‏الحرب في أبين: معسكرات القاعدة وفشل جنوبي لهادي وشماليون بيد "الخارج" الذي يعيد تغذية صراعات "الجغرافيا"

تقارير - Thursday 11 June 2020 الساعة 10:26 pm
عدن، نيوزيمن:

يحلل "صلاح علي صلاح" "أحداث وتطورات الحرب في أبين". وصلاح هو "رئيس المركز اليمني لدراسة وتحليل الأزمات ‏⁦‪[email protected]‬⁩"

الأحداث القائمة في محافظة أبين مهمة جداً من الناحية السياسية والعسكرية وتأثيراتها ونتائجها ستكون مرتبطة بشكل كبير في كثير من تحولات المستقبل..

‏هناك عدد من النقاط التي يجب التركيز عليها فيما يتعلق بهذه المعركة وهي كالتالي:

‏1- واحدة من اهم النقاط التي لا يتم التركيز عليها هي أن هذه المنطقة في الواقع كانت "وما زالت" واحدة من المناطق التي كان لمجموعة من التنظيمات الإرهابية نشاط متزايد في حدودها الجغرافية.

‏يتواجد في المنطقة تنظيم القاعدة الذي بدأ نشاطه بشكل معلن في وقت مبكر فقد برز تنظيم القاعدة في اليمن بصورة أولية عقب عودة من عرفوا باسم "الأفغان العرب" الذي تشير بعض المصادر المطلعة على إنشاء معسكر خاص بهم في محافظة أبين، ومنهم كثير من اليمنيين، وكان الفرع اليمني من أنشط أفرع "القاعدة" حسب بعض التصريحات الأمريكية، وقد نفذ التنظيم أول عملياته منذ وقت مبكر في عام 1992 استهدف خلالها عناصر من قوات البحرية الأمريكية "المارينز" كانت في طريقها إلى الصومال.

‏وقد تزايد نشاط القاعدة وتواجده في مناطق الصراع الحالية منذ العام 2009 عقب اندماج فرع القاعدة في السعودية وإعلان تأسيس "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" والذي وصلت قوته الى الاستيلاء على معظم مديريات محافظة أبين وأعلن فيها امارة إسلامية في مارس 2011م.

‏يتواجد أيضا تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" والذي سيطر على مديرية جعار في العام 2015 وأعلن عن قيام (دولة الخلافة الإسلامية في جنوب اليمن).

‏محافظة أبين وكذلك المحافظات المحيطة بها والقريبة منها (شبوة – حضرموت – عدن – لحج – البيضاء) شهدت نشاطا كبيرا لهذه التوجهات المتطرفة مما يجعل التركيز على هذه النقطة مهم جدا.

‏الخطورة الأبرز من وجود مثل هذه التنظيمات الفكرية المتطرفة في اعتقادي تتمثل في ثلاث نقاط مهمة وهي:

‏•اضطرار أطراف الصراع لعقد تحالفات مع مسلحين من داخل هذه التنظيمات.

‏•قدرة هذه التنظيمات على الحصول على أسلحة وذخائر بكميات كبيرة من خلال استمرار الصراع في مناطق تواجدها.

‏•قدرة هذه التنظيمات على اختراق صفوف المقاتلين واستقطابهم للدخول فيها وخصوصا وأن هناك أعدادا كبيرة من المراهقين والشباب الصغار في السن المتحمسين.

‏2- هناك حالة صراع قديمة بين جغرافيتين (أبين وشبوة – الضالع وردفان ويافع) ويمكن أن يلاحظ المتابع للأحداث تأثيرها على الصراع الحالي، وعلى عكس الحرب التي تمت في العام 1994 يمكن القول بأن الصراع القائم في الوقت الراهن (جنوبي – جنوبي) أكثر من كونه (شمالي – جنوبي) كما قد يحاول بعض الناشطين والسياسيين التابعين للمجلس الانتقالي تصويره بشكل مباشر، وقد يصح لنا القول بأن المشاركين في هذه المعارك من أبناء الشمال يمكن أن يكونوا أقرب حاليا إلى الطرف الخارجي الذي لا يختلف دورهم عن دور الأطراف الخارجية كالسعودية أو الإمارات أو قطر..

‏للأسف سياسات عبدربه منصور هادي وخاصة فيما يتعلق بموضوع قرارات التعيينات في المناصب الحكومية قد ساهمت بشكل سلبي في إحياء هذا النوع من الصراع الجغرافي بين الجنوبيين، وكما فشل هادي في أن يكون رئيسا لكل اليمنيين (وهذا شعور سائد) يبدو أنه أيضا فشل أن يكون رئيسا حتى للجنوبيين، يرى البعض أن سياسات هادي المناطقية كانت سببا في إعادة تقييم الصراع مع الحوثيين عند الكثير من أبناء الشمال ويبدو أن هذه السياسات أيضا نفس السبب في مراجعة كثير من الجنوبيين لموقفهم من شرعيته.

‏الخطورة هنا أن استمرار الصراع سيزيد من اتساع الفجوة والخلافات الجنوبية وسيعزز وجود مزيد من الصراعات والانقسامات الجنوبية التي ستؤثر بشكل سلبي على المشهد العام القائم الآن وأيضا في المستقبل، وسيضعف كثيرا جهود ودعوات التصالح والتسامح التي نادى بها الجنوبيون منذ العام 2006 وحتى الآن.

‏3- لا يمكن القول إن الجهود الدولية التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن منذ بداياتها بشكل رسمي في العام 2012 قد حققت نجاحات حقيقية حتى الآن، وهذا الصراع سيساهم بالتأكيد في مزيد من التعقيدات والصعوبات التي تواجه هذه الجهود، يبدو أيضا أن تأثيراته لن تكون قصيرة المدى، حيث إن المعارك من خلال متابعة الأخبار الميدانية حتى الآن تشبه حروب الاستنزاف أكثر من شبهها بحروب السيطرة المباشرة القصيرة التي تمت في أوقات سابقة.

‏4- بالرغم من تركيز أطراف الصراع على ذكر (اتفاق الرياض) إلا أن هذا الحديث والإشارات لا تتعدى الاستهلاك السياسي والإعلامي الذي يقصد به إضافة مشروعية توافقيه لأعمالها العسكرية أمام الأطراف المحلية والخارجية، لا يمكن بالتأكيد تنفيذ الاتفاقات التي لم يتم التعرف على آليات تحقيق أبسط تفاصيله التنفيذية.

‏5- أخيراً، لا يمكن مناقشة وضع الصراع في أبين بمعزل عن الإشارة للأطراف الإقليمية المؤثرة في الملف اليمني كالسعودية والإمارات، وإثارة التساؤلات عن اتفاقاتها واختلافاتها في سياسات التعامل مع الأزمة اليمنية بشكل عام ومع هذا الصراع بشكل خاص، يمكن أيضا إضافة تساؤل حول إمكانية رغبة محور تركيا وقطر في الدخول بشكل مباشر في هذا الصراع وتحديدا في هذا التوقيت الذي قد يكون أكثر إغراءً الآن مع تطورات صراع ليبيا؟