تدخل إيراني مباشر لإدارة الأزمة.. كورونا يعزل الحوثي مجتمعياً

تقارير - Thursday 09 April 2020 الساعة 11:43 am
صنعاء، نيوزيمن، أحمد فؤاد:

بين الرغبة في استثماره كمورد جديد لاستنزاف ما تبقى في جيوب المواطنين مقابل إثراء قادتها، والخشية من تفشي الوباء في صفوفهم، تدخل مليشيا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- مرحلة تخبطٍ غير مسبوقة تحت تأثير فيروس كورنا المستجد covid-19، الذي اقترب ضحاياه من حاجز المليون مصاب عالميا، في حين تقول منظمة الصحة العالمية إن اليمن ما يزال خاليا من هذا الوباء.

وحتّى لو امتلكت الجماعات المسلحة المؤطّرة مذهبيا إمكانيات دولة ما على غفلة من الزمن، وتحت أي ظرف، تبقى مجرّد عصابة مسلحة، في حالة سطو مسلح لممتلكات دولة، فهي تترقّب بحذر شديد ليوم الفرار بما خف وزنه وزاد ثمنه، وإلاّ ما كانت جائحة عالمية بمثل كارثة فيروس كورونا لا تمثل لها غير مصدر جديد لابتزاز المنظمات الدولية، وفرض جبايات جديدة على صغار التجار، وفتح 3 حسابات بنكية دفعة واحدة.

في هذا السياق كشفت مصادر متطابقة في صنعاء اعتزام مليشيا الحوثي تنفيذ حملات ميدانية لفرض إتاوات وجمع تبرعات مالية وعينية من صغار التجار تحت عناوين مواجهة وباء كورونا، وقال مسئول في الحكومة التي تديرها مليشيا الحوثي -اشترط التحفظ على هويته- إن هذا الإجراء جاء إقراره تعويضا عن الإجراءات المماثلة في المناسبات المتكررة التي تحتفى بها مليشيا الحوثي.

استغفال دائم وتخدير تام

ولم يكن قرار إيقاف الفعاليات التحشيدية الاستعراضية -أغلبها ذات طابع طائفي- هيناً على الجماعة التي ترى في هذه الفعاليات المتوالية على مدار العام بيئة ملائمة لإبقاء عناصرها في حالة استغفال دائمة وتخدير تام، وموردا اقتصاديا هاما لتنمية أرصدة قيادات الجماعة خارج اليمن، وإشغال الجماعة نفسها بصراعات الماضي هربا من التزامات واستحقاقات مفترضة للحاضر.

تباينات ونقاشات ساخنة ومداولات واسعة عصفت بمجموعة من قيادات الصف الأول والثاني في الجماعة خلال الأسابيع الماضية، بين من يرى بأن تعليق صلاة الجماعة والجمعة في المساجد، وتعليق الفعاليات الاحتشادية الاستعراضية خسارة اقتصادية فادحة للجماعة، يرى تيار آخر أن مخاطر إيقاف هذه العبادات في المساجد والفعاليات (الشوارعية) لن يتوقف عند المردود الاقتصادي والجبايات فقط.

انتكاسة غير محسوبة في طريق الجماعة

إذ إنه وحسب المصادر الحكومية، يرى هذا الجناح أن تعليق صلاة الجمعة في المساجد وإيقاف الفعاليات الدينية الاستعراضية في الشوارع والساحات تعد أول انتكاسة غير متوقعة، ولم تكن في الحسبان، في مسيرة الجماعة منذ توسعها علنا وعسكرتها في مخيمات ساحات جامعة صنعاء فيما عرف باحتجاجات 11 فبراير 2011م.

وشبّه قيادي حوثي عُيّن مؤخراً في منصب حكومي رفيع، هذه القرارات كما لو أنها نسخة ثانية من كارثة فيروس كورونا بالضبط، "يعني مافيش خيار ثالث إمّا الموت أو العزل.. يعزلنا فيروس وقد صمدنا 5 سنوات أمام أقوى الدول..!" يقولها القيادي الحوثي كمشاهد يمني لفيلم أجنبي لم تشبع المشاهد النهائية رغبته في التّحكم بسير الأحداث وتحقيق أمنيات أبطال القصة..!

...وتدخل إيراني مباشر لإدارة الأزمة

وفي خضم الجدل المحتدم، تشير المصادر إلى ورود رسالة إيرانية تحث الجماعة الموالية لها تبعية وهوية، بالابقاء على صلوات الجماعة والجمعة في المساجد، والتوقف مؤقتا عن الفعاليات الاحتشادية في الساحات والشوارع بالمناسبات التي وصفت بـ(المقدّسة)، ليحسم بذلك أمر النزاع، وتعلن حكومة بن حبتور ووزارة صحتها حزمة إجراءات احترازية لمواجهة فيروس كورونا ليس من بينها تعليق صلوات الجماعة في المساجد وصلاة الجمعة..!

يعتقد الناشط السياسي والاجتماعي، وليد الآنسي، أن تأثير جائحة فيروس كورونا على إيران وارتفاع عدد الإصابات هناك إلى (58226) إصابة و(3603) وفيات حتى يوم الاثنين 5 أبريل 2020م، وفقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، وإصابة عدد من رجال السلطة هناك، ألقى بضلاله الوخيمة على أداء مليشيات الحوثي في صنعاء، مستشهدا بعدد من مظاهر الارتباك والتخبط في أداء الجماعة لمواجهة فيروس كورونا.

استثمار في الأزمات وابتزاز المنظمات

ويرى الآنسي أن الجماعة تغرق في حالة من التخبط والغيبوبة، فهي تنكر وجود الوباء لكنها تجمع التبرعات والجبايات لمواجهته، وفي ذات الوقت لا تصرف مرتبات الموظفين.. وهي تطالب المنظمات الدولية بمساعدات عاجلة، لكنها تعتبر هذه المنظمات وسيلة لادخال الأوبئة والأمراض.. وهي تريد التهويل من حجم الكارثة لابتزاز المنظمات وتحقيق مكاسب مالية، وتقلل في ذات الوقت من خطورة الوباء في صفوف عناصرها وتشكك في وجوده وتعتبره صناعة أمريكية..

وفي تعليقه على رفض الجماعة تعليق الصلوات في المساجد وصلاة الجمعة، يعتقد الناشط السياسي وليد الآنسي، أن إغلاق المساجد ولو مؤقتا سيعزل مليشيا الحوثي كلياً عن المجتمع اليمني، بعد إغلاق المدارس والجامعات وإيقاف الفعاليات الجماهيرية، إذ إن خطابها الإعلامي في هذه الحالة سيقع في مأزق التناقض بين ما تعلنه للرأي العام، وما تريد تلقينه لعناصرها، وبالتالي فإن علاقتها بالمجتمع ستبقى مقتصرة فقط على مدى حاجة الناس لخدمات شكلية تجارية مدفوع ثمنها من دماء ومستقبل أبنائهم..