دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر(6): يوسف هبه عبد الله الزرنوقي

المخا تهامة - Wednesday 25 September 2019 الساعة 10:46 pm
نيوزيمن، كتب/ أ.د عبدالودود مقشر:

نال يوسف هبه عبد الله قسطه من السجن لأول مرة في أحداث حركة 1948م، باعتباره أحد المؤيدين لحركة 48 الدستورية، وبعد الإفراج عنه، اتجه إلى دعم السجناء بحجة مع صديقه الأستاذ صالح محمد عباس والشيخ سيف عبدالرحمن العريقي، وكان رسولهم إلى حجة الأستاذ عبدالله مقبول الصيقل، وكان ممن حمل الثورة اليمنية معه في زياراته مع إخوانه من حركة المعارضة في الداخل للمبارز والمنازل والدكاكين للتوعية والتعليم، وكان معروفاً بإيمانه بقضيته وتحمل إيذاءً شديداً، وتطاول عليه السفهاء، فكان الحليم والأرشد بين مجموعته، وشارك في كتابة المنشورات المنددة بحكم الإمام وقام بتوزيعها وإلصاقها.

دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر (5): أبكر يوسف بيرو

دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر(4): إبراهيم صادق

دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر(3): علي عبدالعزيز نصر

دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر(2): محمد الأهنومي

دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر(1): يوسف الشحاري

أقام الأستاذ يوسف هبه عبد الله علاقة واسعة مع إخوته من الأحرار اليمنيين، ومنهم القادة العسكريون: عبدالله السلال ومحمد الرعيني وعبدالله اللقيه ومحمد حسن غالب وحسين عنبه وحسين الدفعي، والمشايخ مثل: سنان أبو لحوم وعبدالله بن حسين الأحمر ومحمد أبو لحوم، والمدنيون كحسين المقدمي، شارك في عملية ترتيب اغتيال الإمام أحمد بواسطة عملية انتحارية بالمتفجرات بواسطة صديقه سعيد حسن فارع الذبحاني "إبليس".

عملية سعيد حسن فارع "إبليس"

ارتبطت العملية الانتحارية التي أزمع سعيد حسن فارع "إبليس" تنفيذها بتنسيق عالٍ بين جميع أطياف المعارضة في الداخل والخارج وبدعم مصري كامل، وكان سعيد فارع الذبحاني قد افتتح لهذا الغرض مكتبة بالحديدة أسماها "المكتبة الثقافية الكبرى"، وكانت بجوار قصر الشراعي باشا المطل على البحر داخل باب مشرف، وكانت المكتبة مصدر تنوير فكري وقومي، حيث استقدمت أغلب المجلات والصحف المصرية باعتبار الذبحاني وكيلاً للمطبوعات المصرية، واستقدم كتباً مسموحاً بها وكتباً ممنوعة، وكان ذلك "غطاءً لنشاطه السياسي حيث يقوم بنقل المنشورات والصحف الوطنية من عدن، وكان يتولى توزيع هذه المنشورات في الحديدة شاب يدعى علي مارش بالتعاون مع امرأة ترتدي الحجاب لا يعرف اسمها".

وعقد صداقات مع القوى المعارضة اليمنية بالحديدة ومنهم: عبدالله مقبول الصيقل، ويوسف هبه عبد الله، والدكتور فضل الله الزاقوت، وحسين المقدمي، ومحمد الرعيني، والشيخ أمين عبدالواسع، والحاج سيف عبدالرحمن العريقي... وغيرهم، وبعد تعقد الوضع خاصة مع المشايخ، واعتقال الشيخ حميد بن حسين الأحمر ووالده الشيخ حسين بن ناصر الأحمر، اتفق أغلبية مشايخ اليمن على تصفية الإمام أحمد واغتياله، اتفقت رغبة هؤلاء المشايخ مع حركة المعارضة اليمنية، وكذلك مع توجه مصري لإطاحة بالنظام الإمامي في اليمن، يقول المقدمي في مذكراته: "لقد جاء السفير المصري مصطفى الدسوقي، مع القائم بالأعمال محمد عبد الواحد إلى الحديدة في تلك الفترة لغرض اللقاء والاتفاق مع اللواء حمود الجائفي، وكان يومها مسئولاً عن الميناء كي يقبل التعاون مع مصر للإعداد لانقلاب عسكري لتغيير النظام، فاتصلوا بي أولاً، وطلبوا مني إقناع اللواء حمود الجائفي باللقاء معهم في أي مكان قبل أن يعلمونا ما هو الغرض نفسه، فأقنعت الأخ حمود بذلك، وكان في بداية الطرح قد تهرب واعتذر عن اللقاء، ولكني أقنعته بعد إلحاح كبير واتفقنا على الخروج معاً للالتقاء بهم وعلى أساس التقينا بهم صدفة خارج الحديدة، وكان اللقاء بعد أن اتفقنا على المكان جنوب الحديدة "غليفقة" والتي كنا نخرج إليها عادة لصيد الظباء، وبعد أن التقينا بهم هناك طرحوا على الأخ حمود الجائفي فكرة أن يعمل ويستعد للانقلاب على الإمام وهم على أتم الاستعداد لتقديم العون اللازم سلاحاً ومالاً ولكن الأخ حمود رفض ذلك وأبدى لهم وجهة نظره بكل صراحة، وهي أن مثل هذا العمل لا يمكن أن يتحقق، لأن الجيش اليمني غير واع وغير مستعد لعمل هذا، كما أن القبائل يشكلون مشكلة كبرى كما حدث في حركة 48.. والموضوع يحتاج إلى وقت طويل وإلى مزيد من الوعي والتخطيط"، فيما بعد لجأ المصريون إلى الاقتناع بالعملية الانتحارية التي اتفقت عليها كل الأطياف اليمنية، كما ذكر سنان أبولحوم في مذكرته، فـ"عزم الأخ عبدالسلام صبره إلى الأخ عبدالله السلال وأعطاه ثلاث قنابل يدوية وأوصلها وعزمنا إلى بيته، ثم سلمها لسعيد إبليس وقد فهمت فيما بعد أن القنابل كانت من العقيد أحمد أبو زيد أعطاها السلال وهي صناعة إنجليزية حتى إذا اكتشفت لا يتهم فيها المصريون".

واكتشف نائب الإمام بالحديدة يحيى عبدالقادر في اللحظات الأخيرة أن سعيد فارع كان وراء توزيع المنشورات التي تهاجم الإمام، فأرسل إلى الإمام بالسخنة ليخبره بهذا الاكتشاف، أمر الإمام باعتقاله ولكن بعض أصدقائه أخبروه بذلك، فاختفى لدى الحاج سيف عبدالرحمن بمنزله وبعد مداهمة مكتبته لاعتقاله، أخبرهم العامل بالمكتبة بأنه سافر إلى عدن، فاتجهوا إلى محمد الرعيني مدير المطار يسألونه عن سفره، فأخبرهم أن كثيرين سافروا على الطائرة ومن المحتمل أن يكون من ضمنهم فقد كان من دفع الأجرة استقل الطائرة ولم يكن في كشوف، وانطلت الحيلة وعادوا إلى أمير الحديدة يخبرونه بأمر سفره، ويقول الحاج سيف عبدالرحمن إنه والأحرار في الحديدة عندما سمعوا باستسلام الشيخ حميد بن حسين الأحمر ورفيقه الشيخ علي بن ناجي الشائف للقوات الإمامية وأعوانها في الجوف وضعوا خطة لقتل الإمام أحمد قبل وصول الشيخ حميد مقبوضاً عليه وعلى والده وكنا في سباق مع الزمن ليتم إنجاز مهمتنا قبل أن تصل يد الإمام إليهم، وتم وضع خطة يقوم بتنفيذها سعيد إبليس مع خمسة وأربعين قبيلياً من حاشد وبكيل بالسخنة، وكان سعيد مختفياً في منزل أحد الأخوة فذهبنا إليه أنا والشيخ أمين عبدالواسع فأخبرناه بما يجري لكي نعرف موقفه فرد علينا بإصرار "لابد من الفداء".

يتضح من سياق الأحداث أن فشل العملية ترتبت عليه نتائج كارثية لليمن، أقلها مقتل المشايخ حسين الأحمر وولده حميد وعلي بن ناجي الشائف، واستمر دور يوسف هبه عبد الله النضالي كما شهد به الأحرار اليمنيون حتى حدثت عملية العلفي واللقية والهندوانه، فصدر أمر إمامي بإيداع يوسف هبه السجن في الحديدة، كما ذكرت جريدة فتاة الجزيرة، العدد 1639، يوم الخميس11 ذي الحجة 1380هـ / 1 يونيو 1961م، فذكره المقدمي ضمن من سجن فقال: "وكذا الأخ يوسف هبه عبدالله، وهذا كان صديق الجميع وأصله من الزرانيق.. اعتقلوا وحقق معهم وقيدت أرجلهم بقيدين ".

ملخص لترجمة حياته:
يوسف هبة عبد الله السعيدي الزرنوقي ولد بقرية السعادية بمدينة بيت الفقيه في 1348هـ/ 1930م، وتلقى تعليمه الأساسي بالمكتب الأحمدي في بيت الفقيه، ثم انتقل مع والده إلى الحديدة، وسكن بالمطراق وعمل والده في التجارة بالطعام والسليط والسمن، وكان ولده يوسف يساعده، إلى جانب إكماله لدراسته بالمدرسة السيفية مع زملائه في حركة المعارضة التهامية، وممن درسه الأستاذ محمد الخلوصي، والعزي المصوعي، وصغير سليمان الحكمي، وعايش بن حسن المدني... وغيرهم.

سعى لتثقيف نفسه عبر القراءة المستمرة التي واكب خلالها الحركة التنويرية في الوطن العربي، واتجه للتجارة، وعمل مع حركة المعارضة اليمنية، وشارك في العمليات ضد الإمام أحمد وسجن مرات عدة.

بعد قيام الثورة تولى رئاسة البلدية بالحديدة ثم بعض المؤسسات الثورة، ومنها مستشفى الثورة بضغط من صديقه حسين المقدمي، ثم اعتزل السياسة لخلافه المستمر مع سنان أبو لحوم، واتجه للتجارة حتى وفاته قبل والده في 1976م.