رحلة البحث عن الدولة.. سنوات عجاف من حكم إمارة الإخوان لتعز

تقارير - Sunday 04 October 2020 الساعة 10:41 pm
تعز، نيوزيمن، باسم علي:

هل يؤمن الناس في تعز بسلطة الإخوان المسلمين أو إمارة الإخوان في تعز كممثل للشرعية أو كذراع للحكومة.. هذا السؤال يتردد كثيراً حين نسمع استفساراً مضاداً من الناس في تعز رداً على فشل السلطة في أداء أبسط واجباتها، وهذا الاستفسار المضاد مفاده.. لماذا هؤلاء هم دولة أو رجال دولة؟

هناك إيمان راسخ لدى سكان تعز بأنه لا توجد دولة تحكمهم وليس لديهم ولو ذرة من الاعتقاد وليس القناعة انهم يعيشون تحت سلطة وحكم مؤسسات دولة، وهذا يعود إلى تراكم فشل للسلطة في تعز منذ رحيل شوقي أحمد هائل، وحين جاء المحافظ أمين محمود استعاد الناس ثقتهم بالدولة وشاهدوا محافظا يتحرك كممثل لدولة لكن سرعان ما تم الإطاحة به ليموت تماما الأمل بعودة قريبة لرجال الدولة.

غابت الدولة عن تعز منذ بداية الحرب قبل أكثر من خمسة أعوام وما زالت غائبة إلا عن حركة أطقم الجيش والأمن التي تجول الشوارع ودون حتى أرقام تميزها أنها تنتمي لوزارة الدفاع.. وهذه الاطقم غالبا تتحرك كوسائل مواصلات لقيادات ومجاميع مسلحة وليست ذات مهمة إلا حين يتعلق الأمر بالتوجه جنوبا نحو الحجرية.

تغيب امدادات مشروع المياه منذ خمسة أعوام وانتهت شبكة الكهرباء باستثناء بعض الخطوط تستخدم من قبل الكهرباء التجارية مقابل نسب من العائدات تدفع لكبار القادة والمسؤولين.. يعيش التعليم حالة انهيار مرعبة في مدينة ومحافظة صدرت عشرات آلاف الكوادر والمتعلمين إلى داخل اليمن وخارجها.. حيث تحولت المدارس إلى معسكرات تدريب ومقرات عسكرية حتى محور تعز يحتل مدرسة يستخدمها مطبخا وسجنا.

لا توجد سلطة في تعز تحمي الناس من بلطجة القوة المنفلتة والسلاح غير المقنن ولا تنظم الجهات الرقابية عمل الأسواق والتجار حيث كل قطاع يتحرك ويمارس عمله وفق قوانينه التي يرسمها هو كما تقتضي مصالحه الربحية ويصبح نجل رئيس نيابة تعز ناهبا أو حاميا لناهب أملاك برلماني سابق هكذا دونما خجل من انتقادات الناس.

تجبى الإيرادات بالمليارات من النقاط ومن المصادر الايرادية لكنها تتوزع على كبار القادة والمحصلين وما يصل منها للبنك المركزي لا يساوي 10 % من ايراد مديرية واحدة قبل عشر سنوات من اليوم، وليس غريبا ان تصبح جوازات تعز اكبر جهة إيرادية تورد عائدات لخزينة الدولة في المحافظة.

في تعز تنهب أراضي الناس وأراضي الدولة واوقاف مضى عليها قرون ولم يقترب منها احد منذ أيام الدولة الرسولية، في حين يتقاسم أبناء القادة وزعماء العصابات مهمة حماية الملاك الحقيقيين مقابل نصف ما يملكون من أراض وإلا ذهبت كل الأرض لهوامير النهب وتفيد حقوق المواطنين البسطاء.. في تعز لا يوجد قانون الخمس الحوثي بل يوجد قانون النصف الإخواني.

لا يثق الكريمي، على سبيل المثال، في البنك المركزي فرع تعز مطلقا حيث يرفض الأول تغطية شيك رواتب مؤسسة صغيرة لا يتجاوز 10 ملايين ريال ما لم تصل السيولة مرفقة مع اشعار البنك، لأن البنك المركزي فرع تعز ليس سوى كشك صغير معرض للاقتحام وانهاء عمله في أي وقت من قبل المجاميع المنفلتة والعصابات وجميعها تنتمي للجيش والأمن.

في تعز تتحدد أسعار السلع بموجب ما تفرضه النقاط من جبايات على سيارات نقل البضائع من خارج المحافظة، وتتحدد الجبايات بمقدار ما يطلبه القادة من إيرادات يومية حسب احتياجاتهم للسيولة والصرفة وتتحدد كلفة ما يفرض على المستهلك المنهك بقدر ما يتوافق عليه التاجر والقائد الذي ليس لديه سلطة قوية سوى على نقاط الجباية.

تتوسع قائمة المدارس الخاصة مقابل انحسار التعليم الحكومي، وتزداد الجامعات الخاصة على حساب جودة التعليم ومخرجاته، وتموت المستشفيات الحكومية وتتلاشى خدماتها مقابل ازدهار المشافي الخاصة مع افتقار الجميع للكادر الطبي المؤهل إلا ما ندر، بسبب رحيل الأطباء إلى خارج المحافظة وخارج اليمن.

خلال خمس سنوات تحولت تعز إلى بيئة طاردة للنشاط التجاري ليس فقط بسبب الحرب بل لغياب أي وجود لدولة أو سلطة تحمي حقوق الناس وتجارتهم، فلم تشهد تعز سوى افتتاح مول تجاري واحد هو نيومارت وفي مساحة صغيرة وعلى شارع جمال ومطعم واحد هو مطعم السعيد على أنقاض مطعم العربي الذي اغلق بسبب اقتحامه من قبل مجاميع الشيخ حمود المخلافي وديونه لدى قادة المجاميع والجيش.

رحلة البحث عن الدولة ورجال الدولة ومؤسسات الدولة ستطول في تعز، وسينتظر أبناء المحافظة طويلا حتى ينزاح هذا الظلام الجاثم على أيامهم منذ 6 سنوات عجاف من حكم إمارة الإخوان المسلمين ممثل الشرعية لإدارة تعز.