"سلوى".. مسنة يمنية تقاوم مرارة الحياة بصناعة الحلوى

تقارير - Sunday 26 April 2020 الساعة 12:17 pm
نيوزيمن، عبدالله الشادلي:

خارت قوى الأم الخمسينية "سلوى"، بعد نصف قرنٍ من الصمود في وجه حياةٍ ومعاناةٍ، كابدتها طيلة سني عمرها، في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت.

تُعيدها الذكريات إلى ماضي طفولتها، حين فُرضت عليها مواجهة الصعاب ونظرة المجتمع، منذ نعومة أظافرها، وهي لم تتجاوز عقدًا ونيف من عمرها.

تتذكر "سلوى" أنها حين كانت فتاةً في الخامسة عشر ربيعاً، عصفت بها رياح الظروف، وكانت كلما حاولت أن تخطو خطوة نحو الأمام يعتريها شعور غريب وكأن الجميع سيقوم بمعاقبتها ولومها وربما نعتها بالفقيرة، المشؤومة!

أما السبب فهو أنها تزوجت خمسة رجال، ترك لها آخرهم طفلاً في أحشائها بعد رحيله، دون أن يُبقي لهما شيئاً يُقيهما من جور الحياة وظلم الناس.

فكيف يمكن لفتاةٍ قاصرة لم تكمل تعليمها أن تجابه الحياة وتكون أماً وحيدة في ظل ظروف حرب يمر بها وطنها المكلوم؟

أمٌ في الخامسة عشر!

تتحدث "سلوى" عن قصتها المؤلمة قائلة: "لحسن الحظ أن عائلتي كانت إلى جانبي في تلك الظروف، ولم تتركني وحيدة، ولا أحد غير الربّ يعلم حجم المعاناة النفسية التي مررت بها".

وتضيف: "في الوقت ذاته أنجبت طفلاً بحجم ذراع اليد، أثلج قلبي وجوده بين أحضاني من حرقة المعاناة وجور الأيام، علّه يكون سنداً لي في كبري وأنا في سن الـ 16 من عمري".

مواجهة الحياة

بعد ارتزاقها هدية السماء، بدأت سلوى بصناعة الحلويات وبيعها للناس لتعول طفلها الذي أنجبته من زوجها الخامس بعد وفاته، واستطاعت شراء قطعة أرض وبنائها من خلال بيع مجوهراتها، وبدأت تواجه الحياة كامرأة مكافحة لم تمد يدها لأحد ولم تخضع لليأس، رغم فقرها وحاجتها الشديدة لمساعدة الأيادي البيضاء.

من هنا بدأت معاناة أمٍ وحيدة لم تكمل تعليمها، تربية طفلٍ رضيع ليصبح شاباً قوياً خلوقاً قادرًا على رد شيء من الجميل لوالدته التي نذرت حياتها لأجله.

وعملت سلوى جاهدة في أماكن كثيرة كالمصانع، وتقوم بصنع الحلويات من أجل قوت العيش؛ وليتسنى لابنها الوحيد إكمال تعليمه الجامعي.

صدمة رد الجميل

بعد بلوغ ابنها سن الرشد، ظنت سلوى بأنها ستنال حصتها من الحياة وستنهال عليها الراحة وأن ابنها الوحيد سيريحها من عناء الحياة، وسيتحصل على عمل جيد؛ لكن دون أن يتحقق أي من ذلك.

واستمرت سلوى تعمل حتى عند انضمام ابنها إلى الجيش في عام 2017، حيث إن الدخل الشهري تحسن إلى 60 ألف ريال فقط؛ إلا أن مشكلة تأخير الرواتب لأشهرٍ، بسبب الظروف السياسية في اليمن حالت دون أن يتحسن مستواهم المعيشي.

أمنيات التغيير

يزيد عمر سلوى الآن عن خمسين عاماً، ولا تزال تصنع حلويات مختلفة وتبيعها للناس، وما زالت تمارس مهاماً يفترض أن تُعفى منها وتتقاعد، إلا أنها، كما تبدو، متمسكة بحبل الأمل في أن يتحسن حالها.

واليوم تتمنى سلوى أن يتحسن حال البلاد -التي أنهكتها الصراعات المتلاحقة- وأن يتغير حالها نحو الأفضل ولو قليلاً، لترتاح في ما تبقى من عمرها، متمنيةً: "إن حصل ذلك فسينصفني القدر وسأنسى كل ما حل بي من معاناة".