عارف الخيواني.. لوحة الفداء الأخير

السياسية - Friday 10 April 2020 الساعة 11:20 pm
نيوزيمن، كتب/ عبدالسلام القيسي:

قبل كل شيء، ورداً عن كل شيء، عارف الخيواني، أحد جنود اللواء الثالث في حراس الجمهورية، تغشاه الله برحمته يوم الأمس، فقد نفسه في خضم معركة الحق ضد الباطل، والضوء لسحق الظلام والجمهورية لدحر الإمامية، وكان ترجمة مثلى للرجال بالساحل الغربي الذين غرسوا بالشهادة أسماءهم، ولن تنتهي مهما جار الوقت ذكرى استشهادهم، ستنبت من مثاويهم، في المخا، حراساً للبلاد.

وحدهم المغول أنصفوا الشهداء

أصبح سماءً، كان المغول بعد مقتل جنديهم يقولونها تلك، أي المغولي في المعركة الذي ضحى بروحه من أجل تيموجين (جنكيز خان) صار بنظرهم سماء، أي علا، وتعالى، وهذه بموروث المغول القيمي نقطة مهمة، بشريعة اليوسا ثمة نقاط عظيمة، اليوسا هي شريعة جنكيز التي شرعها للقبائل المغولية، فتعاملهم مع الجنود الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الأمة يضعهم في محل احترام بغض النظر عما ارتكبوه بحق البشرية وبحق التراث الإسلامي في بغداد، فلهذه يجب أن نكتب عنهم لجلالهم الكبير فبعلوهم لضحاياهم حققت تلك الأمة القليلة أمجد الانتصارات وكانت أكبر امبراطورية عبر التاريخ، فمن عظمة الشهيد تتجسد في كل أمة عظمة المشهد، مشهد الفداء الأخير.

لكن ما بالكم بمن ضحى بروحه ضد المغول الحاليين ماذا يصير؟ صار جنة أخرى تأوي القادمين على لعلعة الرصاص في سبيل الله والوطن وتضم رجالا قالوها كلمة: لن نرضخ إلا لله.

الخيواني.. وخساسة المعمري

قبل أيام كتب المعمري علي -الرجل المنتفخ بالغباء- مقالاً عن التغيير في الساحل الغربي، تغييرا ديموغرافيا، دون أبهة منه لديموغرافية العالم التي تجسدت بالشهداء، كان الشهداء هم الكلمة المكللة بالحرية وكتبوا كما لم يكتب أحد صدر الكرامة وحاشيتها في كل جهة من هذه الكرة، فالمقاومة المشتركة المقاومة الوطنية (ألوية حراس الجمهورية) ربتت على كتف الساحل بالدم، روت هذه الصحارى بدماء الرجال، والخيواني الذي استشهد يوم أمس في مدخل المدينة يعري المعمري وأمثاله، فنحن هنا قدمنا لتبييض صفحات الوطن من السواد الكهنوتي الذي أهان كل يمني وقتله، فهلا ولو من المغول يا معمري تعلمت كيف تبجل الشهداء على هذه الأرض؟

من صنعاء الساحل إلى العاصمة

صنعاء في الحديدة، يتندر القارئ الجاهل ديموغرافية المدينة عن صنعاء التي في البلدة السمراء، لكن هناك شارعاً اسمه صنعاء بمبتدأ الحديدة، في المدينة تتجسد العاصمة، فمن صنعاء يذهب الجميع بكل قضهم وجمهوريتهم نحو صنعاء، مدينة الله، وسفينة نوح، والغاية المرجوة لكل الرجال من أجل هذا الوطن، كل الوطن، كي نحافظ عليه واحدا وكي نجتث الكهف، فعارف الخيواني فقد نفسه هناك في ذات الشارع، بعاصمة اليمنيين، في المكان المقدس، في الوادي المكدس، كدست فيه جثث المليشيات منذ الطلقة الأولى، وقدست فيه روح عارف وكل شجاع مثله، فالطرق كلها، كل الطرق، إلى صنعاء.

لكل مسافر تذكرة، سفرك إلى بلد، سفرك إلى العالم الآخر، تذكرتك لا بد منها كي تصل، كي يسمح لك بالمرور إلى المكان الذي في عقلك، لكن ثمة تذاكر مختلفة، ليست من ورق، بل من لحم ودم، هذه التذاكر هي أرواح الشهداء، نمهد بأرواحهم الأماكن، بهم نفتتح المدن، ونستقبل الجبهات، رصاصة رصاصة، وإليكم تذكرتنا التي قطعت بأياد من ضوء قبل يوم فقط، إنه الذي لأجله كتبت، عارف، الجندي الذي يلقم كل الكذبة في مدن الجمال أحذيته، فهنا قدم الجنود أرواحهم، لا قدموا للملاهي مؤخراتهم، فعارف وأشباه عارف هم ديمغرافية البلاد غصبا عن كل معاطف الخيانة.

يا سماوات بلادي: إليك عارف

غنى أيوب طارش من أجل الوطن، وغنى عارف أغنية الشهادة، باركيه يا سماوات البلاد، خذيه إليك، ارفعيه، فعارف كان لونك هنا، عارف كان في الأرض مرسالك، وصفتك، ورائحة فراديسك الخمرية، الرحمة لك يا عارف، ولو جئنا للحقيقة، علينا أن نترحم عليهم من الكذبة كي تغفر لهم السماء فهم خطاء، أما أنت، أما أنت أيها العارف تفاصيل الجهاد فالسماء تمثلت فيك، وتمثلت أنت بالملائكة، لك الخلود ولمدعيي الوطنية وأولادهم في المدن الجميلة الخزي، ولا عزاء لهم، ولا شبيه لك وأمثالك، فنم بسلام.