أعراس سبتمبر.. مقاومة مجتمعية صامتة لخرافات الحوثي
متفرقات - Tuesday 24 September 2019 الساعة 08:39 am
بطريقتهم الخاصة يحتفل قطاع واسع من اليمنيين في العاصمة صنعاء بشهر سبتمبر / أيلول هذا العام، كما لو أنهم يسدّون فراغ الدولة الوطنية الجامعة، الدولة الخالية من العقد العنصرية والطائفية والمذهبية والمناطقية، يحتفل اليمنييون بسبتمبر الثورة والجمهورية، بالانعتاق والتحرر من النظام الكهنوتي الاستبدادي في يوم الـ(26) من سبتمبر/ أيلول عام 1962م.
أكثر من (12) قاعة وصالة مناسبات اجتماعية في اثنين من أحياء العاصمة صنعاء، استكملت حجوزاتها لمعظم أيام شهر سبتمبر 2019م، في ظاهرة لافتة وغير اعتيادية، فقد اعتاد هؤلاء أن يكون موسم الإقبال على الأعراس والمناسبات الاجتماعية بالتزامن مع الأعياد الدينية، الأيام التي تلي عيد الفطر أو عيد الأضحى من كل عام.
رقم قياسي في سبتمبر
يقول العامل بإحدى صالات الأفراح والمناسبات الاجتماعية في صنعاء، إبراهيم عبدالباقى، إن حجوزات شهر سبتمبر لهذا العام بلغت رقماً قياسياً مقارنة بأعوام سابقة، "إقبال غير طبيعي، الكل يشتي يتعّرس في سبتمبر"، وحسب عبدالباقى ليس لأن للموضوع علاقة بتاريخ زمني أو ذكرى عزيزة لها ارتباط بالعريس أو العروس، أو أقاربهم، مضيفاً "أو حتى اختيار موعد المناسبة متوافق مع يوم تاريخي"، معتقداً بأن للأمر دلالات وأبعاداً أشمل من ذلك بكثير.
في صالة أفراح حديثة أطراف العاصمة صنعاء، يصل العريس متوشحاً حول عنقه رداءً مطرزاً بألوان علم الجمهورية اليمنية، يلج بوابة القاعة، فتصدح مكبّرات الصوت عازفة السلام الجمهوري للجمهورية اليمنية، يهتز محيط القاعة، يقف الحضور على رؤوس أقدامهم منشدين بأصوات مرتفعة: "ردّدي أيتها نشيدي.."، إلى آخر كلمات النشيد الوطني لليمن.
خلف مقعد العريس، أو منصة الصالة، يتربع مجسم خشبي لشعار الطير الجمهوري، الشعار الرسمي للجمهورية اليمنية، النّسر الفارد لجناحيه قابضاً على عبارة "الجمهورية اليمنية"، وعلى جنبات مقعد العريس، من جهتي اليمين والشمال، تتدلى نسختان رسميتان مطليتان بلون ذهبي لعلم الجمهورية اليمنية، يزين حدودها خيوط زخرفية، فيبدو المكان برمّته بمجموع هذه العناصر وتفاصيلها كما لو أنّه باحة القصر الجمهوري، ويبدو العُرس في مجمله كما لو أنه مراسيم رسمية دقيقة.
> فعاليات "ولاية" الحوثي الباهتة عبرت عن رفض اليمنيين
مواجهة مجتمعية تلقائية
ويرى الباحث الاجتماعي، فيصل حسان، في تفسيره لتنامي ما يمكن تسميتها ظاهرة "الأعراس الجمهورية أو السبتمبرية"، يرى فيها نوعا من المقاومة المجتمعية التلقائية، لأفكار رجعية وشعارات غير وطنية دخيلة على المجتمع اليمني، وتمثّل هذه الشعارات الدخيلة تهديدا أو مساسا بالثقافة الوطنية والولاء الوطني وقيم الثورة والجمهورية وأهداف الثورة اليمنية 26 سبتمبر.
وفي ظل محاولات تدجين شريحة الشباب بأفكار وشعارات مستوردة من غابر التاريخ، في إشارة إلى صرخات وشعارات ومناسبات مليشيشا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- يعتقد حسان أن ارتفاع منسوب الوعي المجتمعي خلق هذه الظاهرة كنوع من المواجهة الصامتة، والتي تعبّر في أبعادها عن حالة من الانشداد إلى المنطقة الآمنة، أو الاحتماء من مخاطر محدقة، لا يستطيع الفرد صدها بمفرده في غياب القيادة والقوة المساوية لقوة هذه المخاطر..