دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر (5): أبكر يوسف بيرو

المخا تهامة - Tuesday 24 September 2019 الساعة 11:18 pm
نيوزيمن، كتب/ أ.د عبدالودود مقشر:

قاد أبكر يوسف أول حركات المعارضة السلمية في القطاع العمالي في ميناء الحديدة، وكان ذلك سبباً لطرده من عمله الوظيفي بهذا الميناء، ولم تكتف السلطات الإمامية بذلك، بل أراد نائب المقام في تهامة القاضي حسين الحلالي (1363- 1368هـ / 1944- 1948م) إرساله مع المتعاونين معه إلى سجون حجة بدعوى الدعوة إلى الإضراب والاعتصام، ولكن عُفي عنهم فيما بعد.. بعد أن تقدموا بتعهدات لجهات الاختصاص بتعز. كما ذكرت جريدة اليقظة بعدن في عددها 58.

دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر(4): إبراهيم صادق

دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر(3): علي عبدالعزيز نصر

دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر(2): يوسف الشحاري
دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر(1): محمد الأهنومي

دل هذا الاتجاه على مدى ثقافة واطلاع أبكر يوسف على العمل النقابي وأبجديات التدرج للمطالبة بالحقوق وانتزاعها، واطلاعه على المعرفة والثقافة الإنسانية، وتغلغل الأفكار المتحررة والمتجددة من خلال نهم أبكر في القراءة المبكرة لرواد الفكر العربي، ومجالسة أبكر يوسف للطبقات الكادحة علمته تحسس الآلام ومعاناة هؤلاء اليمنيين الشغيلة المهضومين، ومعهم بقية الشعب اليمني بكل فئاته، وأفاده ذلك الاحتكاك بهم -وهو المتعلم والمثقف فيما بعد– في المطالبة بالحقوق السياسية والاقتصادية والتعليمية، وأكسبته بعداً إنسانياً اعتنق أفكاراً تقدمية بسبب ذلك، وتزعمه لأول إضراب أعطاه بعداً كاريزمياً، جعله يثقف نفسه ثقافة ركز فيها على تكوين الاتحادات والجمعيات والكيانات السياسية والاجتماعية.

بعد خروجه من سجون الإمامة بالحديدة، انطلق إلى الحجاز، وعمل ضمن مجموعات تجارية تدير ثروات هائلة وهي مجموعة الشربتلي، وبعد أن اشتغل في السعودية، انتقل إلى عدن للتجارة، حيث عاش صديقاً للكثيرين ومنهم المفكرون والشعراء وأبرزهم: صديقه المحامي محمد علي لقمان وابن تهامة عبده حسين أدهل والشاعر محمد سعيد جرادة ولطفي جعفر أمان وحمزة لقمان والنقابي عبدالله الأصنج وعبدالله فاضل فارع وحسن صالح شهاب في فترة متأخرة.

وكان يواصل الكتابة في صحيفة القلم العدني وفتاة الجزيرة والنهضة والجنوب العربي والبعث... وغيرها.

ونشر مطالبه ونصائحه للحكومة المتوكلية اليمنية ليحملها على الاهتمام بنشر التعليم في اليمن وتعيين أبنائها في الدولة، والمطالبة بالمساواة والعدالة، فانتمى إلى حركة المعارضة اليمنية وأصبح عضواً عاملاً في الاتحاد اليمني في عدن، وعضواً إدارياً في الهيئة الإدارية، وفي أثناء عضويته في الاتحاد اليمني اختلف مع دار الاتحاد اليمني في مصر برئاسة محمد محمود الزبيري، ثم اختلف مع الشيخ عبد الله علي الحكيمي في عدن، ولكنهما اصطلحا لأن الخلاف كان إدارياً ولم يكن جوهرياً، وهو ما ذكره الأستاذ علي محمد عبده فقال: (من المفارقات الغريبة أن أبكر يوسف بيرو عضو الهيئة الإدارية للاتحاد اليمني بعدن الذي تولى جمع التوقيعات لتنازل الأستاذ عبد القادر علوان عن رئاسة الاتحاد للشيخ عبد الله الحكيمي فور وصوله إلى عدن كان أبكر مندوباً في عدن للاتحاد اليمني بمصر).

وصل أبكر يوسف إلى مصر لغرض قضاء الصيف في القاهرة، وجاء لاستقباله في ميناء بور سعيد السيد علي الجناتي سكرتير الاتحاد اليمني، والسيد يحيى الوادعي من موظفي جامعة الدول العربية، ووصل القاهرة، فاستقبله الطلبة اليمنيون جميعاً لأنهم يحبون فيه إخلاصه في سبيلهم، فقد كان يخدمهم في عدن وأنزله الطلبة في بيتهم، وصحبوه في تنقلاته، وذهب أبكر يوسف لزيارة الزبيري في الاتحاد اليمني، والتقى يحيى زبارة وهو يعيش مع الزبيري ويعمل معه في الاتحاد اليمني، وفي الرابع والعشرين من أكتوبر 1954م حضر أبكر يوسف مهرجان الفنانين في الأوبرا الملكية وقرر السفر يوم الثلاثاء بالطائرة وكانت فرصة رأى فيها أبناء عدن قادة الأحرار، ولكن نيابة أمن الدولة المصرية قد اتصلت بأبكر تطلب منه جواز سفره فوعدها بإحضاره من المفوضية اليمنية في صباح الاثنين، وفي صباح الاثنين قبضوا عليه للتحقيق وانتهى التحقيق بتكليفه بمغادرة البلاد، ولم يذهب أحد من الاتحاد اليمني يستفسر عن أبكر أو يعرض كفالة.. بل تحرك حوالي سبعين طالباً من طلاب اليمن وأبرقوا إلى الرئيس جمال عبد الناصر يحتجون، ثم كتبوا عريضة يشرحون فيها موقفهم وقلقهم.. ولم يعلم أحد أين أبكر وما هو مصير أبكر، وتابعت جريدة القلم العدني تحقيقها عن ذلك بعددها 60، السنة الثانية، الأربعاء 7 ربيع الأول 1374هـ / 3 نوفمبر 1954م. أصدرت يوم الجمعة بيانا قالت فيه بأن السلطات المصرية قررت تسفيره لاتصاله بهيئات أجنبية وقيامه بنشاط يهدد مصالح أمن الدولة، واهتمت الصحف العدنية بذكلك ونشر كل الحيثيات، ورجع أبكر يوسف بيرو إلى عدن وكان شعلة كفاح حتى قامت الثورة فكان في مقدمة الثوار.

ملخص لترجمة حياته:
أبكر يوسف بيرو، من مواليد الحديدة بحارة الهنود في1338هـ/ 1920م، درس في مدرسة داخل السور، ثم انتقل إلى المدرسة السيفية، حيث تأثر بالأستاذ نشأت الجيلاني ومحمد الخلوصي وصغير سليمان عايش وأحمد لقمان وأحمد الكتري، توظف في ميناء الحديدة وتولى رئاسة العمال والطبقات الكادحة بهذا الميناء، وطالب بحقوق هؤلاء الكادحين واصطدم مع السلطات الإمامية، وتعززت قناعته بالظلم الفادح الذي حاق من السلطات الإمامية، وغادر إلى الحجاز عبر جيزان، لكن السلطات السعودية اعتقلته بتهمة عدم وجود جواز لديه، ورحلته لبلاده، وحصل على جواز سفر بعد مشقة، وعاد للسفر إلى السعودية، حيث اشتغل بعدد من الأعمال وآخرها عمل موظفاً عند مجموعة حسن عباس الشربتلي التجارية، ودعا إلى الأفكار الثورية بالحجاز، ففر إلى عدن، وهناك ارتبط بحركة المعارضة اليمنية وعلى رأسها الاتحاد اليمني، وأصبح أحد أبرز أعضاء الاتحاد اليمني فرع عدن، ثم سافر للقاهرة ولكن السلطات المصرية ألقت القبض عليه وطرد، فعاد إلى عدن ومكث بها واشتهر بكتاباته عن معاناة اليمن ومطالبة الإمام أحمد بتحسين أوضاع اليمنيين. جرى اعتقاله مرات عديدة في سجون السلطات الإمامية باليمن، السعودية، المصرية، والسلطات الاستعمارية البريطانية بعدن، تجاهلته الثورة والثوار عن قصد لعداء بعض قادة المعارضة اليمنية له ولأفكاره، اختطف في أوائل عام 1970م، ولا يعرف مصيره إلى الآن، ترك مجموعة مقالات كلها عن اليمن والمطالبة بحقوقها وسبل تطويرها.