تركيا تعلق على ”إهانة“ قيصر روسيا لأردوغان في الكرملين

العالم - Tuesday 10 March 2020 الساعة 09:12 pm
عدن، نيوزيمن:

حاول وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، اليوم الثلاثاء، التقليل مما وصف بأنه إهانة تعرض لها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في انتظار نظيره فلاديمير بوتين.

ووصف أوغلو تناول وسائل الإعلام الروسية لمقطع انتظار أردوغان، بأنه ”قلة احترام“.

ونقلت وكالة الأناضول الرسمية عن تشاووش أوغلو قوله: ”لم يكن صائبًا من وسائل الإعلام الروسية تناولها (المشاهد البروتوكولية) بهذا الشكل الإثاري“.

ورغم أن الكرملين لم يعلق على مضمون التسجيل، وما إذا كان إجبار أردوغان على الانتظار كان متعمدا أم جاء لاعتبارات بروتوكولية، إلا أن خبراء رأوا أن العقلية الروسية، التي تعد امتدادا لعقلية القياصرة وللذهنية السوفيتية الصارمة، لا تترك شيئا للصدف، فكل تفصيل يجري إعداده، يهدف إلى توجيه رسائل مبطنة وإشارات خفية تمهد للوصول إلى النتيجة السياسية المرجوة.

وكشفت وسائل الإعلام الروسية في التسجيل، الذي مدته 13 دقيقة، عن تفاصيل دقيقة عن الوفد التركي، منذ خروجه ووصوله إلى الكرملين، حتى توديع بوتين لأردوغان عند الباب الرئيسي.

فبدءاً من الثواني الأولى بعد الدقيقة الثانية في التسجيل، يظهر دخول أردوغان والوفد المرافق إلى قاعة، إذ طُلب منه الانتظار قبل الدخول إلى بلاط بوتين، ما أجبر الرئيس التركي، الذي بدا عليه علامات الاستياء، بعد انتظار أكثر من دقيقة، على الجلوس على أحد المقاعد الموجودة في قاعة الانتظار.

ويظهر ضمن الوفد المرافق لأردوغان وزيرا الخارجية مولود جاويش أوغلو، والدفاع، خلوصي آكار، وهما أيضا يبديان استياء وغضبا مكتوما، نتيجة هذا الانتظار على باب ”الدب الروسي“.

وكان لافتا أن الوكالة الروسية الحكومية عنونت التسجيل بعبارة ذات مغزى إذ كتبت ”أردوغان ينتظر بوتين تحت صورة سوفوروف“، وهو قائد سابق في الإمبراطورية الروسية، عُرف بانتصاراته على العثمانيين.

ووفقا للتسجيل فقد اضطر الرئيس التركي والوفد المرافق له، للانتظار مدة دقيقتين عند باب قاعة في الكرملين قبل السماح لهم بالدخول للقاء بوتين.

وانتقد وزير الخارجية التركي بأسلوب غاضب تعامل الإعلام الروسي مع المشهد الذي انتشر بشكل لافت، قائلاً: ”في أقل اختلاف بوجهات النظر (بين تركيا وروسيا) يبدأون (الإعلام الروسي) بانتهاج الدعاية السوداء بحق تركيا، وعند تحسن العلاقات يكفون عن ذلك“.

تمثال الكرملين.. "الرسالة الخفية"

وقبيل بث هذا التسجيل كانت وسائل الإعلام الروسية نشرت صورة لجلسة المباحثات التي جمعت بوتين واردوغان الخميس في الكرملين وظهر عدد من الوزراء الأتراك في الصورة وهم واقفون وخلفهم تمثال لسيدة روسية.

وأثارت الصورة الضجة والجدل على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا وخارجها، والسبب هوية المرأة الروسية والرسالة التي حاول بوتين من خلالها إيصالها لأردوغان.

ويعود التمثال لكاترينا الثانية أو كاترينا العظمى، إحدى أشهر أباطرة الروس التي استطاعت أن تقهر جيوش العثمانيين، وتوقف توسعاتهم نهاية القرن الثامن عشر.

وتناولت صحف تركية معارضة ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي الحدث بالسخرية، حيث كتبت صحيفة "يني تشاغ" أن أعضاء الوفد التركي، "اصطفوا كالتلاميذ أثناء مباحثات أردوغان وبوتين تحت تمثال كاترين الثانية التي قهرت العثمانيين 11 مرة في الحرب الروسية العثمانية.

وكاترين الثانية كانت زوجة الإمبراطور الروسي بطرس الثالث، وتمكنت من التربع على العرش بعد الثورة على زوجها وخلعه من الحكم، في الفترة بين (1762 - 1796).

وتعد من أعظم حكام روسيا القيصرية حيث يعود لها الفضل في نقل البلاد من عقلية العصور الوسطى إلى التحديث وبفضلها تم الاعتراف بروسيا كقوة أوروبية عظمى.

وقادت كاترين سلسلة معارك وحروب ضد الدولة العثمانية في القرن الثامن العشر وأجبرتهم على توقيع معاهدات قاسية تخلوا فيها عن منطقة القرم، وسمحت فيما بعد بمرور السفن الروسية من مضيق البوسفور دون قيود.

يشار إلى أن المباحثات بين أردوغان وبوتين أسفرت عن اتفاق لوقف إطلاق النار في إدلب شمال سوريا دخل حيز التنفيذ في الساعة الأولى من يوم الجمعة.

وجاء الاتفاق بعد أسابيع من تصاعد العنف في إدلب عقب مقتل عشرات الجنود الأتراك وقصف أنقرة لعشرات المواقع التابعة للنظام السوري.

ووفق نص الاتفاق ستقوم الدولتان بدوريات مشتركة، بدءاً من 15 مارس، على مسافة واسعة في محيط طريق "ام فور" السريعة التي تشكّل محوراً استراتيجياً يمرّ بمحافظة إدلب.

وجاء تصاعد حدة التوتر بين موسكو وأنقرة، بعد أشهر من تحسن العلاقات بين البلدين قابله توتر للعلاقات بين تركيا وحلفائها في حلف الناتو على خلفية قيامها بشراء منظمة دفاع جوية روسية.

وكانت صحيفة فايننشال تايمز ذكرت في تقرير الخميس أن الزعيم التركي اعتقد أنه سيستعيد النفوذ والهيبة من خلال الانضمام إلى نادي بوتين المناهض لليبرالية، لكن الكرملين تلاعب به وسمح لبوتين بدق إسفين بين أنقرة وأعضاء الناتو.

ووفقا للصحيفة فإن أردوغان ساعد الكرملين أيضا في دق إسفين بين الدول الأوروبية من خلال تشجيع اللاجئين والمهاجرين على عبور الحدود من تركيا، وأشارت أيضا إلى أن التاريخ التركي مليء بالهزائم على يد روسيا، وهذه المرة من غير المرجح أن يكون الأمر مختلفا، في إشارة منها إلى التوتر الحاصل بين البلدين في شمال سوريا.