الحوثي يسلك طريق إيران في التعامل مع كورونا
السياسية - Tuesday 02 June 2020 الساعة 11:55 am
تتعامل مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، مع قضية انتشار فيروس كورونا المستجد بذات الطريقة التي تعاملت بها الجمهورية الإيرانية مع الوباء.
ففي الوقت الذي ظهر فيه الوباء وانتقل إلى إيران، سارعت طهران وعبر عديد مسؤولين فيها إلى إنكار وجود الوباء، والزعم بأن ما يشاع حول انتشاره في إيران بالأكاذيب، لكن سياسة الإخفاء والتكتم والإنكار التي حاول ملالي إيران التعامل بها مع قضية فيروس كوفيد19 لم تجد نفعا، إذ سرعان ما اضطرت طهران إلى الاعتراف بظهور الوباء وانتشاره واللجوء إلى اتخاذ إجراءات احترازية للحد من انتشاره، لكن تلك الإجراءات لم تكن كافية لإيقاف زحف الوباء ولا إيقاف ارتفاع الإصابات والوفيات بسببه.
الحوثي ينتهج سياسة طهران مع وباء كورونا
في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثي ومع ظهور الوباء ووصوله إلى اليمن انتهجت المليشيات الحوثية ذات السياسة التي اتبعتها طهران من خلال المسارعة في إنكار وجوده في مناطق سيطرتها في البداية، ثم محاولة تحويله إلى قضية سياسية والحديث عن كونه عدوانا ترسله دول التحالف إلى اليمن، والجميع يتذكرون اكذوبة الكمامات التي زعمت المليشيات أن طيران التحالف ألقاها في بعض المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيات بهدف نقل فيروس كورونا، وهي الاكذوبة التي لم تصمد طويلا.
وفيما حاولت المليشيات الاستمرار في انتهاج سياسة الاكاذيب بشأن ظهور الوباء في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتها ولم تعترف بظهوره إلا بعد أن أعلنت حكومة هادي ظهور حالات الإصابة بالمرض في المناطق المحررة مثل حضرموت وعدن وتعز، لكن مصادر طبية في العاصمة صنعاء تؤكد لنيوزيمن أن أول ظهور للوباء في صنعاء يعود إلى ما قبل ظهوره في حضرموت في العاشر من أبريل الماضي.
أول ظهور حقيقي للوباء في صنعاء
وحسب المصادر فإن أول حالات الإصابة في صنعاء سجلت أواخر مارس المنصرم لأشخاص اختلطوا بقيادات حوثية عادت من إيران والتي كان قد تفشى فيها الوباء بشكل كبير، لكن قيادات المليشيات الحوثية عمدت إلى اتباع سياسة الانكار والتكتم والإخفاء، مشيرة إلى انه ومع تزايد حالات الإصابة بالفيروس اضطرت المليشيات إلى الاعتراف بوجوده في العاصمة لكنها اظهرت عنصرية حتى في اعترافها من خلال الإعلان عن أول حالة إصابة بفيروس كورونا في صنعاء اكتشفت لمصاب يحمل الجنسية الصومالية، ثم تبعته بإعلان آخر انه تم اكتشاف إصابة جديدة لشخص زعمت انه انتقل إلى صنعاء من مدينة عدن.
وكشف ذلك الإعلان الذي توقفت المليشيات بعده عن اعطاء أي معلومات حول الإصابات بالفيروس عن مدى عنصرية المليشيات حتى في تعاملها مع الإصابات بالفيروس وادعائها بان أول إصابة لصومالي الجنسية وثاني إصابة لشخص قادم من عدن، فيما اخفت كل المعلومات المتعلقة بالمصابين من انصارها وبعض قياداتها الذين اختلطوا ببعض القيادات الحوثية العائدة من ايران والتي كانت مصابة بالفيروس.
سياسة الانكار والتكتم الحوثية تواصلت حيث توقفت القيادات الحوثية عن اصدار أي بيانات أو اعلانات رسمية حول تطورات الأوضاع الخاصة بالإصابة بالفيروس رغم ظهوره بشكل كبير في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتها وخصوصا محافظة اب، وانتهجت سياسة امنية في التعامل مع حالات الاصابة من جهة وسياسة التكتم والسرية والاخفاء من جهة اخرى، ومنذ التاسع من مايو المنصرم وحتى التاسع والعشرين منه لم تصدر القيادات الحوثية أي بيانات رسمية حول قضية انتشار فيروس كورونا.
ومع تزايد أعداد الإصابات والوفيات بفيروس كوفيد 19 ظهرت المليشيات الحوثية ببيان منسوب لوزارة الصحة اعلنته في الساعات الاخيرة من ليل الخميس الفائت 29 مايو، أشارت فيه إلى انتشار الوباء في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتها لكنها لم تكشف عن أي أرقام أو إحصاءات أو اعداد حول انتشار الفيروس وزعمت ان السياسات التي تنتهجها معظم دول العالم هي سياسة تهويل ومبالغة في إجراءات المواجهة مما أضعف الروح المعنوية لدى مواطنيها وخلق حالة من الهلع والخوف والقلق والتي كانت أشد فتكاً من المرض نفسه، وان تعامل كثير من دول العالم مع حالات الإصابة بالفيروس كأرقام وإحصاءات مما أثر سلبا على الحالة النفسية والمناعية للمجتمعات، في اشارة إلى اعطاء مبررات لسياسة التعتيم والتكتم والاخفاء التي تنتهجها المليشيات مع موضوع انتشار فيروس كورونا في مناطق سيطرتها.
ولتبرير عجزها وفشلها في التعامل مع انتشار وباء كورونا لجأت المليشيات الحوثية إلى مهاجمة منظمة الصحة العالمية والزعم بعدم دقة وكفاءة المحاليل والمسحات المرسلة إليها من قبل منظمة الصحة العالمية مما أثر على نتائج الفحوصات المخبرية التي أظهرت إيجابية لعينات غير بشرية وغير متوقعة.
إخفاء الأرقام ونشر مزاعم وأكاذيب
البيان الصحفي الذي صدر نهاية ليلة الخميس تبعه وزير الصحة والقيادي في مليشيات الحوثية طه المتوكل بمؤتمر صحفي يوم السبت الماضي زعم فيه أن نسبة الشفاء من كوفيد 2019 في العاصمة صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيات تصل إلى أكثر من 80 بالمائة من الحالات لكنه في الوقت نفسه استمر في انتهاج سياسة الإخفاء والتكتم ولم يقدم أي احصاءات أو أرقام لعدد المصابين أو الوفيات أو حتى المتعافين، حسب زعمه.
وزير الصحة في حكومة المليشيات الحوثية لم يقف عند ذلك بل ذهب إلى الزعم بان ثمة ابحاثا ودراسات يجريها اطباء وصيادلة يمنيون في مناطق سيطرة المليشيات وانها واعدة وان علاج كوفيد 19 سيكون من اليمن، وهو الامر الذي اثار سخرية المواطنين والمتابعين والناشطين الذين شنوا حملة سخرية وهجوم ضد القيادي الحوثي طه المتوكل.
نصائح المخابرات والحرس الثوري الإيراني
وأكدت مصادر مقربة من قيادات المليشيات الحوثية لنيوزيمن، أن قيادات المليشيات تلقت نصائح من قيادات في المخابرات والحرس الثوري الإيراني بانتهاج سياسة التعتيم حول انتشار وباء كورونا، وأي اعترافات أو تقديم معلومات صحيحة خصوصا اذا ما كان حجم الاصابات والوفيات بالوباء مرتفعا فإن ذلك قد يكون له آثار سلبية وكارثية على موقف الشارع والناس ضد سلطة المليشيات، وهي النصيحة التي قالت المصادر إن قيادات الحوثي تطبقها في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتها مع قضية انتشار وباء كورونا.
ومن جهة أخرى تعمد المليشيات لإخفاء عجزها وفشلها في إدارة أزمة انتشار الفيروس بتصعيد الحملة الإعلامية والانتقادات من قبل قياداتها السياسية والإعلامية ونشطائها على مواقع التواصل ضد المنظمات الدولية وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية والمنظمات التابعة للأمم المتحدة، وذلك في سياق سعي المليشيات لابتزاز هذه المنظمات، خصوصا بعد أن وجهت الأخيرة انتقادات حادة لتعامل المليشيات الحوثية مع انتشار وباء كورونا واتهامها بإخفاء الحقيقة عن الناس وعن العالم بخصوص المرض في مناطق سيطرتها.