لغم حوثي خطف حياته بينما يزود العائدين إلى موزع بمياه الشرب

المخا تهامة - Saturday 28 September 2019 الساعة 07:32 pm
موزع/ المخا، نيوزيمن، خاص:

ذات ظهيرة يوم قائظ من عام 2018 حاول سعيد، الذهاب إلى البئر التي تروي مزرعته الخاصة في مديرية موزع على متن شاحنة رباعية الدفع، كانت مهمة إنسانية وهي إمداد السكان العائدين إلى ديارهم بمياه الشرب التي يفتقرون إليها.

كان ذلك بعد أيام قليلة من تحرير موزع من مليشيات الحوثي، فالسكان العائدون إلى قراهم بعد أن كانوا قد هجروها قسراً، يفتقرون إلى المياه، ولذا ذهب ذلك الرجل الذي يعول 3 أطفال بنية المحسن الذي لقي أجله من أجل عمل الخير.

قاد سعيد دشني، شاحنته واتجه بها صوب البئر، وعند منتصف الطريق الذي يمر داخل الحقول الزراعية، عبرت الشاحنة فوق لغم مضاد للمركبات، بعد أن زرعت مليشيات الحوثي المئات منها وسط الحقول الزراعية.

انفجر اللغم وتطايرت مقدمة الشاحنة، كما تطايرت معها الأطراف السفلية لسعيد، وبترت من الفخذين، فضلاً عن إصابته بعشرات الشظايا التي اخترقت أغلب أجزاء جسده.

كان صوت الانفجار قوياً، وكان الأهالي يظنون أنه ناجم عن قصف طيران التحالف العربي لهدف حوثي، لكن الحقيقة كانت أسوأ مما اعتقدوا، وهو أن سعيد البالغ من العمر نحو 30 عاماً، انفجر بشاحنته لغم أرضي، وهو في حالة صحية يرثى لها.

غامر الأهالي بالدخول إلى حقل الألغام الذي كان مليئا بالعشرات منها، وانتشلوه وهو فاقد للوعي، وبقع الدم وأجزاء من اللحم المتطايرة تمتلئ بها مقدمة الشاحنة المدمرة، أما سعيد فقد كان في لحظة الاقتراب من الموت وفي مشهد صادم لم يسبق للأهالي أن شاهدوا مثله من قبل.

أوصلوه إلى المركز الطبي بالمديرية وهو بحالة يرثى لها وتم إعطاؤه بعض الحقن المهدئة، دون أن يتمكنوا من إيقاف نزبف الدم المتدفق من أطرافه السفلية بعد أن بترها الانفجار، نقل إلى مستشفى البرح عسى أن يحصل على رعاية طبية بشكل أفضل، لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة.

يقول شقيقه علي، كانت لحظات قهر وألم، أن تشاهد أعز شخص لديك وهو بتلك الوضعية المميتة، دون أن تكون قادرا على إنقاذ حياته.

يضيف، "لم يكن بمقدورنا عمل شيء لإبقائه على قيد الحياة، فالطرق جزأتها مليشيات الحوثي، وجعلت الوصول إلى المستشفيات الكبيرة في تعز أو عدن أمراً مستحيلاً.

لدى سعيد ثلاثة من الأبناء، طفلان وطفلة، أكبرهم في الخامسة من العمر، لم يدركوا ما تعرض له والدهم من مأساة أزهقت روحه دون ذنب، فترتسم على وجوههم علامات اليتم والحرمان من حنان الأب الذي لا يمكن لاحد أن يملأ فراغه.

يسألون عن موعد مجيئه وينتظرون عودته، دون أن يدركوا أن لغماً تابعاً لمليشيات الحوثي قذف به إلى حياة الآخرة.