"المصبار" تهامة.. كانت هنا

المخا تهامة - Tuesday 11 August 2020 الساعة 05:24 pm
نيوزيمن، كتب/ عبده العبدلي:

غادروها بعد نداء التحذير من قدوم السيل تاركين أمتعتهم وما يمتلكون من ثروة حيوانية قبل أن يداهم السيل القرية، وحين عادوا إليها وجدوا أنفسهم أمام كارثة حلت بهم.. لقد داهم السيل قريتهم فجرف معظم منازلها المهترئة وتحولت إلى قطعة أرض خالية من المباني عدا بعض البيوت التي تضررت وبقيت شاهداً على أن قرية كانت هنا اسمها (المصبار).

قرية المصبار، هي إحدى القرى التابعة لمديرية المراوعة محافظة الحديدة، تقع جنوب غرب المديرية، وقد اشتهرت هذه القرية بزراعة أجود أنواع التنباك وبعض المحاصيل الزراعية الأخرى.. داهمتها السيول الجارفة فكانت على قائمة القرى والمناطق الأكثر تضرراً، وأصبحت أثراً بعد عين، حيث جرفتها السيول ومسحتها فلم يبق فيها سوى بعض البيوت.

الصبية والأطفال وطلبة المدرسة يحدقون بعيون دامعة في أرجاء القرية.. الفاجعة كبيرة.. كل واحد منهم يحدث نفسه.. هنا كان منزلنا.. هنا بيت جارنا فلان.. هناك مزرعة الحاج فلان.

ما زالت كارثة السيول التي جرفت المراوعة قبل 45 سنة تقريبا والتي أطلق عليها (أبرة مرداس) نسبة إلى المسلسل العربي الذي كانت حلقاته تعرض عبر التلفزيون اليمني في تلك الفترة راسخة في أذهان كبار السن من أبناء مديرية المراوعة والتي كانت أشبه بكارثة اليوم.. وكلمة (أبرة أو أبار) عند أهل المراوعة تعني السيل.

كارثة السيول التي حلت بالمراوعة ناتجة عن تصرفات قديمة جديدة يمارسها متنفذون من كبار ملاك المزارع الواقعة في وادي سهام من خلال تحكمهم في ما يسمى (محمل الشريفية) والذي يؤدي كسره إلى تغيير مجرى السيل عن ممره المعتاد فيتجه بسرعة قوية إلى مدينة المراوعة (مركز المديرية) وأحد المنشآت الصناعية.. فيما بقاؤه سليماً يجبر السيول إلى التوجه إلى قرى الكتبية، جاحش، منظر ومن ثم إلى البحر الأحمر بالحديدة مصبه الأخير.

تبقى المأساة.. ويبقى المتنفذون بعيدين عن المحاكمة على جرائمهم المتكررة بحق سكان المدينة.. قضية ضد مجهول تسجل عند كل كارثة.. أرواح البشر وممتلكاتهم والخسائر التي تكبدوها لا تعني أولئك المتنفذين في بلد ذبح فيه القانون بسكاكين النفوذ والقرابة وقوة المال.

*من صفحة الكاتب بالفيسبوك