الحوثيون يطرحون اليمن في سوق المزايدة الإيرانية
السياسية - Friday 31 May 2019 الساعة 03:30 am
حاول الحوثيون احتكار الدين والوطن معاً، فاختزلوا الأول إلى الطائفية، وطرحوا الثاني رخيصاً في سوق المزايدة الإيراني، في وقت ألقوا على مخالفيهم تهم الكفر والنفاق وموالاة "اليهود والنصارى" وألصقوا بغيرهم نعوت الخيانة والارتزاق دون أن يروا في أنفسهم "شيعة شوارع" يرتزقون على موائد فتات ملالي الفرس، ودون إدراك لجليل خدماتهم وسادتهم في طهران للأجندة الإسرائيلية في إضعاف منظومة الصد العربي بنقل أولوية الصراع مع المشروع الصهيوني إلى مشاغل داخلية طائفية أشعلتها إيران الخميني وأذنابها.
متآمرون قدماء
في حين تمجد خطابات الحوثيين "الشعب اليمني العظيم" يعتنقون عقيدة سلالية تلقيهم تاريخياً خارج اليمن واليمنيين ولا تعترف لهم إلا بعبودية وقرابين ولاء يذبحونها من أبنائهم على عتبات معابد حروب السلالية المزعومة.
يلهجون بالتسبيح بحمد "مقاومي" الحرس الثوري والحشد الشعبي وحزب الله، بمقابل تخوين اليمنيين والعرب، ولا يؤمنون بغير وطن الطائفة، وجغرافية الطائفية.
يرفضون رباط الجغرافيا والتاريخ والمصير المشترك مع الجيران العرب، ليدفعوا باليمن على طاولة أوراق التفاوض الإيراني.
يصمون الآذان بنهيق المبادئ الإسلامية ولا يفعلون سوى ما يخدم مصالح الطائفة، يتهمون الآخرين بجلب الغرباء للنيل من استقلال وسيادة اليمن، فيما هم من أضعف الدولة اليمنية ودمر مؤسساتها المدنية والعسكرية والأمنية، وانقلبوا على سلطاتها الشرعية منذ العام 2004، وأدخلوا النفوذ الفارسي الطائفي لينهش في النسيج الاجتماعي اليمني، وقدموا اليمن الضعيف بحماقاتهم حلبة مجانية لصراعات الخارج، كما فعل أسلافهم في الحركة الإمامية باليمن.
ليس جديداً على هؤلاء خيانة الأوطان واستجلاب شذاذ الآفاق من المنبوذين في بلدانهم، مع القادمين ضد اليمنيين.
أدعياء الوطنية اليوم سبق أن مكنوا الخارج من اليمن ووقفوا مع القادمين ضد اليمنيين.
بدأ تدشين الانتقام من اليمنيين بأيدٍ خارجية بالتفاف "الأبناء" من بقايا الفرس في اليمن حول إبراهيم بن موسى الكاظم الذي قدم اليمن أوائل القرن الثالث الهجري داعياً لتمرد محمد طباطبا على الدولة العباسية، مسرفاً في قتل اليمنيين وتخريب ممتلكاتهم حتى لقب بالجزار. وفي نهاية القرن أتى الهادي يحيى بن الحسين بالطبرانيين من فارس لتمكينهم من رقاب اليمنيين، ومثله فعل أدعياء الإمامة القادمون من فارس كأبي الفتوح الديلمي في القرن التالي، وفي القرن السادس الهجري استدعى قاسم بن حمزة السليماني الأيوبيين لغزو اليمن، ودفع المتوكل على الله شرف الدين المماليك لغزو اليمن ضد الطاهرييين، وفي العصر الحديث خرج الإمام علي بن المهدي إلى مناخة مستقبلاً الجيش العثماني القادم لاحتلال صنعاء، وفي ذات الفترة قام دعي الإمامة قاسم بن منصور ببيع تعز للمصريين بعشرة آلاف ريال وراتب شهري، وتواصلت حلقات الخيانة بتخلي الإمام يحيى حميد الدين عن الضالع للإنجليز.
إيران الخميني
رافق نجاح الثورة الإيرانية نهاية سبعينيات القرن الفائت، إطلاق شعارات تصدير الثورة ونصرة المستضعفين، وبخاصة بعد انقلاب الخميني على شركاء الثورة، وكان طبيعياً أن تكون البلدان العربية ذات الأقليات المؤمنة بنظرية الولاية أهدافاً أولى للأنشطة الإيرانية، وكانت اليمن أحد تلك الأهداف فعملت من خلال أتباع عراقيين نزحوا إلى اليمن إثر حرب 1991، وأسسوا حوزات في صنعاء تستقطب يمنيين إضافة إلى دعم مراكز استقطاب كالمركز الإسلامي التابع لإبراهيم الوزير في العاصمة، من بين مهامها إيفاد شباب يمنيين للدراسة في إيران، إلى جانب نشاط السفارة الإيرانية وإقامة مراكز استخباراتية بواجهات تجارية من ضمنها المركز الطبي الإيراني في صنعاء. لكن الأثر الإيراني بقي محدوداً لاصطدامه بالاعتدال النسبي لأبناء المذهب الزيدي ووعي علماء المذهب.
تحول الإخفاق الإيراني في اليمن إلى نجاح بعد أن وجدوا ضالتهم المنشودة في تبني حسين الحوثي لشعارات الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل الخمينية، وتمجيده في ملازمه "الثورة الإسلامية" و"الإمام الخميني" وحزب الله وزعيمه حسن نصر الله، ففتحت إيران أذرعها الإعلامية للحركة الحوثية منذ تمردها الأول في 2004 إلى الساعة، واحتضنت مباشرة وعبر وكيلها حزب الله اللبناني الوفود الحوثية للإطلاع على التجربة الإيرانية أو التدريب العسكري، ومن عجائب ارتهان الحركة الحوثية أنها على الرغم من تفوقها على حزب الله عدداً وعتاداً وتجربة وسيطرة مطلقة على السلطة في مساحة حالية تفوق أكثر من عشر مرات مساحة لبنان وعلى مخزون بشري ضعف عدد سكان لبنان بخمس مرات تقريباً إلا أن هذه الحركة ما زالت تستمرئ التبعية ليس حتى لإيران مباشرة وإنما لذيل من أذيالها.
ينكر الحوثيون وجود دعم إيراني لهم، غير أن شهود عيان ممن سبق لهم الالتحاق بمليشياتهم يؤكدون وجود خبراء إيرانيين ولبنانيين وعراقيين يقومون بمهام من أهمها التدريب العسكري وتركيب وتطوير الصواريخ والطائرات المسيرة، وهذا ما نوهت إليه تقارير لجنة الخبراء الأممية لجهة تطابق مواصفات وأنظمة حطام صواريخ وطائرات مع ما تنتجه وتطوره إيران، وأكدت مصادر خاصة أن ميدي على ساحل البحر الأحمر كانت هدفاً مبكراً للمليشيا إثر أزمة 2011 وبسيطرتها عليها وفرت كلفة تهريب الأسلحة الإيرانية وعبرها أدخلت قطع صواريخ ومصانع وورش تطوير صواريخ وطائرات مسيرة، أعاد تركيبها خبراء إيرانيون بعد نقلها إلى منطقة مطرة بمحافظة صعدة مركز الحوثيين.
وتشير مصادر إلى تلقي الحوثيين مساعدات نفطية إيرانية من خلال تجار تابعين للحركة برزوا عقب قرار سلطتهم الانقلابية تعويم تجارة النفط.
ويلفت مهتمون إلى اندفاع الحوثيين في الأشهر الأولى لانقلابهم بإرسال وفود إلى إيران لطلب مساعدات وعدت إيران بتقديمها لليمن في مجال الطاقة والنفط، ونكثت، بالإضافة إلى إقرار الانقلابيين الحوثيين رحلتين أسبوعياً لطيران اليمنية بين صنعاء وطهران، دون وجود مبررات تجارية واقتصادية لمثل هذا الإجراء، ما يمكن أن يفهم على أنه جسر جوي عسكري غالباً، وفي أحسن أحواله تدشين الهرولة نحو فتح اليمن لنفوذ إيران.
وفي بدايات التمرد الحوثي يتذكر اليمنيون بيانات المؤسسة الدينية الإيرانية الداعمة للحوثيين، والتقاط أجهزة استخباراتية رسالة –لم يتم نفيها رسمياً من المتمردين– وجهها بدر الدين الحوثي عام 2004 تحت توصيف "المرشد الأعلى لمؤسسة آل البيت في اليمن" إلى جواد الشهرستاني "مسؤول مؤسسة آل البيت (قم) الجمهورية الإسلامية" يؤكد خلالها جاهزية الحركة الحوثية للانقضاض على السلطة، ويطلب الدعم "المعنوي والمادي والسياسي". ورصد دعم سابق من السفارة الإيرانية بصنعاء للمراكز الصيفية للشباب المؤمن خلال ثلاثة أعوام من سنة 2000م.
مؤخراً ضربت طائرات مسيرة منشآت نفطية سعودية، ومع الشكوك في تدخل إيراني شبه مباشر في الضربة سارع الحوثيون إلى إعلان مسؤوليتهم عن الحادثة، وبصرف النظر عن المصدر المباشر للعملية فإن الحوثيين، نفذوا الضربة أم تبرعوا بإعلان المسؤولية أثبتوا مدى الولاء لملالي إيران وانخراطهم بقوة في الأجندة الفارسية من ناحية توقيت العملية وطبيعة الأهداف.
من حيث التوقيت جاءت الضربة مع تصاعد التوتر المعلن بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية ووصول قوات عسكرية مهمة إلى الخليج العربي، بخلاف توعدات حوثية سابقة إثر قصف جوي للتحالف يذهب ضحيته مدنيون، وحتى عقب مقتل الصماد أطلقوا التهديدات إلا أنهم لم ينفذوا عمليات بحجم الأخيرة.
وبالنسبة للأهداف فما يخدم مسرح العمليات العسكرية التركيز على مرابض طائرات أو بطاريات مضادة للصواريخ أو زوارق عسكرية، أما استهداف منشآت نفطية فهي رسالة ومصلحة إيرانية، تسعى لإرباك أسواق النفط العالمية مع العقوبات الأمريكية على صادرات النفط الإيراني وتكفل السعودية ودول أخرى بتعويض حصة إيران في الأسواق، غير الإضرار بمصلحة اليمن المستورد للمشتقات النفطية في الفترة الحالية دون أن يصدر النفط الخام وبالنتيجة خسارة الاقتصاد اليمني فارق أسعار النفط إن نجح الهدف الاقتصادي للضربة وارتفعت أسعار النفط واستنزاف المزيد من العملة الصعبة الشحيحة في سوق الصرف اليمنية.
سابقاً والآن لم تتورع الحركة الإمامية عن بيع اليمن بأرخص الأثمان للخارج، بينما يتشدقون بالوطنية، ولئن سألت حوثيين عن الموقف من استدعاء بشار الأسد للروس والإيرانيين لمساعدة نظامه لرأيتهم يسوقون مبررات واهية تشرعن للأسد، لكنها بالموازاة تخون اليمنيين.
مازال ابن العلقمي يلبس لكل يوم لباساً، وارتدى اليوم جلباب الحوثي.