ابتزاز طلاب المدارس بمادة السلوك.. عبث حوثي بالتربية

تقارير - Wednesday 12 February 2020 الساعة 08:30 pm
نيوزيمن، أحمد فؤاد:

أقرت مليشيا الحوثي في صنعاء إضافة مادة السلوك إلى المواد والمقررات الدراسية على طلاب المرحلتين الأساسية والثانوية في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، في ما يعد إجراءً تشطيرياً جديداً لقطاع التربية والتعليم في اليمن.


واعتبر قرار مليشيا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- الصادر أواخر العام 2019م، مادة السلوك مادة دراسية يتوجب على الطالب اجتيازها لتحقيق النجاح مثلها مثل أي موادة دراسية أخرى.


واعتبر عاملون في قطاع التربية والتعليم، إقرار مليشيا الحوثي لهذه المادة، وفي ظل انقطاع مرتبات المعلمين، وانعدام الكتاب المدرسي، قراراً ارتجالياً يفتح باب ابتزاز الطلاب وأولياء أمورهم على مصراعيه، ويمهد لإجبار الطلاب على حضور الفعاليات التحشيدية والتجمعات الحربية التي تنظمها مليشيا الحوثي بدوافع مذهبية طائفية، خارج السياق التربوي والتعليمي، وقوانين التعليم في اليمن.

جهل حوثي بالقيمة التربوية لمادة السلوك  

وكان لافتاً تخبّط مليشيا الحوثي المسيطرة على وزارة التربية والتعليم، وجهلها في معرفة وإدراك القيمة التربوية الحقيقية من تقويم سلوك الطلاب خلال العام الدراسي، مختزلةً هذه العملية في توزيع 100 درجة على مجموعة من الأنشطة المدرسية الاعتيادية للطلاب وعلاقاتهم ببعضهم البعض وبمدرسيهم.

وفي استمارتين متناقضتين منحت مليشيا الحوثي سلوك الطالب مع زملائه 5 درجات في الاستمارة الأولى، وفي استمارة ثانية 20 درجة، ورصدت هنا مؤشرات سلوك الطالب بما قالت إنه: يبادر إلى مساعدة زملائه (5 درجات)، ويحافظ على ممتلكات زملائه (5 درجات)، ويضبط انفعالاته في المواقف المختلفة (5 درجات)، ويراعي حقوق أقرانه (5 درجات).

ومنحت مليشيا الحوثي مشاركة الطالب في ما أسمتها الأنشطة الصيفية واللاصيفية (20 درجة)، وما وصفتها بالمبادرات الإبداعية، والمبادرات الذاتية (الفردية) الإبداعية (20 درجة) أخرى، فيما يعد هنا إجراء قسريا لإجبار الطلاب على المشاركة في الفعاليات التحشيدية والمعسكرات والمراكز الصيفية التي تنظمها مليشيا الحوثي لاستقطاب الشباب والدفع بهم لجبهات القتال وقودا لمعاركها العبثية.

استثمار حوثي للمدارس وإلزام الطلاب بحمايتها

وفي تناقض فاضح بين ممارسات مليشيا الحوثي على أرض الواقع، وبين معايير تقويم ما تعتبرها مؤشرات مادة السلوك، حددت المليشيا 15 درجة لرصد مؤشرات سلوكيات الطالب مع إدارته، موجبة على الطالب الالتزام بتنفيذ التعليمات والضوابط الإدارية (5 درجات)، دون تحديد ماهية تلك التعليمات والتوجيهات، وموجبة على الطالب، المحافظة على الممتلكات المدرسية (5 درجات)، من الكتب التي يشتريها الطلاب بأنفسهم من السوق السوداء، كما ألزمت الطالب بحماية المرافق العامة المدرسية، التي تقوم مليشيا الحوثي ذاتها بالعبث بها وإتلاف محتوياتها وتسخيرها للاستثمار الشخصي، وما تأجيرها مؤخرا لعدد من أسوار وواجهات المدارس في صنعاء أسواقا عامة ومحال تجارية، إلاّ شاهد على ذلك.

وتوجب استمارة توزيع درجات السلوك على الطالب تجنب إحضار المواد والأدوات الضارة (آلة حادة- جنبية...) لتكون البيئة المدرسية آمنة، في حين قامت بتحويل العديد من المدارس والمقار التعليمية إلى معسكرات تدريبية ومخازن للأسلحة والمتفجرات.

رعاية حوثية للغش ومطالبة الطلاب بنبذه

وبعد تفشي ظاهرة الغش في امتحانات الشهادة العامة برعاية وإشراف مليشيا الحوثي، طالبت الأخيرة طلاب المدارس بنبذ ظاهرة الغش، لمنحهم 5 درجات في سياق توزيعها للدرجة النهائية لمادة السلوك، فيما خصصت 5 درجات أخرى لتجنّب الطالب استخدام ما أسمتها الأجهزة المعيقة لسير العملية التعليمية، دون تحديد ماهية هذه الأجهزة المعيقة لسير العملية التعليمية وطبيعة هذه الإعاقة، كما خصصت 5 درجات إضافية لالتزام الطالب بتوجيهات وتعليمات المعلم التربوية.

وفيما تقوم مليشيا الحوثي بقطع الأشجار من حدائق وممرات كليات جامعة صنعاء والحدائق والساحات العامة، توجب استمارة مادة السلوك الحوثية على طلاب المدارس، المبادرة إلى غرس الأشجار مقابل (5 درجات)، والمحافظة على المنظر الجمالي للأشجار والنباتات (5 درجات)، ثم المشاركة في التوعية بأهمية غرس الأشجار والنباتات والمحافظة عليها مقابل (5 درجات) أخرى.


تقطع الأشجار وتطالب الطلاب بغرسها ويرى عبدالله السنفى، موظف تربوي متقاعد، أن توزيع درجات مادة السلوك بهذه الطريقه ليس إلا ذرّاً للرماد على العيون، فمن يمارس قطع الأشجار وبيعها استحالة أن يكون عنصرا مفيدا أو مناصراً للبيئة، ومن ينهب مرتبات المعلمين وأولياء أمورهم، ويبيع الكتاب المدرسي في سوق سوداء، ويدفع بصغار السن إلى جبهات الحروب، فكيف له تقويم سلوكيات طلاب المدارس؟ مضيفاً في هذا السياق: "بل ما هي السلوكيات التي سيتعلمها الطلاب من هذه الممارسات والجرائم والانتهاكات الحقوقية التي تمارسها سلطة الأمر الواقع بحق التربويين طلابا وموظفين وأولياء أمور ومجتمعاً محلّياً"؟


وباستخفاف وجهل منقطع النظير، وتناقض فج بين ما تطالب مليشيا الحوثي طلاب المدارس، وبين ممارساتها وسلوكياتها العلنية في قطاع التربية والتعليم، تبدو الفجوة عميقة جدا بين التربية ومليشيا الحوثي، ويبدو مفهوم القدوة في السلوك منعدماً تماما في قاموس الأخيرة، ما يثر الكثير من التساؤلات، على شاكلة: كيف لفاقد الشيء أن يعطيه؟ وكيف لمن يتجول في قاعات الفصول الدراسية وبرفقته عشرات المسلحين مرتدياً أشكالاً مختلفة من الملابس (غير الرسمية) الرّثة، متمنطقاً بـ(القشعات) الكثيفة، أن يُقيّم سلوك طلاب مدرسة اعتماداً على معيار مظهرهم اللائق.!؟