الصحفي نمران: علي محسن أراد من صفقة التبادل إرباك جبهات مأرب والشرعية إسقاطها والحرب وحَّدت القبائل المتنازعة

تقارير - Thursday 08 October 2020 الساعة 09:46 am
المخا، نيوزيمن، حوار خاص:

قبل أشهر، كانت المخاوف من سقوط مأرب تدفع عدداً من الزملاء بالساحل الغربي للتوجه إلى الصحفي عبدالوهاب نمران، مراسل قناة اليمن اليوم، للتأكد من صدقية ما تروج له مليشيات الحوثي.

لكن ردود الشاب المنتمي لمحافظة مأرب وقبيلتها العصية عن الكسر، مراد، كانت هادئة ومطمئنة كما كان رده يتسم بالثقة العالية "مأرب عصية عن السقوط في ظل وجود رجالها الذين يقاتلون في أكثر من ثلاثين محوراً قتالياً"، ليختتم حديثه في كل مرة بكلمة واحدة: "لا تقلقوا".

لكن ردوده غالباً ما كانت تثير الحيرة، نظراً للكم الهائل من الأخبار التي روجت بأن مليشيا الحوثي على وشك الدخول إلى مأرب، وكان مبعث القلق يدفع بالبعض للبحث عن إجابات قريبة من تفاصيل المشهد بعيداً عن أروقة الصحافة.

غير أن صدقية الصحفي نمران بدأت تتحقق، إذ كانت المعارك خلال الأسبوعين الماضيين حاسمة تمكن خلالها مقاتلو الصحراء من استرداد مناطق شاسعة.

في لقائه مع نيوزيمن، يكشف الصحفي الماربي عن طبيعة المعارك وسبب تخلي حزب الإصلاح وعلي محسن عن تلك المدينة التاريخية، كما يكشف أجزاء من فصول المؤامرة القبيحة التي خططت لها جماعة الإخوان، وكيف تمكن رجال القبائل بفطنتهم البدوية من كشف خيوطها وإفشالها.. فإلى نص اللقاء.

▪لماذ تخلت الشرعية عن مأرب وتركت القبائل يواجهون الحوثيين بمفردهم؟

دعني أحدثك عن سير المعارك، كوني أولاً صحفياً، وثانياً أحد أبناء قبيلة مراد، إذ يجري القتال اليوم على حدودها بالجهة الجنوبية لمأرب والمحاددة لمحافظة البيضاء منذ سبعة أشهر، حيث تقوم مليشيا الحوثي بمحاولات مستميتة لتحقيق أي تقدم من سبعة محاور قتالية، لم يتوقف القتال في أي من تلك الجبهات حتى لدقيقة واحدة.

يتركز المحور الأول باتجاه ردمان والآخر من اتجاه ولد ربيع بالبيضاء ومن اتجاه جنوب قانية والوهبية ويكلا قيفة، جميع تلك المحاور مشتعلة ولم يتم إسناد قبائل مراد سوى من قبل طيران التحالف والذي بدوري أوجه لهم كلمة شكر باسم القبائل على إسنادهم لنا كما عهدناهم، بالإضافة إلى إسناد من بعض قبائل آل عقيل وآل أبو طهيف، أما الشرعية فلا وجود لها.

الإسناد الوحيد الذي حصلت علية قبيلة مراد من الشرعية كان بعد أن استعادت القبيلة لعدة مواقع إذ وجه وزير الدفاع بإرسال كتيبتين قتاليتين كتعزيز، وعندما وصل أفراد الجيش إلى نجد المجمعة طلبوا من رجال القبائل تسليمهم تلك المواقع وكانت تلك فرحة للأبطال أن يتم تعزيزهم فتم تسليم المواقع وعاد رجال القبائل إلى أسرهم كاستراحة مقاتل.

لكن ما حدث هو أنه لم تمض سوى خمس ساعات على عمليات التسليم حتى قام الجنود بالانسحاب من تلك المواقع ومثلت عملية التسليم صدمة لرجال مراد وقاموا بردة فعل ان تم احتجاز أفراد الكتيبتين ثم بدأوا باستعادة تلك المواقع ثانية، جميع رجال القبائل عرفوا أن هناك مؤامرة على أبناء مراد، يسعى البعض من خلالها إلى سقوطها بيد مليشيا الحوثي دون معرفة السبب في ذلك.

▪أفرج علي محسن عن ابنه وشقيقه في صفقة تبادل مع مليشيات الحوثي في الوقت الذي تشهد فيه مأرب معارك ضارية.. ما سر توقيت تلك الصفقة؟

الإفراج عن نجل علي محسن وعدد من رفاقه في صفقة تبادل أثارت استغراب جميع المرابطين من أبطال القبائل في الجبهات، والغريب هو ان من يدير صفقات التبادل لم يكتف بذلك انما استمرت تلك الصفقات والتي كان آخرها يوم الثلاثاء عندما افرج عن عدد كبير من أسرى الحوثي من أبناء حجة وصنعاء وذمار وعمران بطريقة سرية.

هذه التصرفات اثارت استغراب وغصب جميع أبناء قبائل عبيدة، الجدعان، مراد، بني جبر، بني عبد، آل عقيل، وآل أبو طهيف، وهم يقدمون قوافل من خيرة رجالهم على مدار الساعة في أكثر من ثلاثين محورا مشتعلا على حدود مأرب من اتجاه الجوف وصحراء المرازيق ومفرق الجوف وجبهة الحفرة الجدعان وجبهة صلب نهم ووادي الخانق وجبهة مخدرة من الجهة الشمالية وجبهة هيلان التي يتم تعزيزها من اتجاه بني حشيش صنعاء وجبهة المشجح وذات الراء من الجهة الشمالية الغربية وجبهة اتياس وتبه الشايف وصرواح من الجبهة الغربية ويتم إمدادها عبر الوتدة خولان صنعاء، فضلا عن جبهة مراد وسبعة محاور من اتجاه البيضاء الجهة الجنوبية للمحافظة وجبهة العبدية وثلاثة محاور فتحتها المليشيا عليها من الجهة الغربية لمأرب وكل هذه الجبهات تواجه خذلانا من الشرعية، ومع ذلك يتم الإفراج عن أسرى حرب ليعيدوا من جديد لتعزيز جبهات المليشيا المنهارة، وهذا يدل على أن هناك مساعي من قبل نافذين في الشرعية لإسقاط مناطق القبائل كونهم يتعرضون لبعض الإذلال من بعض رجال القبائل بأنهم لم يحموا منازلهم وسقطت مناطقهم بيد المليشيا مما يؤدي هذا عند البعض أن يتعاون مع المليشيا لسقوط مأرب حتى يتساوى الجميع في الإذلال.

بالإضافة إلى أن صفقة التبادل تعتبر التفافا على اتفاق السويد، ولم تكن حتى من ضمن ملف الأسرى المتفق عليهم مؤخرا والمفترض أن اتفاق السويد الذي أجبرتهم القوات المشتركة أن يهرعوا لتوقيعه واليوم يتباكون على توقيف زحف الابطال أن من بنود الاتفاق الإفراج عن الكل مقابل الكل بدون تجزئة، وعلى محسن بصفقة التبادل أراد إرباك الجبهات.

▪كثير من الناس ينساقون وراء شائعات الحوثي عن اجتياح مأرب.. فما تقييمك لسير المعارك وهل رجال القبائل قادرون على حسم المعركة بمفردهم؟

نعم شعبنا اليمني عاطفي ويصدق كل الأكاذيب التي تروج لها مليشيا الحوثي وعلى الجميع أن يعلموا أن المليشيا الإيرانية حاولت دخول مأرب قبل اجتياحها لعمران وصنعاء، وأتذكر أن الإصلاح والحوثيين كانوا حينها في خيمة واحدة في ساحة الجامعة والمعارك مستمرة من اتجاه الجوف على مأرب، وفي تلك المعارك استشهد شقيقي تركي وعدد من أبناء القبائل وعجزت المليشيا عن اجتياح مأرب وهي في تلك الأيام بكل قوتها البشرية والعقائدية قبل دخولها عمران، وبعد دخولها عمران صنعاء اجتاحت جميع المحافظات اليمنية جنوبا وشمالا ولم يتبق لها سوى مأرب التي طوقتها المليشيا حتى من اتجاه بيحان شبوة من الجهة الجنوبية ولم تتمكن من إحراز أي تقدم من كل الاتجاهات رغم حصولها على معسكرات بكامل عتادها في عمران وصنعاء وجميع المحافظات غير ما تمتلكه هي من معدات قتالية ومع ذلك عجزت عن تحقيق أي هدف رغم أن مأرب وذمار وعمران أقرب المحافظات للعاصمة صنعاء، فالمسافر من صنعاء عبر فرضة نهم يستغرق ساعتين لا غير وهو في مدينة مأرب ومع قربها وتحشيدهم وسيطرتهم على عتاد الجيش لم تحقق أي تقدم بل خسرت جميع مقاتليها من كتائب الموت، كتائب الحسين، كتائب الرزامي، كتائب الاقتحام، حتى كتائب الهندسة وزراعة الألغام تم حصدهم في جميع محاور مأرب ولم يحققوا أي تقدم وهم مسيطرين على جميع أنحاء الجمهورية ولم تبق غير حضرموت والمهرة ومن حسن حظهم بأن المحافظتين مجاورتان لمأرب، ولو كانت مأرب سقطت لتم سقوط المحافظتين، ولا ننسى دور إخواننا في التحالف العربي بقيادة الأشقاء في المملكة العربية السعودية والاخوة الأشقاء في إمارة الخير الإمارات العربية المتحدة في دحر المليشيا من أطراف مأرب حتى نقيل بن غيلان صنعاء، ولكن بعدما سقطت الجوف ونهم منذ أكثر من ثمانية أشهر والمليشيات تزج بعناصرها صوب مأرب وباءت بالفشل وخسرت في شهر واحد ما لم تخسره طول أعوام ماضية ومن الصف الأول من قياداتها رفقاء الصريع حسين الحوثي وبعد كل فشل يقومون بزرع وبث الإشاعات ونشر انتصارات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما الواقع يشهد غير ذلك.

وباستثناء متحدثهم العسكري الذي تعود الجميع أن يقدم بيانا عسكريا كل يومين، غير أنه منذ سبعة أشهر يتجنب الحديث عن معارك مأرب كما لم يتحدث عن سير المعارك، ولذا فيقومون بتغطية فشلهم بنشر أخبار كاذبة عبر أبواقهم المأجورة والعجيب أن هناك من يصدق وينساق وراء اكاذيبهم فكل يوم المساجد بمناطق سيطرتهم تزدحم بتشييع جثث صرعاهم من غير المغرر بهم والذين لا تزال جثثهم ملقية في الصحارى والوديان

▪هناك تسريبات بأن جزءاً من مؤامرة قيادة الإصلاح على مأرب نابعة من إهانة تعرض لها حميد الأحمر من أحد مشايخ مأرب.. فما هي تفاصيل الواقعة؟

تعرض أحد رموز الإصلاح وحاشد وهو حميد الأحمر لإهانة من أحد مشايخ مراد في مؤتمر القبائل الذي عقد بالرياض عندما صعد حميد الأحمر إلى المنصة ليلقي كلمة قبائل اليمن، حينها تصدى له أحد مشايخ مراد وأوقف الأحمر قائلا له من الذي فوضك أن تتحدث باسم مشايخ اليمن وأنت هارب في تركيا وتركت منازلكم ومناطقكم ومحافظتكم للمليشيا.. أنت أحد أسباب الفتنة فليس لك مكان بين الشرفاء ولا نسمح لك بالتحدث باسم قبائل اليمن وأنت لم تقاتل. وبعد ذلك تدخل أحد أعضاء اللجنة الخاصة وطلب تهدئة رجال القبائل، كما طلب من حميد الأحمر مغادرة القاعة.. وبرأيي أن مثل هذه المواقف التي يتعرض لها بعض الفارين الذين لم يدافعوا بطلقة واحدة عن منازلهم ومناطقهم وفروا بدون مقاومة قد يكون هذا من الأسباب التي تسعى لسقوط مناطق مأرب حتى يتساوى الجميع في الإذلال ويرفع عنهم قليلاً من الحرج الذي يتعرضون له في كل مجلس أو مؤتمر أو حتى في مواقع التواصل الاجتماعي.

▪التلاحم القبلي لرجال مأرب لم يكسر مليشيا الحوثي فقط وإنما قدم أنموذجاً يحتذى به في الألفة والتلاحم بين كافة المكونات الحزبية.. فما هو العائد لذلك هل هو الترابط القبلي أم المصير الذي فرضته الحرب؟

التلاحم والترابط القبلي ناتج عن العادات والتقاليد الاجتماعية والحفاظ على النسيج الاجتماعي، فعلى سبيل المثال العرادة هو أحد مشايخ آل فجيح عبيدة قبل أن يكون محافظ مأرب وقبل فتنة الحوثي كانت بين قبيلتي مراد وقبيلة العرادة وهو شيخهم وزعيم حربهم علينا قضية ثأر راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى حتى إن بعض القتلى تم ملاحقتهم بسبب الثأر إلى قاعات المحاضرات بجامعة صنعاء، وكانت كل قبيلة تسعى لاجتثاث القبيلة الأخرى، والطارف من أبناء القبيلة غريم.. وأتذكر أن حربنا لم تقتصر على السلاح الخفيف والمتوسط، وإنما استخدام صواريخ الكاتيوشا والمدفعية الثقيلة، وأنا في الابتدائية حتى تخرجي من الثانوية شاهد على تلك المعارك. والآن مع اجتياح الحوثي ومحاولته دخول مارب، أصبحوا إخواننا وأهلنا واصحابنا أبناء مراد في خندق واحد بجوار أبناء عبيدة للدفاع عن مأرب التي يعتبرونها كرامتهم ولا خلاف فوق خلاف المليشيا، فلم أتوقع أن يجتمع أبناء مراد مع عبيدة في موقع واحد طول ستة أعوام، وهذا ليس فقط في مراد ولكن أيضاً في آل عقيل وآل أبوطهيف بينهم عشرات القتلى ونفس المصير والجدعان وجهم نفس القصة وتوحد الجميع على العدو الكهنوتي عدو الجميع، وهذا هو التلاحم.. وبكل صراحة أبناء مأرب معظمهم لا يتعاملون بالحزبية وإنما الترابط والتلاحم القبلي هو من يوحدهم، وهو أقوى من كل شيء لديهم. 

▪هل لك أن توصف لنا حال الجبهات الآن، أين حقق فيها الحوثي بعض التقدم ولماذا وأين كسر وكيف تم كسره؟ وهل هناك تكتيك عسكري معين يستخدمه مقاتلو الصحراء في مواجهة مغول العصر؟ 

لم يحقق الحوثي أي تقدم ولكن حاول التوغل في بعض الوديان صوب مخدرة، وتم القضاء عليهم من قبل أبطال الجدعان وبني جبر، ولم يتقدم، فهناك عقيدة قتالية لرجال القبائل حول أرضهم وكرامتهم فكيف تريده أن يتقدم وأقل أسرة في مأرب خسرت ثلاثة شهداء، وهل تعلم أن عدد سكان مأرب الأصليين لا يتجاوز مائة وخمسين ألف نسمة وفيها مليونا نازح، وحاولت المليشيا أن تتوغل صوب شعاب رحبة ووادي العمود ماهلية الحدودية مع البيضاء ولكن يتم وضعهم في كماشة الأبطال واستنزاف يومي لهم.. وما أريد أن أؤكده هو أنه لا يوجد أي تقدم لمليشيا الحوثي، ونبشر الجميع بأن العزيمة والإصرار كبيران لدى أبطال القبائل لدحر المليشيات.