المشهد التربوي، للدفاع عن تصرفات وانتهاكات الحوثيين، وليس عن المعلمين.

العجيب في الأمر أن هذه النقابة تستلم الرسوم الإجبارية المستقطعة من رواتب المعلمين حتى الآن، بينما لا يستلم المعلمون مرتباتهم منذ ثلاثة أعوام، فقد عرف الحوثيون كيف يسكتون هذه النقابة منذ تأسيسها لأداء وظيفتها المرسومة، ولأن قيادتها حوثية على كل حال، فهي تستلم باسم المعلمين، مقابل الدفاع عن صاحب الكهف.

(4)

فشلت جمعية الصرافين في منع تعسف الحوثيين ضد محلات وشركات الصرافة، وآخرها فرض الجماعة رفع تقرير يومي بكل العمليات التي أجرتها كل شركة ومحل صرافة من واقع السيرفر المركزي، بما تم تحويله أو استقباله من حوالات مع الأسماء والمبالغ والأرقام وكل ما يتعلق بعمليات إرسال واستلام الحوالات المالية.

خلال الأشهر الأخيرة قامت أجهزة الجماعة بمصادرة أجهزة الكمبيوتر وإغلاق محلات الصرافين الذين شكت أنهم لا يبلغونها بكل العمليات، أو أولئك الذين لا يدفعون ما يكفي من العمولات والرشاوى لمسلحي الجماعة، رغم استمرار مضاربة الصرافين في العملة بشكل واضح، ومنسق أيضاً مع أتباع الحوثي مقابل مبالغ مالية لحمايتهم من أية ممارسة ضدهم، إلا ما أصبح سياسة يتابعها قادة الصف الأول للجماعة.

كل مرة تهدد جمعية الصرافين بالتوقف عن العمل، أمام تصرفات الحوثيين، ينتهي التهديد بالصمت وعدم التنفيذ، نتيجة ضغوطات الحوثيين.

(5)

فشلت نقابة عمال شركة النفط، في الضغط للإفراج عن أعضائها الذين اعترضوا على تفعيل ما يسمى بالريال الالكتروني، فقام الأمن القومي باعتقالهم.

رغم تمتع هذه الفئات والنقابات بتضامن واهتمام المنظمات الدولية ولو من باب الاستفادة منها في إصدار التقارير وتسجيل المواقف، فلم يمتلكوا شجاعة وجرأة وتنظيم الجزارين وبائعي اللحوم بأمانة العاصمة.

(6)

لقد فشل كل هؤلاء، ونجحت نقابة السكاكين ــ غير الموجودة على الأرض ــ وحدها في تنفيذ إضراب شامل للجزارين، وبائعي اللحوم بصنعاء احتجاجاً على ابتزاز سلطة حمود عباد وعبدالملك الحوثي.

حمود عباد، في آخر تقليعات ابتزازه وتضييقه على أصحاب المهن بصنعاء، فرض مؤخراً على الجزارين بأمانة العاصمة مبلغ 10 آلاف ريال على كل ذبيحة يقومون ببيعها للمستهلكين، بعد أن وصل سعر كيلو اللحم إلى 5 آلاف ريال، وتوقف أغلب الناس عن شراء اللحوم نتيجة الوضع الاقتصادي المنهار وتوقف صرف المرتبات لموظفي القطاع العام، التي بدورها فقدت قيمتها الشرائية نتيجة انهيار قيمة الريال أمام العملات الأجنبية.

فشل الجزارون بإقناع عباد بأن هذه المبالغ غير القانونية ستؤدي إلى توقف من تبقى من المستهلكين القادرين على شراء اللحوم عن شرائها، وبالتالي توقف رزق بائعي اللحوم، بعد أن أدت الضرائب والزكاة والأشغال العامة والرسوم الأخرى المفروضة عليهم مسبقاً إلى رفعهم أسعار اللحوم بشكل غير مسبوق.

يوم الأحد، وهو اليوم الأخير من شهر شعبان، أغلق الجزارون محلاتهم، وتوقفوا عن بيع اللحوم، بتنسيق لم يتوقعه أحد، حيث لا نقابة ولا اتحاد ولا أي كيان آخر ينظم عمل أو الدفاع عن حقوق هذه الشريحة من المجتمع، والأهم أنها شريحة لم تتعرض للاستقطاب من قبل أطراف الصراع حتى الآن، فحافظت على نفسها ومهنتها، رغم ما تتعرض له من ابتزاز مالي مستمر.

إنه الاحتجاج المدني الأوسع ضد ممارسات الحوثيين منذ سيطرتهم على صنعاء، باستثناء إضراب المعلمين أواخر فترة التحالف بين الحوثيين وصالح، استناداً إلى قدرة حزب المؤتمر يومها على حمايتهم وهو ما لم تثبت صحته، فقد تعرضوا للاعتقال بالجملة يومها، وأيضاً الإضراب الجزئي والمؤقت الذي نفذه المعلمون مؤخراً، وأدى إلى ممارسات تعسفية ضدهم من قبل الحوثيين أفشلت الإضراب الذي افتقد توحيد قرار المعلمين بفعل تواطؤ نقابتهم الخاضعة لجماعة الحوثيين.