الموت لأمريكا.. شعار حوثي زائف تدحضه لقاءات الغزل في مسقط

السياسية - Friday 06 September 2019 الساعة 10:48 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

لا يتذكر الكثيرون من المتابعين كيف شن الحوثيون حملة إعلامية واسعة في العام 2016م تحت مسمى هاشتاج (#امريكا_تقتل_الشعب_اليمني) وروجوا له بكافة الوسائل الإعلامية والسياسية، وحشدوا له كل إمكانيات الدولة ومؤسساتها، وهو الأمر الذي قوبل حينها بانتقادات واسعة، حيث اعتبر المنتقدون يومها أن ذلك تبرئة للسعودية ودول التحالف بالقفز إلى اتهام واشنطن بقتل اليمنيين، لكن الكثيرين لم يكونوا يعرفون أن تلك الحملة كانت متزامنة مع حوارات كان مسؤولون أمريكيون يجرونها سراً مع قيادات حوثية، وانتهت حينها بلقاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بقيادات المليشيات الحوثية في العاصمة العمانية مسقط.

اليوم يتكرر ذات المشهد بطريقة مشابهة لما حصل، حيث تجري قيادات المليشيات الحوثية، الذراع الإيرانية في اليمن، حوارات مع مسؤولين أمريكيين في عاصمة سلطنة عمان مسقط منذ فترة، وهو الأمر الذي خرج إلى العلن بإعلان مسؤول في الخارجية الأمريكية أن بلاده تجري محادثات مع الحوثيين، وهو ما دعا المليشيات إلى المسارعة بتنظيم حملة إعلامية عبر هاشتاج جديد بعنوان (#امريكا_عدو_السلام) والترويج له بنفس وأسلوب وطريقة الترويج الذي تم في العام 2016م حين كانت تجري حوارات سرية بين مسؤولين أمريكيين وقيادات من مليشيا الحوثي.

مسقط.. وعلاقات الحوثي بواشنطن

وعلى الرغم من ان مليشيات الحوثي رفعت منذ نشاتها شعار (الموت لأمريكا) نقلته من السياسة الثورية الإيرانية، إلا أن ذلك الشعار لم يكن سوى مجرد وسيلة عبور سعت وتسعى من خلاله المليشيات الحوثية لفتح علاقات تواصل واتصال مع الولايات المتحدة الأمريكية بشتى الوسائل والسبل.

ومنذ انطلاق عاصفة الحزم التي قادها التحالف بقيادة السعودية والإمارات ضد مليشيات الحوثي في مارس 2015م شهدت العلاقات الأمريكية مع مليشيا الحوثي تطورات كثيرة بعضها كان سراً والأخر تم بشكل علني.

وبدأت تلك العلاقات بعملية تواصل مباشر، حيث احتضنت العاصمة العمانية مسقط عدة لقاءات بين قيادات المليشيات الحوثية وعناصر من المخابرات الأمريكية عقب أشهر من انطلاق عاصفة الحزم وقبيل انطلاق مشاورات جنيف الأولى.

وبعدها وخلال مشاورات الكويت التي امتدت لستة أشهر شهدت العاصمة الكويتية عدة لقاءات بين مسؤولين أمريكيين ووفد المليشيات الحوثية حينها الذي كان إلى جانب وفد المؤتمر، حيث تمت لقاءات عدة بين السفير الامريكي السابق في اليمن ماثيو تولر وقيادات المليشيات، بالإضافة إلى لقاءات مع وكيل وزارة الخارجية الأمريكية حينها توماس شانون، وهي اللقاءات التي كانت مليشيات الحوثي تحاول إخفاءها إعلامياً قدر الإمكان.

وعقب فشل مشاورات الكويت وبقاء وفد التفاوض الحوثي المؤتمري في مسقط زار وكيل الخارجية الأمريكية حينها توماس شانون السلطنة والتقى بالوفد الذي كان يضم قيادات المليشيات الحوثي وقيادات مؤتمرية، وحينها طلبت قيادات الحوثيين من قيادات المؤتمر عدم الإعلان عن ذلك اللقاء عبر وسائل الإعلام، مبررين ذلك بأنه سيهز صورة المليشيات أمام أنصارها.

ومع أن وفد التفاوض عاد إلى صنعاء إلا أن قيادات المليشيات الحوثية حينها سارعت إلى العودة إلى العاصمة العمانية مسقط منفردة ودون علم قيادات المؤتمر الشعبي العام، وحينها التقت القيادات الحوثية بوزير الخارجية الأمريكي في إدارة الرئيس السابق أوباما جون كيري، ووقعت حينها على ما عرفت بمبادرة كيري لإيقاف الحرب، وهي المبادرة التي فشلت.

وأثار حرص المليشيات الحوثية على استبعاد قيادات المؤتمر من اللقاءات التي عقدتها حينها مع كيري الكثير من التساؤلات عن مضمون ومجريات ذلك اللقاء والاتفاق السري الذي خرج به، وهو الأمر الذي أثار، حينها، خلافات مع قيادات المؤتمر الشعبي العام التي رفضت التوقيع على مبادرة كيري قبل تدخل وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي وتوسطه لدى قيادة المؤتمر للقبول بما خرج به لقاء الحوثيين بكيري.

واشنطن تفضح الحوثي مرة أخرى

ومثلما حاولت قيادات المليشيات الحوثية إخفاء اللقاءات التي كانت تجريها مع مسؤولين أمريكيين خلال الأعوام الماضية، سارعت هذه المرة إلى محاولة إخفاء ما يجري وراء الكواليس عبر إطلاق هاشتاجات ضد واشنطن، ومحاولة نفي وجود حوار بينها وبين واشطن، وصولاً إلى إطلاق تصريحات على ألسنة بعض قياداتها عن أن الحوار إذا جرى مع أمريكا فباعتبارها طرفاً في الحرب، كما جاء على لسان القيادي في المليشيا وعضو وفدها التفاوضي عبدالملك العجري.

لكن في المقابل فإن التصريحات الأمريكية فضحت المحاولات الحوثية إخفاء اللقاءات بينها وبين المسؤولين الأمريكيين، حيث اعلنت مصادر أمريكية وجود حوارات جارية حالياً بين واشنطن والقيادات الحوثية، وهو الإعلان الذي كان سبقه تصريحات لمسؤولين أمريكيين عن سعي الولايات المتحدة التوسط لإجراء حوار بين السعودية والمليشيات الحوثية بهدف إيجاد حل لإيقاف الحرب.

وتؤكد مصادر مقربة من مليشيات الحوثي لنيوزيمن، أن المبعوث الأممي إلى اليمن البريطاني مارتن جريفيث لعب دور الوسيط إلى جانب الدبلوماسيين العمانيين في الترتيب لإجراء الحوار بين المليشيات الحوثية والمسؤولين الأمريكيين.

وتثير الحوارات السرية الجارية بين المليشيات الحوثية والمسؤولين الأمريكيين الكثير من التساؤلات عن مضامينها، وما يمكن أن تصل إليه من اتفاقات خصوصاً في ظل حرص المليشيات الحوثية على إخفاء وإنكار هذه الحوارات مراراً وتكراراً قبل أن تضطر للإعلان عنها وتبريرها.

ويشير المراقبون إلى أن المليشيات الحوثية التي ترفع شعار الموت لأمريكا حرصت أكثر من مرة على إطلاق سراح مواطنين أمريكيين اعتقلتهم في صنعاء بدون أي مقابل سوى الحصول على إذن بمغادرة بعض قياداتها وجرحاها إلى سلطنة عمان، فيما تعنتت ولا تزال في السماح لقيادات يمنية معتقلة لديها حتى من التواصل مع أسرهم، وهو ما يكشف حقيقة ما تمارسه هذه المليشيات من تضليل وأكاذيب برفع شعارات الموت لأمريكا وإسرائيل، وممارسة عملية القتل والدمار بحق أبناء الشعب اليمني.