صحيفة أمريكية: تسرب النفط من ”صافر“ سيدمر بيئة البحر الأحمر

إقتصاد - Tuesday 11 August 2020 الساعة 11:50 am
نيوزيمن، ترجمة خاصة:

حذرت صحيفة "واشنطن بوست من كارثة مشابهة لبيروت قبالة الساحل الغربي لليمن، قائلة إن سفينة كبيرة "المهددة بالانفجار الوشيك" ظلت عاجزة لسنوات في الماء، دق الخبراء جرس الإنذار مرارا وتكرارا، محذرين من كارثة كبيرة يمكن الوقاية منها، ومع ذلك تم تجاهل التحذيرات.

وقالت الصحيفة الامريكية، يبدو كما لو أننا نعيش في الفترة التي سبقت انفجار مرفأ بيروت القاتل الذي حدث هذا الأسبوع وهي أسوأ كارثة ضربت لبنان منذ عقود، لكن الاستثناء هنا - تشير الصحيفة - هو أن هذا السيناريو يتكشف قبالة الساحل الغربي لليمن، مما يهدد بإحداث أسوأ تسرب نفطي على الإطلاق في العالم بالإضافة إلى أضرار بيئية لا توصف.

وجدد أثار الدمار والقتلى في بيروت، مخاوف بشأن كارثة مماثلة ربما تحدث في اليمن، مع عواقب وخيمة محتملة على أفقر دولة في العالم العربي.

ومنذ عام 2015، عندما اشتد الصراع في اليمن، توقفت ناقلة النفط "صافر" في البحر الأحمر، وعلى متنها ما يقرب من 1.1 مليون برميل من النفط. وتقول الأمم المتحدة إن حالتها تتدهور يوميا، مما يزيد من فرص حدوث تسرب للنفط إذا ما تمزق أي من صهاريجها. ووفقا لتقارير الأمم المتحدة، بدأت مياه البحر تتسرب بالفعل إلى الناقلة.

 وفي حالة وقوع كارثة، يقول خبراء فإنها يمكن أن تطلق هذه الناقلة أربعة أضعاف كمية النفط الخام المتسربة في كارثة إكسون فالديز عام 1989. وهذا من شأنه أن يضر بالحياة البحرية ويعطل ممرات الملاحة الدولية الهامة في البحر الأحمر، ويدمر الاقتصادات الإقليمية أيضاً.

كما اعتبر الخبراء الناقلة صافر أيضا بأنها قنبلة محتملة، مثل المخزونات الكبيرة من نترات الأمونيوم المتفجرة المخزنة في مرفأ بيروت، ولذا يحذر الخبراء من أن النفط المخزن في الناقلة لسنوات دون تهوية، يشكل تهديدا كبيرا للانفجار.

وقال إيان رالبي، الرئيس التنفيذي لشركة، كونسيليوم، وهي شركة استشارية للأمن البحري، وكتبت على نطاق واسع عن الناقلة صافر، إن "التحذيرات المتعلقة بنترات الأمونيوم في مرفأ بيروت ظلت مجرد افكار غير محسوسة للناس (..) ولم يدركوا العواقب الهائلة للتقاعس".

وحذر رالبي قائلا إن "الامر مشابه جدا لما يحدث مع الناقلة صافر".

وتحاول الأمم المتحدة لسنوات إجراء تقييم تقني لحالة الناقلة وإجراء إصلاحات خفيفة، وهي خطوة أولى لتفريغ النفط في نهاية المطاف، وسحب السفينة إلى مكان آمن للفحص والتفكيك. لكن السفينة، التي تبعد حوالي 37 ميلاً شمال غرب مدينة الحديدة الساحلية اليمنية، لازالت راسية في المياه بالقرب من المناطق التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون في شمال اليمن.

ولا تزال الأمم المتحدة حتى الحين تنتظر الإذن من الحوثيين لزيارة السفينة. وفي الشهر الماضي، أخبر مارك لوكوك، أكبر مسؤول إنساني في الأمم المتحدة، مجلس الأمن أن الحوثيين وافقوا أخيرا على السماح لبعثة تابعة للأمم المتحدة بتفتيش السفينة، لكن لوكوك أشار أيضا إلى أن المتمردين فقط منحوا الإذن في أغسطس 2019 قبل أن يلغوا المهمة في الليلة التي سبقت موعدها.

ويرى رالبي ونشطاء حقوق إنسان ومحللون، أن الحوثيين يسعون لبيع النفط على متن السفينة، الذي تقدر قيمته بما يصل إلى 40 مليون دولار في وقت ما، على الرغم من أن رالبي ومحللين آخرين يقولون إن قيمة الشحنة باتت أقل بكثير الآن، بسبب وباء فيروس كورونا بالإضافة لحالة التخمة العالمية في النفط الخام وخمس سنوات من البقاء في خزانات متآكلة. 

لكن الواشنطن بوست أشارت أن المتمردون الحوثيون يأملون في استخدام النفط كأداة مساومة ضد الحكومة اليمنية والتحالف العربي.

ويرى محللون أن هناك تشابه كبير بين بيروت واليمن من حيث الكارثة.

من جانبه، قال جيري سيمبسون، مدير قسم الأزمات والنزاع في منظمة هيومن رايتس ووتش لواشنطن بوست: "في حالة الحوثيين، فإنهم يعرضون حياة 30 مليون شخص وسبل عيشهم ورفاهيتهم للخطر لأسباب استراتيجية وعسكرية وسياسية (..) أما في حالة سلطات بيروت، فيبدو الأمر وكأنه إهمال محض".

مضيفا أن الحوثيين ليس لديهم أي مصلحة على الإطلاق في التخلي عن المزايا الاستراتيجية في حربهم، معتبرأ أن "الناقلة هي أداة تفاوض بالنسبة للمتمردين للوصول إلى نتائجها الاستراتيجية".

وأعربت الحكومة البريطانية وكبار مسؤولي الأمم المتحدة الشهر الماضي عن مخاوفهم بخصوص الناقلة صافر.

وقال إنغر أنديرسن، المدير التنفيذي لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة: "إذا خرج الوضع عن السيطرة، فسيؤثر بشكل مباشر على ملايين الأشخاص في بلد يعاني بالفعل من أكبر حالة طوارئ إنسانية في العالم"، مضيفا بأن ذلك "سوف يدمر أنظمة بيئية بأكملها لعقود من الزمان وسيتجاوز الحدود".

ومن المؤكد أنه سيؤثر على حياة 28 مليون يمني على الأقل، يعانون بالفعل من الجوع والمرض وانتشار فيروس كورونا. 

وقال إيان رالبي "إن الكثيرين يعتمدون على موارد البحر الأحمر لكسب عيشهم، ومن شأن التسرب النفطي الهائل أن يدمر فرص الصيد والتنمية الساحلية لأجيال".

ونقلت الصحيفة عن دراسة اجريت بتكليف من الأمم المتحدة، أن تسرب النفط يمكن أن يضر بمصايد الأسماك على طول ساحل البحر الأحمر اليمني، ويؤدي إلى زيادات حادة في أسعار الوقود والغذاء، ويسبب خسائر في المحاصيل ويلوث الآلاف من آبار المياه.

كما ستتدمر النظم البيئية للبحر الأحمر، وهو مجال تنوع بيولوجي مهم. وسيقتل أي تسرب نفطي مئات الأنواع من الثدييات البحرية والسلاحف البحرية والطيور البحرية، بالإضافة إلى تدمير الشعاب المرجانية التي لم تطالها يد الانسان من ذي قبل. بحسب الدراسة

وختمت الصحيفة الامريكية تقريرها بعبارة مهمة للمدير التنفيذي لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة والذي قال: "في هذه الصورة القاتمة، هناك نقطة مضيئة واحدة، وهي أن (هذه الكارثة يمكن تفاديها تماما، إذا تصرفنا بسرعة)".