المخلافي: اتفاقات السويد غير قابلة للتنفيذ و«غريفيث» لن يستمر في مهمته
السياسية - Thursday 27 June 2019 الساعة 05:10 pm
أرجأ عبدالملك المخلافي، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق، أسباب فشل اتفاق التسوية بشأن إنهاء الحرب في اليمن، إلى سببين رئيسيين: أولهما أن المبعوث الأممي مارتن غريفيث أراد أن يحقق نجاحاً سريعاً يقنع به الطرفين فصاغ اتفاقاً عاماً غير محدد يفسره. والسبب الثاني يكمن في عقيدة الحوثيين، التي لا تؤمن بالحلول السياسية، والتي تغذيها إيران.
واعتبر المخلافي، في حوار مع صحيفة “العرب” اللندنية، أن ارتهان الحوثيين لإيران يفشل المسار السياسي في اليمن، ولفت إلى أن الاتفاقات الجزئية تؤدي إلى التعايش مع الانقلاب وإطالة أمد الحرب واستمرار معاناة اليمنيين وتفاقمها.
ووصف اتفاق السويد بأنه “كان مشكلة أكثر ممّا هو حل”، وقال “اتفاق يبتعد تماما عن الأسس والمرجعيات التي تشكّل مرجعيات الحل، هو مشكلة، والأدهى أنه غير قابل للتنفيذ لأنه صيغ كاتفاق عام قابل لتفسيرات متعددة وهذا النوع من أسوأ أنواع الاتفاقات. وشخصيا قلت على هذا الاتفاق يوم توقيعه إنه مجرد “قبض ريح” لا يمكن أن تمسك منه شيئا محددا وواضحا، وما زال هذا رأيي بعد هذه المدة وسيبقى رأيي”.
وبسؤاله عن اعتقاده بأن الحكومة الشرعية أخطأت في التوقيع على اتفاقات السويد التي بات البعض يصفها بالفخ السياسي الذي وقعت فيه الشرعية، قال “كل اتفاق لا يلتزم المرجعيات بوضوح هو خطأ، لا يخدم السلام وإنما يؤدي إلى إطالة الحرب وخلق أسباب جديدة لها، ويزداد الخطأ إذا صيغ هذا الاتفاق بطريقة تجعله غير قابل للتنفيذ أو غير واضح في تحديد الالتزامات التي يفرضها على أطرافه“.
وعن رؤيته للاتفاق من زاوية استفادة أو خسارة الحوثيين منه، والطريقة التي صيغت بها بنود الاتفاق، يقول المخلافي “بالنسبة لجماعة متمرّدة أشعلت الحرب وتسعى لاستمرارها ولا يشكّل السلام خيارا حقيقيا لها، فإن الأفضل لها اتفاقات عامة غامضة لأنها توظّف مثل هذا النوع من الاتفاقات لصالحها ولصالح استمرار مشروعها غير الشرعي، وقد كان ذلك هو أسلوب هذه الجماعة في كل الاتفاقات منذ حروب صعدة الست وما بعدها وعلى العكس من ذلك، بالنسبة للحكومة الشرعية التي يجب أن تحرص على ألا توقّع إلاّ على اتفاق قابل للتنفيذ لأن مصلحتها في تنفيذ الاتفاق وتحقيق السلام وإنهاء الحرب وضمان أمن وسلامة شعبها”.
ويضيف “أراد المبعوث الأممي أن يحقق نجاحا سريعا يقنع به الطرفين فصاغ اتفاقا عاما غير محدد يفسره كل طرف على هواه لا على دقة النصوص وهو الفخ الذي وقعت فيه الحكومة الشرعية خاصة انه كان من الواضح أن الصيغة التي قدمها المبعوث لم تلتزم بأي اعتبارات أو مرجعية أو خبرات التجارب السابقة مع الحوثي، كما أن هذا الاتفاق لم يجر التفاوض فيه مع الحوثي وإنما قدم من المبعوث وجرى التفاوض فيه معه، لا مع الوفد الانقلابي مباشرة وهو ما جعله يتبنّى وجهة نظر الحوثي الذي يفضّل هذا النوع من الاتفاقات”.
وأكد المخلافي أن “إعطاء المبعوث الأممي دور المفاوض بدلا من الميسر كان خطأ صب في مصلحة الطرف المتمرد وشكّل ضغطا على الحكومة الشرعية ويجب عدم تكراره”.
وحول ما يشاع في الأوساط السياسية والإعلامية اليمنية عن وجود ضغوط دولية ساهمت في إخراج اتفاقات السويد للنور، يعتبر المخلافي أن “الضغوط إن وجدت فهي تهدف إلى الوصول إلى اتفاق، أما مضمون هذا الاتفاق فهي مسؤولية الأطراف الموقّعة عليه وتعكس قدرتها التفاوضية”.
ويرى المخلافي ان لدى الحكومة “الكثير من الحجج والأسانيد والمرجعيات التي تساعدها على تكوين منطق للخروج من الضغوط وللوصول إلى اتفاق جيد، وقابل للتنفيذ يمثّل مصلحة للجميع، بما في ذلك المجتمع الدولي، ومن قيل إنه ضغط من أجل التوصل إلى اتفاق”.
وقال في هذا السياق “يجب عدم الهروب من مسؤوليتنا لتحميل الآخرين أخطاءنا، فهذه قضيتنا أولا، وأعتقد أنه لم يجر تفاوض حقيقي في ستوكهولم حول الصيغة التي قدمها المبعوث والتي وضعتنا في الأزمة التي نحن فيها الآن، وهنا يكمن خطأ ما حدث في السويد”.
وشدد على أنه “لا توجد مفاوضات في الدنيا مطلوب فيها القبول بنص يقدم كما هو رغم عدم استناده لمنطق أو مرجعيات، هذا فرض استسلام ولا أعتقد بالمنطق أن هناك ضغوطا قد مورست من أجل ذلك، ما حدث هو استسهال لحل موضوع معقّد وعدم إدراك عواقب ما وافقنا عليه، وهو ما أدى إلى أن ندفع ثمن هذا الاستسهال المفتقد إلى خبرة السياسة والمفاوضات وخبرة معرفة مخاطر الحوثي ومشروعه”.
وحول رؤيته لإمكانية تنفيذ اتفاق الحديدة أو بالأحرى إنقاذه، يؤكد وزير الخارجية اليمني السابق أنه “من العبث استمرار العمل على تطبيق هذا الاتفاق. وعن فرص إنقاذه، يرى أن ذلك يقتضي أحد أمرين “إما أن يعلن المبعوث تفسيرا للاتفاق يتناسب مع المرجعيات وخاصة القرار الأممي 2216 الذي لا يعترف باستيلاء الحوثي على مؤسسات الدولة وأراضي الجمهورية ويلزمه بالانسحاب، أي تحديد أن الانسحاب المطلوب هو انسحاب الحوثي لصالح الحكومة الشرعية وهو ما أشك بالتجربة أن المبعوث سيفعله كما أنه إن فعل فإن يقيني أن الحوثي لن يقبله”.
والحل الآخر وفق المخلافي هو أن “تعتبر الحكومة الشرعية ومعها التحالف العربي بعد هذه التجربة الطويلة من محاولات تنفيذ الاتفاق كأنه لم يكن ويعيدا ترتيب خططهما بموجب ذلك”.
وفي تعليقه على أداء المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الذي يتعرض للكثير من النقد في أروقة الحكومة الشرعية، يقول المخلافي إنه “من الأفضل عدم الاستسهال في إلقاء اللوم على الآخرين قبل التأكد مما إذا كنا قد بذلنا كل ما علينا من واجب تجاه قضيتنا”.
وبسؤال ”العرب” حول وجهة الأزمة بين المبعوث الأممي مارتن غريفيث والحكومة الشرعية وهل ستنتهي وما هي الضمانات التي قدمها الأمين العام للأمم المتحدة للرئيس عبد ربه منصور هادي بشأن مبعوثه؟ يقول المخلافي “أعتقد أن قدرة مارتن غريفيث، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، على الاستمرار في مهمته صارت صعبة، وأن الرجل ليس قادرا على استعادة ثقة الحكومة ولا ترميم الأخطاء التي وقع فيها، لأن ذلك إن حدث سيفقده ثقة الحوثي ومسألة استبداله بمبعوث جديد هي مسألة وقت، وأتمنى عندها أن يكون المبعوث الجديد ليس من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بل أن يكون عربيا فذلك أدعى لفهم تعقيدات المشكلة وأبعادها المختلفة“.