هل جاءت تصريحات المعمري العنصرية ترجمة لسياسات سلطة الأمر الواقع بتعز؟

تقارير - Sunday 05 April 2020 الساعة 10:50 pm
تعز، نيوزيمن، معتز الشوافي:

حاول محافظ تعز الأسبق عضو مجلس النواب علي المعمري التخفيف من حدة ردود الفعل الغاضبة والمستاءة من مواقفه العنصرية التي عبر عنها مؤخراً، بدون جدوى، وجاءت تبريراته أقبح من ذنوبه.. حيث ذهب المعمري لاتهام منتقديه بالاصطياد في الماء العكر واستخدام الاتهامات بالعنصرية والمناطقية وغيرها من التهم الجاهزة على طريقة أفضل وسيلة للدفاع الهجوم، على حد قوله.

لكنه في سياق سرد تبريراته جدد تحذيره مما قال إنه التأثير على التركيبة السكانية للساحل سيما في الجانب العسكري، وعملية التوطين التي تمارس لغايات وأهداف سياسية وعسكرية وفق عملية ممنهجة ومدروسة وممولة من أطراف خارجية تفصح عن عدائها لتعز ولبلدنا بشكل عام.

وكان المعمري قد تحدث بلغة عنصرية عمَّا قال إنها تحركات وأنشطة تجري في سواحل تعز الغربية ومناطق الحجرية، تستهدف ضرب تعز ببعضها بشكل عام وتمزيق نسيجها الاجتماعي والتأثير على تركيبتها الديمغرافية تحت مزاعم وأوهام مختلفة.

المعمري الذي قال إنه كان يغض الطرف عن بعض ما ينشر بشأن تلك التحركات، أكد أن الأمر لم يعد يقبل اليوم الصمت، فقد صار لزاما علينا أن نتحدث للناس، ونعلق أجراس الخطر فالوجه الآخر لسياسات الأئمة يطل برأسه من جديد تحت مسمى حراسة الجمهورية، الجمهورية التي أسقطوها في صنعاء وجاءوا للبحث عنها في سواحل تعز وتهامة ومناطق الحجرية.

المعمري تماهى مع خطاب جماعة الإخوان حد التطابق حين قال إن سواحل تعز التي كان من المأمول استعادتها لتكون متنفسا للمحافظة واستعادة مينائها وتشغيله وبسط سيطرة السلطة الشرعية عليها، أصبحت عبارة عن دولة أخرى تتبع قوات لا تخضع للسلطة الشرعية وتتبع بشكل مباشر الإمارات.

المعمري اتهم قوات حراس الجمهورية بالسيطرة على أراض شاسعة وبناء وحدات سكنية لأفرادها، مشيرا إلى ما قال إنها عملية توطين لتغيير ديمغرافي، بهدف السيطرة الدائمة على تلك المناطق الحيوية من تعز وهي خطط تتعلق بالمستقبل ولا علاقة لها البتة بالتعامل مع ظرف استثنائي متعلق بالحرب.

المواقف التي أعلنها البرلماني ومحافظ تعز الأسبق لم تكن بريئة، كما لم تكن وليدة اللحظة للتعبير عن موقف جديد، وإنما جاءت في سياق سياسات حزب الإصلاح الإخواني الذي بات يمثل سلطة الأمر الواقع بتعز، حيث بدأ الحزب في وقت سابق بتبني الخطاب العنصري، وتبني سياسات عنصرية من شأنها تمزيق النسيج الاجتماعي والقضاء على الوحدة الوطنية لدى أبناء الشعب الواحد.

السياسات العنصرية التي تبناها حزب الإصلاح الإخواني الذي بات يمثل سلطة الأمر الواقع بتعز بدأت بعد استحواذه على سلطات المحافظة المحلية والعسكرية والأمنية، حيث باشرت ميليشيا الإصلاح باتخاذ عدد من الإجراءات العنصرية وأبرزها طرد أبناء المحافظات الأخرى من داخل المدينة وملاحقتهم إلى الفنادق وتفتيش هوياتهم، وكذا إغلاق فرع مصلحة الهجرة والجوازات، تحت مبرر أن أبناء المحافظات الأخرى المتواجدين في تعز هم عبارة عن خلايا نائمة تابعة للانقلاب، وهو الاتهام الذي جاء على لسان مدير أمن المحافظة العميد منصور عبدالرب الأكحلي.

وكانت ميليشيا حزب الإصلاح التي تحكم تعز قامت في 19 أغسطس الماضي باختطاف ثلاثة صحفيين، هم: منير طلال ومحفوظ البعيثي ويحيى البعيثي، من أحد فنادق المدينة بتهمة انتسابهم للمقاومة الوطنية بالساحل الغربي، والعمل لدى المركز الإعلامي للقوات التي يقودها العميد طارق صالح.

ميليشيا الإصلاح احتجزت الصحفيين بعد اختطافهم في مقر تابع للمخابرات العسكرية، وقامت بمصادرة هواتفهم المحمولة، ليتم الإفراج عنهم بعد ممارسة ضغوط ومطالب بالإفراج من نقابة الصحفيين وعدد من المنظمات الدولية، لكن الاستخبارات العسكرية التي يديرها حزب الإصلاح أبلغت الصحفيين بعد الإفراج عنهم بأنها ستظل تراقب تحركاتهم.

وفي مطلع مارس الماضي كشف الصحفي يحيى البعيثي عن تعرضه لتهديد من قبل البحث الجنائي الذي تسيطر عليه ميليشيا الإصلاح بضرورة مغادرته مدينة تعز فورا، حيث تم إبلاغ إدارة الفندق الذي كان ينزل فيه والكائن بشارع المغتربين بهذا البلاغ.

التهديد الذي تلقاه الصحفي البعيثي جاء في سياق بلاغات مشابهة تلقتها جميع فنادق تعز بضرورة طرد النزلاء من أبناء المحافظات الأخرى، كما قامت ما تسمى الحملة الأمنية التي تدار من قبل حزب الإصلاح بالنزول إلى فنادق المدينة وتفتيش هوية النزلاء وطرد النزلاء من أبناء المحافظات الأخرى.

وبحسب مصادر محلية فإن ما تسمى بالحملة الأمنية قامت باعتقال عدد من نزلاء الفنادق بالإضافة إلى عمال بناء، ومالكي محلات، ومواطنين من أبناء المحافظات الشمالية الذين قدموا إلى تعز لاستخراج جوازات سفر، حيث ركزت هذه الحملة بشكل رئيسي على أبناء محافظة إب والحديدة والمديريات الساحلية التابعة لمحافظة تعز.

السياسات العنصرية لميليشيا حزب الإصلاح تزامنت مع خطاب عدائي لقائد محور تعز اللواء خالد فاضل -المعين بدون قرار جمهوري معلن- ضد القوات المشتركة ويهدف لاصطناع معارك جانبية عبر تحرير المحرر بهدف ضمه إلى المناطق المحكومة من قبل ميليشيا حزب الإصلاح.

اللواء فاضل قال في كلمته خلال افتتاح المؤتمر السنوي 2020 لمحور تعز، إن تعز هي إقليم الجند ككل، ولا يمكن تحت أي ظرف إغفال تلك المماحكات التي تحدث في الساحل أو يظن المتصارعون هناك أن المحور يغض الطرف عما يطمحون إليه هناك، ولذا نقول لهم إن المحور مسؤول عن كل شبر يتبع تعز على امتداد ترابها، ولا يمكنه التفريط بذرة تراب من أرضها كما أنه من المحال كسر شوكتها.

هذه المؤشرات والأحداث تؤكد حقيقة أن المعمري يعني ما قاله في تصريحاته المتوافقة مع سياسات وتوجهات حزب الإصلاح، خاصة وأنه أصبح عبدا طيعا للاخوان المسلمين منذ تعيينه محافظا لتعز حيث كان بمثابة الأداة التي سهل لهم مهمة ”التمكين” من خلال حزمة القرارات والتعيينات التي منحها لأعضاء وقيادات حزب الإصلاح وساهم في استحواذهم شبه المطلق على مفاصل قيادة المحافظة.

ويرى مراقبون أنه بعد هذا الخطاب العنصري للمعمري والسلوكيات العنصرية التي تمارسها سلطة الحكم الواقع ممثلة بميليشيا الإصلاح، فقد بات على أبناء المحافظة الضغط ضد هذه السياسات التي ستؤثر بشكل رئيسي على أبناء تعز المتواجدين على كامل التراب الوطني، وسيكون من شأنها في حال استمرارها خلق النزعات المناطقية التي ستمزق النسيج الاجتماعي وستقضي على الوحدة الوطنية لليمنيين.