أهدتهم ورداً فأغدقوها بالقبح والقذائف: تهامة العابقة بالفل والحب

تقارير - Friday 06 November 2020 الساعة 07:09 pm
تهامة، نيوزيمن، فاروق ثابت:

 على مدى التاريخ لم تصدر تهامة لليمنيين سوى الماء والغذاء والفاكهة والود المشبع بالورد وقلوب المحبة البيضاء الأخاذة.

لا توجد فرحة أو مناسبة الاّ ووجدت معه الزهرة التهامية المعبرة عن الفرح والسعادة والسلام المعتصر بأرواح التهاميين الباعثة على السكينة.

من تهامة حيث الماء والخضرة والبحر و"طائر امغرب" يخرج الورد الصغير الابيض ليعطر كل اليمنين ويأخذهم إلى اجواء باذخة بالسعادة والانس والرومانسية.

"فُل اليمن" أو "الياسمين التهامي" ينهم اليمنيون في اقتنائه عادة كل خميس للجلوس مع قريناتهم فيما تفوح في المكان رائحته باعثة على الود بين المحبين، وبمجرد دخوله بيت أي يمني فإنه يجعل كل أيام اليمنيين خميساً.

منذ تاريخ طويل ارتبطت عادات اليمنيين ككل في الافراح وتزيين العروس باستخدام الورد والمشاقر وهي عادة موروثة منذ العصور الحميرية من حيث إن الورد ذو منظر جميل، ويبعث رائحة جميلة واعتقاد أنه طارد للارواح الشريرة، ولم يكن اضافة عقود الفل وتطاريزه الباذخة على العروس امرا طارئا، لكنه امتداد لتاريخ طويل برزت فيه عادات اليمني القديم المرتبطة بالرياحين والورود في مواسم الفرح والسعادة.

يعتقد مهتمون في الشؤون الزراعية اليمنية والعطريات دخول الفل التهامي مؤخراً اليمن عن طريق أحمد فضل القمندان العبدلي الذي عاش بين (1881-1943) حيث يروى انه ادخل فسيلة فل معه من الهند وزرعها في بستان الحسيني في محافظة لحج، ثم تمدد زراعة هذه الشجرة العطرية إلى أنحاء من اليمن بينها مناطق تهامة التي انتشرت فيها بسرعة من حيث ان هذه الشجرة تستطيع ان تتحمل درجة الحرارة العالية وتنبت في الاماكن ذات الحرارة المرتفعة، ومن هذه الاماكن: "التحيتا وزبيد، وبيت الفقيه، والعباسي".

ولا يستبعد صحة حكاية القمندان وفسيلة الفل القادمة من الهند من حيث انه وحتى اليوم تعد هذه الزهرة مقدسة لدى الهنود حيث يتم ارتداء عقودها واهداؤها للآلهة في المعابد تقرباً لهم ورغبة للتكفير عن الذنب، علماً بأنه يصل أسعارها أحياناً لدى الهنود إلى كلفة مرتفعة.

ومن انواع تشكيلات الفل "الكبش، والهَمَش، والعكاوة، والشهد، والشرديخة"، وعادة ما تملأ التشكيلات هذه اسواق اليمن قبل بدء ظهر كل خميس،

ولم يقتصر وجود هذه الزهرة في الأسواق اليمنية فحسب، ولكنها باتت طلباً للعشاق والمتزوجين في دول مجاورة كالمملكة العربية السعودية، وغيرها من دول الخليج.

لا شك في أن حديث الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم في وصف اليمنيين "أرق قلوباً والين افئدة" لا تنطبق على بقية اليمنيين أكثر من أبناء تهامة الذين ينطلقون لقول الشعر العذب ويهدون اليمن شمالها وجنوبها الخضار والفاكهة واجمل ورود الالهة: شجرة الفل العابقة بالحب والدفء والتي باتت تدر على كثير من الأسر في المناطق الآنفة الذكر دخلاً لا بأس به لولا دخول المنطقة مؤخراً في خط الحرب الذي ارغمت فيه من قبل الحوثيين قسراً، متسببة في فقدان الكثير من التهاميين عملهم في بيع الفل، فضلا عن تدمير الكثير من الاشجار بفعل القذائف وتخوف المزارعين من الدخول إلى أماكن الاشجار خشية الألغام الحوثية.

سلة اليمن ودوحتها الخضراء، ووردها الأخاذ، تغدق اليمن في إهداء الحب والورد، الجمال والسلام، فيما تكافئها المليشيا بنار الالغام والصواريخ والقنص والقذائف.