مناطق الحوثي.. مشرَّدون يملأون الشوارع ومقابر مغلقة وجثث مجهولة الهوية وجبايات

تقارير - Sunday 25 October 2020 الساعة 09:24 pm
عدن، نيوزيمن، تقريرخاص:

استعدادًا للاحتفال بذكرى المولد النبوي، حوّلت مليشيا الحوثي شوارع صنعاء وذمار وإب وتعز والحديدة وحجة والبيضاء وبقية المحافظات إلى ما يشبه الكتاب الأخضر، من خلال الإنارة واللافتات العريضة والخرق المعلقة فوق رؤوس الفقراء.

هكذا يستعدون للذكرى باستعراض قدراتهم في إنارة الجوامع ومباني الوزارات والمدارس والجامعات والشوارع، وحتى مبنى البنك المركزي الذي نهبوه.

كل ذلك يأتي كتعبير بسيط، حسب قولهم، عن حبهم لآل البيت، وفي ذكرى المولد الذي يصادف 12 ربيع الأول من كل عام هجري، في ظل معاناة أكثر من مليون موظف لم يستلموا رواتبهم منذ 4 أعوام.

تحولت الذكرى إلى مهرجان للجبايات، ونهب التجار وأصحاب المحلات والمواطنين، إما بسندات رسمية خاصة بالاحتفالية، أو بصورة عشوائية، مستعينين برجال الأمن وعقال الحارات والوجاهات والمشرفين.

لم تراع المليشيا مطلقًا الحالة الإنسانية التي تمر بها اليمن، وهي الأسوأ على مستوى العالم، بحسب تقارير المنظمات الدولية والجهات المانحة، التي تؤكد أن أكثر من21 مليون مواطن يحتاجون لمساعدات يومية.

كما أنها لم تأبه أيضًا للإحصائيات التي تقول بأن ما يقرب من 6 ملايين ونصف المليون من اليمنيين، يعانون من الاضطرابات النفسية نتيجة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية واستمرار الصراع.

ناهيك عن الوضع الأمني المتردي في مناطق سيطرتها، وارتفاع معدل الجريمة المنظمة وغير اىمنظمة وبشكل يومي.

فضلًا عن ذلك تزايد حالات الانتحار بشكل كبير أوساط الشباب، وكذلك العاملين في قطاعي التعليم والصحة، وسقوط آلاف الحالات والأسماء من كشوف "الضمان الاجتماعي".

تراجيديا مخيفة

لا يمر يوم إلا وحالات الفقر تتزايد في المناطق المسيطر عليها من قبل مليشيا الحوثي، ذراع إيران في اليمن، بالتزامن مع ارتفاع ضحايا الحرب وتبعاتها التي حولت الحياة إلى مشهد تراجيدي مخيف.

وصل الأمر إلى إغلاق بعض المقابر بالاسمنت أمام الزوار الباحثين عن بقعة لدفن موتاهم، بحجة أنها امتلأت ولم يعد هناك متسع لجثث جديدة.

ولتفادي أزمة المقابر كان الحوثيون قد افتتحوا خلال العامين الماضيين أكثر من مقبرة، تم تخصيص معظمها لقتلاهم الذين سقطوا بالآلاف جراء المواجهات مع القوات الحكومية وقوات المقاومة وطيران التحالف منذ العام 2015.

ينسحب ذلك إلى الأرصفة التي تعج بالمتسولين من كل الفئات العمرية ومن الجنسين، ومئات المشردين والمجانين الذين يلتحفون الأرض في جو قارس وشديد البرودة.

موت على الهواء

لم تكن صورة الكلاب التي تم تداولها بالأمس على نطاق واسع، وهي تحتضن صديقها الذي مات في العراء على قارعة الرصيف في محافظة إب، إحدى أهم مدن الشمال؛ سوى مشهد من مشاهد الموت اليومي الذي تُغذيه الحركة الحوثية بالشحن الطائفي والمحاضرات ونهب الإيرادات، وقطع الرواتب.

يقول مالك أحمد، أحد العاملين في قطاع التربية والتعليم، وهو يشاهد مظاهر الاحتفاء بالنبي في محافظة إب: لقد بالغتْ هذه الجماعة باهتمامها بكل شيء عدا المواطن اليمني والوطن.

وأضاف، لا يبدو على المشرفين في المحافظة سَواء من هم من أبنائها أو القادمين من صعدة وصنعاء أي تفاعل أو اهتمام، تجاه أزمة الغاز والمشتقات النفطية التي بلغت ذروتها. لقد وجهوا كل استعداداتهم للاحتفال وجمع المخصصات.

وكانت رسائل SMS من شركة "يمن موبايل" قد وصلت إلى معظم المشتركين تقريبًا خلال الأيام الماضية تحثهم على دعم الاحتفالية تحت شعار "رحماءَ بينهم.. أشداءُ على الكفار".

الأمر الذي أثار السخرية لدى عدد من المواطنين والموظفين والناشطين الذين تساءلوا بغرابة هم من أي الفريقين المذكورين في الآية.

جثث مجهولة الهوية

تعمل مليشيا الحوثي في مناطق سيطرتها وفقًا لظروفها التي تخلقها وتهيئها هي أمام كافة الأطراف، في محاولة منها لقهر المواطنين واذلالهم.

يتم ذلك دون أي محاسبة من أي طرف سواءً كان محلياً أو دولياً، لأن البلد مغلق تمامًا أمام الآخر لصالح نفس الجماعة لطالما ادعت التميز والاستقلالية.

أكثر من 10 آلاف معتقل يتوزعون على سجون المليشيا في كافة المحافظات التي يسيطرون عليها، يتم تصفية بعضهم بشكل مباشر، وآخرين ماتوا نتيجة للتعذيب ليتم تسجيلهم كجثث مجهولة.

كما تم تحويل بعض الأماكن العسكرية التي تعد هدفًا للطيران الحربي التابع للتحالف إلى معتقلات للعديد من الخصوم السياسيين وبعض الناشطين بغرض تصفيتهم.

بالأمس فقط دفنت سلطة صنعاء التابعة لمليشيا الحوثي ما يقارب 35 جثة، وبحسب الأنباء فإن ذلك تم بالتنسيق مع "الصليب الأحمر".

تشير التقارير إلى أن تلك الجثث التي تم دفنها تأتي كدفعة رابعة، وبحسب الإحصائيات فإن عدد الجثث مجهولة الهوية وصل إلى 715 جثة منذ بداية الحرب أواخر العام 2014، وهو رقم كبير، منها 232 جثة فقط في أمانة العاصمة وذمار والحديدة.

وهناك عشرات الجثث لمقاتليها كانت المليشيا قد قامت بدفنها على اعتبار أنها ضمن الذين سقطوا في المواجهات، ليتضح لاحقًا أثناء تبادل صفقات الأسرى أن تلك الجثث لآخرين وأن هؤلاء كانوا على قيد الحياة لدى الطرف الآخر.

استمرار الانتهاكات

أظهرت بعض حالات الأسرى الذين تم الإفراج عنهم مؤخرًا، حجم الانتهاكات الجسدية والنفسية التي تمارسها المليشا ضد المعتقلين.

وهي ممارسات دأبت عليها الجماعة طيلة الفترة الماضية، حتى من خلال الهجمات العشوائية التي تطال المواطنين بين حين وآخر، وزراعة آلاف الألغام والعبوات التي تسببت بالكثير من المآسي.

لم تقتصر تلك الانتهاكات على السجون والمعتقلات، بل تجاوزت إلى أصحاب المحلات التجارية، ومُلاك العقارات والقطاعات الحكومية كقطاع الصحة والتعليم والمنهج الدراسي.

في هذا الجانب ذكر تقرير حقوقي بأن المليشيا ارتكبت أكثر من 8140 انتهاكا بين قتل واعتداء في قطاع التربية والتعليم بأمانة العاصمة فقط.

وبحسب التقرير، الذي أصدره مكتب حقوق الإنسان في أمانة العاصمة، فإن الجرائم شملت عمليات القتل والوفاة تحت التعذيب، بالإضافة إلى الفصل والتعسف وإحلال بعض الأسماء.

يأتي هذا بالتزامن مع خصخصة بعض المدارس الحكومية وتغيير شامل وموجه للمناهج والكتاب المدرسي والجامعي.

كما كان تقرير سابق قد ذكر أن هناك أكثر من21 ألف مدرس وتربوي نزحوا من مناطق سيطرة المليشيا منذ بداية الحرب، فيما تعرض أكثر 2500 للقتل معظهم مديرو مدارس، إلى جانب الذين أصيبوا بإعاقات مدى الحياة.

هذا ولا تزال الاستعدادات قائمة حتى اللحظة للاحتفال بالمولد النبوي، بالتزامن مع افتتاح بعض "الحسينيات" الرسمية بالعاصمة صنعاء ووصول السفير الإيراني الجديد حسن ايرلو بطريقة مثيرة للجدل.