استبدلت السقاف بأحد أدواتها القمعية.. المليشيا الحوثية تسلم الحمزي الملف الأمني لأرض الجباية إب
السياسية - Thursday 25 July 2019 الساعة 02:01 pm
وسط مجموعة من الأطفال المجندين ظهر محمد حفظ الله الحمزي (أبو صالح) ببزته العسكرية، اللصيقة به منذ اقتحام جماعته عمران في 2014، بعدد من شوارع إب لدى مباشرته، السبت، عمله كمدير أمن معين من قبل المليشيا الحوثية خلفاً لعبد الحافظ السقاف، أحد رجال الشهيد صالح والمنتمي للمؤسسة الأمنية منذ عقود، بعد أن سقطت ورقته عند المليشيا واتهمته بالوقوف وراء اشتباكات مسلحة بين عناصرها في مدينة إب يونيو الماضي.
أسماء تم تداولها
قبل تعيين الحمزي دارت في أروقة وزارة الداخلية الحوثية عدة أسماء لتسليمها إدارة أمن محافظة إب بينها السقاف ذاته للعودة المشروطة بدعم من يحيى الشامي الشخص الأهم في قيادات الظل الحوثية.
الاسم الثاني الذي تم تداوله بقوة كان عزيز جراب (أبو طارق) المشرف الأمني في أمانة العاصمة، المسؤول عن كثير من الانتهاكات، منها: اختطاف ناشطين وسياسيين واقتحام منازل مواطنين وأعمال قمع وتعذيب في السجون، والمتورط الرئيسي في ظاهرة غريبة على المجتمع اليمني تمثلت في قمع احتجاجات سلمية نسائية أحدها أمام المستشفى العسكري وميدان السبعين بصنعاء طالبت بجثة الشهيد علي عبدالله صالح في ديسمبر، وأخرى أثناء وضع أكاليل ورود أمام منزله في ذكرى استشهاده، إضافة لوقفات احتجاجية في ميدان التحرير وسط العاصمة تطالب بمرتبات قطعها الحوثيون.
وأخذت تلك الانتهاكات مناحيَ خطيرة في حق النساء المعتقلات في سجون خاصة كشفت بعضها جنوب العاصمة، تعرضت فيها النساء لانتهاكات نفسية وجسدية وثقتها شهادات بعضهن، ومنظمات حقوقية.
وكان "أبو طارق" على رأس لجنة مكلفة من زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي للتحقيق في اشتباكات مدينة إب الشهر الفائت، وساهم عقب إنزال اسمه من قائمة التداول لإدارة أمن إب في ترشيح رفيق القمع في عمران والمحويت محمد الحمزي.
في النهاية حسمت المليشيا قرارها بنقل الحمزي "أبو صالح" من موقعه كمدير ومشرف أمني لمحافظة المحويت إلى محافظة إب التي باشر تواجده فيها باجتماع مع قيادات الكوادر الأمنية بالمحافظة وزيارات للسجن المركزي والتجول في شوارع مدينة إب. ولم يفت الحمزي الحديث عن "العدوان" ومحاولاته "زعزعة الأمن والاستقرار" في المحافطة.
تفيد المعلومات أن الحمزي كان مشرفاً أمنياً في عمران إثر اقتحامها، وأهَّله إخلاصه للمليشيا لتولي الملف الأمني لمحافظة المحويت عقب انتفاضة 2 ديسمبر التي شارك فيها أبناء المحافظة بفعالية، ومنذ أوائل العام 2018 مارس الحمزي أعمالاً انتقامية بحق أهالي المحافظة. ويؤكد سكان هناك انتهاكات تعسفية بصورة يومية للمواطنين.
وتشير المعلومات إلى أن الحمزي ضعيف الارتباط بالمؤسسة الأمنية قبل انقلاب المليشيا في سبتمبر 2014، بجانب افتقاره إلى أي مؤهل جامعي، مدني أو عسكري.
ماذا حدث؟
في ظروف الحرب الراهنة تكتسب محافظة إب أهمية كبيرة تأتي من موقعها بين محافظات مشتعلة عسكرياً: الضالع، الحديدة، البيضاء، وتعز. بالإضافة إلى ضعف الحاضنة الشعبية للحوثيين التي انعكست مراراً في تمردات بعضها مسلح في العدين وبعدان والقفر، وبعضها سلمي. وكذا انخراط الآلاف من شبابها في الحرس الجمهوري نخبة الجيش اليمني السابق وإمكانية انضمام أغلبيتهم إلى الجبهات العسكرية ضد الحوثيين مثلما حدث فعلاً في تسلل أعداد من الشباب للقتال في صفوف المقاومة.
تلك العوامل دفعت المليشيا الحوثية إلى وضع قبضتها الأمنية على المحافظة بتعيين عناصر منتمية إليها على رأسها محمد عبد الجليل الشامي مدير الأمن الأسبق، وأبو كاظم المشرف الأمني، وأبو هاشم الضحياني مدير الأمن السياسي (جهاز أمن الدولة)، غير أن العناصر الأمنية الحوثية فشلت في ضبط المسار الأمني، ما ألجأ قيادة المليشيا في صعدة إلى الاستعانة بأحد أبناء المحافظة من ذوي الخبرات الأمنية عبد الحافظ السقاف.
تمكن الأخير من تقليص ابتزاز المواطنين من نقاط أمنية كثيرة جداً وزعها أبو كاظم في شوارع المدن والطرقات بين المديريات، وتخفيف إطلاق النار في الأعراس، وضبط الحركة المرورية، والحد من أنشطة عصابات سرقة انتشرت في المحافظة.
عملياً حقق السقاف خدمة للخطاب الإعلامي والسياسي للمليشيا الحوثية ببعض الاستقرار الأمني، إلا أن ذلك لم يرق لمحدثي النعمة المليشاوية من أبناء المحافظة أو الوافدين من خارجها فعملت على التخلص من مدير الأمن.
تفجر الخلاف بين الجانبين بإلغاء السقاف الازدواج الأمني بين ما تبقى من أجهزة أمن رسمية واللجان الشعبية الذراع العسكري والأمني للحوثيين، وتحييد رجل أمن المليشيا الأول في المحافظة أبوكاظم. واستطاع السقاف الحد من ظاهرة السطو على أراضي الأوقاف والدولة من عناصر حوثية نافذة تزامناً مع ارتفاعات مهولة في أسعار العقارات بعدد من مناطق المحافظة.
نتيجة لهذا خسرت العناصر الحوثية الكبيرة وأتباعها في النقاط الأمنية منابع تمويل مهمة لأوضاعهم المالية والاجتماعية الجديدة في محافظة كثيفة السكان، ونشيطة تجارياً، ولديها نسبة كبيرة من المغتربين اليمنيين في الخارج، ما جعلها أرض جباية خصبة بامتياز لطامحي المليشيا النهمين لتحسين مستوياتهم المعيشية.
من اعتداء حوثيين على قرية في مديرية حبيش قبل شهور، مروراً بافتعال مشكلة بين المحافظ عبدالواحد صلاح ومدير الأمن، وصولاً إلى اشتباكات المدينة الأخيرة، سعت العناصر الحوثية المتضررة إلى إرباك المشهد الأمني في المحافظة لإيجاد ذريعة أمام الرأي العام المحلي في إب المؤيد للسقاف، تسوغ التخلص منه.
مصلحة المليشيا المحلية التقت مع توجهات قيادتها في صعدة بالاستغناء عن خدمات حلفاء سابقين تعاونوا معها كما تشي أحداث ريدة بعمران الأيام الفائتة والأنباء المتداولة عن تغييرات تطول محافظي محافظات منهم صلاح محافظ إب.
إقالة السقاف واستبداله بأداة القمع الحوثية أبو صالح الحمزي وطبيعة أسماء سبق تداولها تشير إلى تعامل أمني قادم بنكهة قمعية في إب، وتعني أن طائفة الأغنياء الطارئين داخل المليشيا انتصرت على المصلحة الأمنية.