ذكرى استشهاد اللواء أحمد سيف اليافعي.. البحث في المخا عن حلفاء الحاضر ومعارك المستقبل

تقارير - Saturday 22 February 2020 الساعة 03:06 pm
نيوزيمن، كتب/ نبيل الصوفي:

في مثل هذا اليوم قبل ثلاث سنوات كتبت متحسِّراً عن اللواء أحمد سيف اليافعي، قلت عنه إنه رجل شجاع ومتمسّك بالميدان، ولكنه مات في المعركة الخطأ.. كنت يومها في صف ما كان يسمى “تحالف الإنقاذ الوطني بين المؤتمر الشعبي والحوثي”.. وقد كنت محتفياً بـ”صمود اليمن في وجه العدوان”، هكذا كانت المعادلة أمامنا..

اليوم ذكرى استشهاد “اليافعي”.. وقد أصبحت في الموقف الذي استشهد وهو عليه.. بل إني لم أجد من اليمن كلها مكاناً أحتمي فيه إلا “المخا” التي قاد الرجل معارك تحريرها ووصفتها يومها بالمعركة الخطأ..

“اليمن” التي كنت أدافع عنها سيطر عليها الحوثي، وقال لنا إننا أصلاً “عدوان” مظهراً لي ما هي بالأصل المعركة الخطأ الحقيقية، وكان عليَّ اليوم أن أزور قبر “اليافعي” لكنه في عدن.. فزرت بدلاً عن ذلك المكان الذي تقدّم فيه الصفوف ووفق الفيلم الوثائقي الذي نشرته الموسوعة اليافعية قال فيه “لم أتقاعس.. بل كنت في أول الصفوف”..

صاروخ دولة حلفاء صنعاء يومها، “استهدف ساحل واحجة” جنوب المخا، حيث الموقع الذي كان اللواء أحمد نائماً فيه مع تباشير نهار الـ22 من فبراير 2017م.

كانت القوى المحررة عبارة عن مجاميع قليلة تنام بجوار سلاحها.. يقودها الجيش الإماراتي ويؤمنها الجيش السوداني، جيشا التحالف العربي الذي هبَّ لمنع سيطرة الحوثي على اليمن.. ولأنه ليس مع الشرعية أي قوة على الأرض فهي لم تهرب من أمام الحوثي في 2014 إلا لأنها قد صارت مجرد نشطاء في الإعلام، فقد شتت الجيش وأهلكت الدولة، فقد كان اللواء أحمد سيف اليافعي ولحقه اللواء هيثم قاسم طاهر هما القيادات الوحيدة ذات الصفة العسكرية في حرب الساحل تلك.. ولذا لم يستبعد أنصار اليافعي فرضية الوشاية للحوثي بمكان تواجده ونومه، ولعل ذلك كان نوعاً من الصراع بين الجيش وبين من قرروا إلغاء جيش الجمهورية اليمنية بالمرة وتركه اسماً خاصاً للحوثي..

تطايرات أشلاء المكان بصاروخ اسكود، وليس “كورنيت” كما هو سائد ذكره في الإعلام الذي قال أصلاً إن اليافعي استشهد في جبل النار.. وكله غير صحيح، لم يكن يتحرك بصفاته التي يتحدث عنها الإعلام: اللواء قائد المنطقة، نائب رئيس هيئة الأركان العامة.. هذه كلها شكليات كان هو أول من عرف أنها بلا قيمة.. لذا كان يتحرك كأنه مجرد فرد من الجبهة وكل ما تمكنتُ من مراجعته من وثائقيات حوله تظهره مدركاً تماماً أنه مواطن يبحث عن وطنه لا قائد يبحث عن سلطة، فكل هذه الصفات الفارغة أخذتها الشرعية معها وذهبت بها للفنادق وأبقتها ذات قيمة للإعلام، ولكن حتى وهي فقط للإعلام لم تكن الشرعية تقدم شيئاً لأصحاب هذه الرتب، كل من كان يناله نصيب من خيرات الشرعية التي تحصل عليها من التحالف كانت محصورة على سكان الفنادق، أما الميادين فقد كان أصحابها لهم طريق آخر، ولولا وجود الجيش الإماراتي على الأرض لما استطاعت الجبهات هذه أن تصمد وتتقدم وتحصل على أي إمكانيات للحرب.

وقبل أن يأتي اللواء هيثم قاسم ويبدأ تشكيل وبناء قوة عسكرية نظامية، كانت القتال كله عبئاً على المقاومة الجنوبية وحدها التي استطاع “اليافعي” أن يرتب علاقتها وقياداتها ومجاميعها تحت مسمى المنطقة العسكرية الرابعة.. وبقيت كل جماعة محتفظة ببنيتها الخاصة تحت اسم المقاومة الجنوبية التي صارت بعد ذلك هي ألوية العمالقة.

كانت شهادة أحمد سيف تأكيداً على واحدية النضال في هذه المعركة القومية الوطنية ضد الحوثي والإخوان.. حتى إن آخر تصريح له قال إنه أمام الانقلابيين تسليم الدولة والسلطة أو ستكون الخطوة الثانية لكل عملية تحرير هو الطريق صوب مران. وفي يومياته كان هذا القائد الذي تقدم الصفوف إلى المخا هو العسكري الوحيد الذي التقى بمقاومين للحوثي من إب يتحدثون عن تحرير إب، ومن الحديث يغذي فيهم روح المقاومة لتحرير الحديدة..

يتوجب أن ترى المخا “اللواء أحمد سيف اليافعي” مرة بعد مرة بعد مرة.. وأن ترفع له صورة مجسَّمة في ميدانها أو يقام له مشهد في مدخلها الغربي، في واحجة نقول فيه للتاريخ: هنا نام اليافعي، ودفع روحه ثمناً لمعركة وطنية قومية ترفض الحكم الكهنوتي والسيطرة بالغلبة، ويعيد للشرف العسكري قيمته، ويؤكد أن الجنوب ثورة لاتنطفئ.. وأن على “المخا” أن تكون أنموذجاً ومشروعاً يعيد فيه اليمنيون ترتيب جبهاتهم، وتحديد حلفائهم واختبار شعاراتهم وتحدي المصير كله بإقدام يراجع الخطأ ويقوي التغيير وينحاز للحاضر والمستقبل على حساب الماضي ومواجعه..

وكل ذلك برعاية وضمانة من التحالف العربي وبخاصة الإمارات العربية المتحدة، التي جاءت بجيشها تقول لليمني المقاتل: إخوانك هنا إلى جوارك بجيشهم ودولتهم.. فهو مصير مشترك وليس مجرد دعم.. ثق وتقدم..

رحمك الله يا أحمد سيف..