فورين بوليسي: انتكاسة الهيمنة الإيرانية (ترجمة)

تقارير - Friday 13 December 2019 الساعة 09:49 pm
فورين بوليسي، نيوزيمن، ترجمة خاصة:

هناك عامل مشترك يربط بين الانتفاضة التي تجتاح الشرق الأوسط من بغداد إلى بيروت، وهو شعور عميق وواسع الانتشار بالكراهية نحو النظام الإيراني. وهو شعور حقيقي خاصة في البلدات والمدن التي تشهد عنفاً دموياً بالعراق، وهو البلد الذي ينظر إليه قادة إيران منذ ثورة 1979 على أنه ملك لهم.

ومنذ اندلاع الانتفاضة في مطلع أكتوبر، قتلت قوات الأمن المختلفة ومنها الميلشيات الشيعية المدعومة من إيران أكثر من 400 عراقي وأصابت نحو 20 ألفاً آخرين.

لا يوجد فقط سبب مقنع لتصديق أن الكثير من الأعمال الوحشية حدثت بناء على طلب المرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامنئي وقاسم سليماني القائد السيء السمعة لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ولكن الأدلة المتوفرة تؤكد هذا.

ومع إدراك المزاج المناهض للإيرانيين في شوارع العراق، والذي تمثل في ضرب المحتجين لصور خامنئي بأحذيتهم، لم يتردد خامنئي المتوتر في التدخل.

ومشيراً إلى الاحتجاج على أنه مؤامرة دبرتها الولايات المتحدة والسعودية والنظام الصهيوني، دعا خامنئي القوات في العراق إلى "علاج انعدام الأمن والاضطراب"، الدعوة التي كانت بمثابة ضوء أخضر للمليشيات المدعومة من إيران لسحق انتفاضة العراق.

وتعود العلاقة بين النظام الإيراني وعدد من الشخصيات الأكثر نفوذا في العراق إلى 4 عقود. ولكن بصمات سليماني وجدت في مناطق أخرى بالعراق. فقد ظهر مؤخراً أنه في اليوم التالي لبدء الاحتجاجات، أن الجنرال الإيراني طار إلى بغداد سرا للقاء المسئولين الأمنيين.

ودعا سليماني إلى نهج صارم في التعامل مع الأشخاص في الشوارع، مكررا قوله "نحن في إيران نعرف كيف نتعامل مع الاحتجاجات"، في إشارة ضمنية إلى القمع العنيف السابق للمظاهرات السلمية في إيران، وبشكل أكثر عدوانية في سوريا.

وتخطى عدد الوفيات في العراق الـ 100 في اليوم التالي لمغادرته، الأمر الذي يؤكد قوة كلمة إيران في العراق.

لكن من أين تحصل طهران على نفوذها على بغداد؟

منذ اللحظة التي عاد فيها روح الله الخميني مؤسس الجمهورية الشيعية إلى إيران في 1979، وضع نصب عينيه تصدير الثورة الشيعية إلى العراق الذي يشكل أغلبية سكانه من الشيعة.

بالنسبة للخميني، فإن السيطرة على مدن النجف وكربلاء العراقية، أقدس المواقع عند الشيعة بعد مكة والمدينة، بمثابة أخذ عباءة المذهب الشيعي وأتباعه البالغ عددهم الآن 200 مليون شخص.

ولتحقيق هذا استثمرت إيران بسخاء في أدوات القوة الصلبة والناعمة لتوسيع نفوذها في العراق.

وأخيرا، هذا الاستثمار أتى بثماره، فعدد من أبرز الشخصيات الآن في العراق، ومنهم أبو مهدي المهندس، وهادي الأميري، مسئولين سابقين في الحكومة وقادة الملشيات الأكثر قوة المدعومة من إيران، كانوا قد تم تجنيدهم في البداية من قبل الحرس الثوري الإيراني في مطلع الثمانينات لنشر الثورة الشيعية في العراق. لكن الخميني لم يعش ليرى السيطرة على العراق، ما يجعل خليفته أكثر اشتياقا لتذوق ثمارها.

وبعد سقوط صدام في 2003، عملت إيران من خلال الحرس الثوري وشخصيات مثل المهندس والأميري على تجنيد شباب شيعي وتنظيمهم في مليشيات.

هؤلاء المجندون لم يقتصر الأمر على تدريبهم عسكريا فقط، بل وأيضا أيديولوجيا لضمان اقتناعهم المطلق بأن خامنئي هو السلطة العليا في العالم الشيعي.

وجوهر الأمر، هو أن طهران خططت لتطبيق نموذج "حزب الله" –الجماعة الشيعية اللبنانية المدعومة من إيران- في العراق: بالرعاية العسكرية لكسب السيطرة على الأرض، في الوقت الذي تشجع فيه هؤلاء المسلحين على الاستفادة من الديمقراطية الجديدة كوسيلة لاختراق المؤسسات السياسية. وعزز هذه الجهود العلاقات الدينية العابرة للحدود والعلاقات الشخصية.

الآن إيران لديها نحو 100 ألف من رجال المليشيات الشيعية المسلحة، الكثير منهم أكثر ولاءً للخميني عن العراق، وهم باستمرار يقوضون سيادة حكومة بغداد، ولهم قانونهم الخاص.