دعاوى مواجهة صالح لأنه ينوي التوريث وهادي لإسقاط الجرعة.. حوثي الولاية والخُمس

تقارير - Sunday 09 August 2020 الساعة 11:57 pm
صنعاء، نيوزيمن، فارس جميل:

خلال قرون ادعت جماعات كثيرة حقها في الحكم على أساس السلالة والعرق والانتماء غير المثبت بأي شكل لقريش والرسول، وأسست دولاً في مناطق مختلفة كالدولة الفاطمية بمصر، والدولة الصفوية بالعراق وإيران، والدولة الزيدية في اليمن، وحتى دولة الخميني في إيران، وكلها قالت إنها الخيار الوحيد أمام المسلمين لتحقيق الدولة النموذجية والمثالية والامتثال لأوامر الله، وكلها أيضا فشلت في تقديم أي نموذج ناجح لدولة تحترم مواطنيها وتحقق مصالحهم، بل حولتهم إلى كائنات حربية تقاتل من يرفض الخضوع للحاكم الذي يدعي أنه يمتلك تفويضاً من السماء بحكم الآخرين، فجاعوا والحاكم يشرف على تجويعهم، ومرضوا والحاكم يشرف على عدم علاجهم، وخافوا والحاكم يشرف على إخافتهم وإرهابهم وقمعهم.

كل ادعاءات هذه الجماعات كانت متشابهة ونظرية ولا وجود لها على الأرض حتى بعد أن وصلت إلى الحكم وأقامت دولها التي طالبت بقيامها لتطبيق نموذجها في الحكم، فلماذا يتكرر هذه الادعاء اليوم في اليمن؟!

بنفس الدعاية والادعاء، حشد الحوثي المواطنين وموظفي القطاع المدني والعسكري بالقوة إلى ساحة موازية لدار الرئاسة رمز نظام الحكم في دولة ديمقراطية، ومحاذية لميدان السبعين رمز صمود ثورة جمهورية، ليقول لهم بأنه وحده البشر الأنقى والأطهر والأحق بحكمهم وأنهم مجرد كائنات بشرية درجة ثالثة وظيفتها خدمته وطاعته، وأن هذا اليوم ذكرى منح الرسول شخصا من أسرته حق الولاية على المسلمين قبل 1400 سنة، وهو وريثه اليوم على اليمنيين.

هل تتذكرون ادعاء الحوثي بأنه واجه الدولة بالسلاح منذ العام 2004، لأن علي عبدالله صالح ينوي توريث الحكم لنجله أحمد؟

فكيف يمكن للحوثي أن يكون وريثاً لعلي بن أبي طالب بعد 1400 سنة على مقتله، وبدون أي دليل قطعي بأنه من سلالته، بغض النظر عن أي اعتبار آخر؟!

هل تتذكرون ادعاء الحوثي بأنه سيدخل صنعاء لإسقاط جرعة هادي وحكومة باسندوة الفاسدة؟

فما هو الفساد الذي قام الحوثي بمحاربته وهو يقدم أعلى نموذج فساد في العالم، وهل حكومة ابن حبتور أقل فشلاً من حكومة باسندوة وهي تسرق حتى مرتبات الموظفين؟

هل سقطت الجرعة التي رفعت سعر البترول إلى 3500 ريال، والحوثي اليوم يبيعه بـ5900 ريال ويختلق الأزمات لإخفائه من المحطات وبيعه في السوق السوداء بسعر يصل إلى 20 ألف ريال اليوم؟

هل تعيين أسرة عبدالملك وشركاه بأهم وأعلى المناصب في سلطته التي أخذها بالسلاح، محاربة للفساد، أم محاربة للتوريث، أم تطبيق لمبدأ الكفاءة والنزاهة في وظائف الدولة؟!

هل يستطيع عبدالعزيز بن حبتور أو أي مسؤول آخر رفض أمر لأصغر مسلح حوثي ينحدر من صعدة؟

هل تخصيص 20% من موارد الدولة بموجب قانون الحوثي لمن يسميهم بـ(الهاشميين) دون سائر اليمنيين، هو المساواة التي يتحدث عنها في خطاباته التضليلية؟

إذا وسعنا دائرة الرؤية قليلاً، وتجاوزنا المنطق والعقل ومبدأ الإسلام في المساواة والعدالة، وصدقنا الحوثي ودعاة الطائفية الآخرين بحديث الولاية، هل كان محمد بن عبدالله نبياً يدعو إلى توحيد الله وصون كرامة خلقه، أم ملكا متوجا على أتباعه، وهل طاعه أصحابه لأنه نبي أم لأنه سلطان عليهم؟

هل يمكن لإنسان عاقل في القرن الواحد والعشرين أن يخرج في حشد يؤيد مصادرة حقوقه بشكل كامل، ومنح شخص آخر الحق المطلق خارج الدستور والقانون؟!

هل هناك فكرة مثالية، تقوم بمصادرة حق الآخرين في اختيار حاكمهم، وتقسم البشر إلى أسياد وأتباع/عبيد؟!

في فن صناعة القطيع، عليك بتحويل الأفكار إلى قناعات مطلقة، بحيث ينتقل القطيع الذي تقوده تلقائياً من مناقشة صحة أو خطأ الفكرة إلى التفكير في كيفية تطبيقها كقناعة، فالفرد عندما يسلم عقله للجماعة يكون في أضعف لحظات المنطق والفهم، ويمكن أن ينقاد بحماس خلف الفكرة التي قدمها له النموذج الأعلى لجماعته/قائد القطيع، فتتولد حالة من الشعور بالرغبة في الوصول إلى الشخص النموذجي الذي صاغت الجماعة مواصفاته من وجهة نظر قائدها، وأبرزها الاتباع والانقياد والإيمان القطعي بصحة أفكار القطيع دون غيرها، وهذا ما تنفذه الجماعات القطيعية المغلقة كجماعة الحوثيين اليوم.

عندما وصل الخميني إلى طهران على متن الطائرة الفرنسية، سمى نفسه قائد الثورة الإسلامية، ولم يتحدث عن الولاية في حينه بل عين رئيساً للبلاد ورئيس حكومة من خارج ما يسمى بالمرجعيات الدينية الشيعية، وسانده اليساريون من حزب تودة المعارض للشاه.

خلال أقل من عامين كان كل من نجا من القتل بسيف الخميني من هؤلاء قد أصبح في السجون والمعتقلات والمنافي، فلا حليف لطائفي عنصري يدعي الأفضلية على سواه، وهو يستخدم الآخرين مؤقتاً حتى يستغني عن خدماتهم فيزيحهم من طريقه بكل السبل.

ألم يبرر الخميني قتل معارضيه وحلفائه على السواء بالحرب مع العراق يومها، كما يصنع الحوثي بالحرب التي لا يقاتله فيها أحد اليوم؟!!

فلماذا لم يتعلم اليمنيون الدرس مع الحوثي وهو يطبق نفس المنهجية التي طبقها الخميني قبل أربعة عقود؟!

يغرق اليمنيون في السيول، ويموتون تحت أنقاض بيوتهم، والحوثي يرفع لوحات الولاية في الشوارع المملوءة بالحفر ومصائد الموت اليومية.

يموت اليمنيون جوعاً على أرصفة الشوارع، والحوثي يرفع لوحات الزكاة على الأرصفة ذاتها التي يلجأ إليها الفقراء فاقدو المأوى والطعام.

يدعو الحوثي للتبرع لضحايا انفجار بيروت الذي تسببت فيه سياسات حليفه نصرالله، ويطالب الأمم المتحدة بدفع 60 مليون دولار ليسمح لها بمنع كارثة أشد وأوسع على ملايين اليمنيين قد يسببها خزان صافر في رأس عيسى.

يتحدث الحوثي عن الكرامة، ويمتهن كرامة اليمنيين كل لحظة.

باع الحوثي أراضي ومزارع الجيش والحرس الجمهوري في منطقة بني حشيش لأتباعه بمليارات الريالات، ولم تدخل تلك الأموال أي بنك أو خزينة حكومية ولو شكليا كونها تحت سيطرته، بل سرقها قادة جماعته بذريعة الجبهات.

صادر الحوثي أكثر من مليار ريال من إيرادات هيئة المساحة الجيولوجية بنفس الذريعة، بينما موظفو الهيئة بدون مرتبات.

رحل حمود عباد أكثر من مليار ونصف من إيرادات مكتب الأشغال بالأمانة، بعد صرف ثمانية مليارات منها العام الماضي، لكنه لم يردم حفرة واحدة، ولم يقم بسفلتة شارع واحد، فالصيانة الترقيعية لبعض الشوارع يقوم بها مشروع الأشغال بتمويل البنك الدولي، ولا يسمح له الحوثي بمجرد وضع لوحة للمشروع تشير للجهة الممولة.

صادر الحوثي بيوت وشركات وأرصدة وأراضي كل معارضيه، وقيمتها تتجاوز خانة المليار إلى الترليون، فأين ذهبت، ومن يتحدث عنها اليوم مجرد حديث، ولو ما أعلنه منها كذهب حميد الأحمر وصالح الذي روج له يومها؟!

هذا هو الحوثي، سواءً كان من سلالة الرسول أم من سلالة جنكيزخان، مجرد عصابة طائفية عنصرية تشرعن لجرائمها ضد اليمنيين بالكذب والتضليل وتزوير الإسلام والافتراء على النبي.

رغم كل هذا وما قبله وما بعده من جرائم وتضليل وفساد وعنصرية وكراهية مارسته الجماعة، هل يقبل الحوثي هذا الرهان للاعتراف به:

أتحدى عبدالملك الحوثي أن يظهر مرة واحدة وهو يرفع راية الجمهورية، ويقف للسلام الوطني مردداً النشيد الوطني للجمهورية اليمنية.