“القدس” شعار الطائفية لإسقاط الدولة الوطنية في العراق ولبنان واليمن.. العرب وثورة الخميني (2-2)

تقارير - Wednesday 18 November 2020 الساعة 11:00 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

في العام 1978 بدأت المظاهرات في إيران وكان “روح الله مصطفى الخميني” منفياً في منطقة "النجف" بالعراق وتحت الإقامة المشددة، قبل أن يقوم الراحل صدام حسين بطرده إلى باريس بطلب من شاه إيران.

في العام الذي يليه 1979 غادر الشاه طهران إثر احتجاجات عارمة عمت شوارع المدن الإيرانية، الأمر الذي مهد لعودة الخميني بطلًا.

وبحسب أحد صحفي البي بي سي، فإن "كل ذلك؛ جرى تخطيطه في قرية فرنسية وادعة، يكون فيها اختناق مروري أو سقوط الثلج حديث الناس لأيام".

حينها سئل الخميني عن شعوره؟ وهو في الطائرة عائدًا إلى طهران ليكمل ملف الاستيلاء على السلطة. فأجاب: "لا شيء".

كان هناك تهديد بقصف الطائرة في الأجواء لكن لم يحدث شيء من ذلك، وكأن اللعبة قد اكتملت، واستقبل الرجل بالسجاد الأحمر الغارق في الدماء.

الخميني.. واطمأن فارس عربياً

قاد “الخميني” البلاد من 13 أكتوبر 1981 حتى 3 أغسطس 1989م، بعد 14 عامًا قضاها في المنفى تنقل فيها بين تركيا والعراق وفرنسا، وتصادمت دولة الثورة الإسلامية بجمهورية صدام العربية في حرب الفواتير الباهظة التي دفعها العرب ولا يزال مفعولها قائماً حتى اللحظة، وبحسب الإحصائيات فقد خلفت نحو مليون قتيل وخسائر مالية كبيرة وصلت إلى 400 مليار دولار، استنزفت فيها البلدين، وكان المستفيد الوحيد منها “عقيدة الخراب” الخمينية التي عبأ بها جيشه “الشيعي” من كل من إيران والعراق.. ومن العجب أن الحرب التي انتصر فيها العراق عسكرياً هي التي مكنت “الخميني” من بناء جيش شيعي من العراق يقسمون له بالولاء، بعضهم من أسرى الجيش العراقي وبعضهم من المدنيين الشيعة الذين تم تعبئتهم بصفتهم معارضين لصدام.

وفي تلك الحرب ظهر “قاسم سليماني” ومشروعه، الذي أصبح كما وصفه خبراء “أكثر الفرس تأثيرا في العالم العربي بما يفوق الخميني نفسه”، حيث أنشأ “فيلق القدس” ضمن الحرس الثوري الإيراني، وهو الذي تولى كل مشاريع “الأطماع الإيرانية” عربيا.

ومنذ عودة الخميني في العام 1979 حتى اليوم لم يكسب العرب جميعًا أي جولة سياسية أو اقتصادية باستثناء الطفرة في البنية التحتية التي حدثت في الخليج، فإيران هي من كسبت العديد من جولات النفوذ بدأت بإسقاط بغداد عاصمة الدولة القومية العربية وإعدام الرئيس صدام حسين صبيحة عيد الأضحى 30 ديسمبر من العام 2006م، وهي اليوم تحتل “صنعاء”.

في التسعينيات، كان العراق داعماً للجيش اللبناني في بيروت برئاسة العميد ميشيل عون، وحين دخل العراق حروبه العربية العربية، انهار لبنان ولم يبق فيه سوى “حزب الله” الذراع الإيرانية الأقوى، التي استمرت بالنمو حتى دارت الأيام وصارت هي الحليفة لميشيل عون وقد صار رئيسا للجمهورية، ثم فتح باب الحروب في اليمن، وبعد ست حروب لم تتجاوز “صعدة” جاء الربيع العربي في 2011 ومهد الطريق للحوثي للاستيلاء على “صنعاء” بدون حرب.

أمريكا وإيران

إيران خلقت "مأساة إنسانية" في اليمن. بهذه العبارة اختزلت الولايات المتحدة الأمريكية ما يحدث لليمن من قبل النظام الإيراني، الأسبوع الماضي.

وأضافت المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة السفيرة (كيلي كرافت)، إن إيران خلقت مأساة إنسانية وصراعاً ممتداً في اليمن بسبب دعمها لمليشيا الحوثي.

ما تم طرحه من قبل واشنطن هو واقعي جدًا ما يعني أنهم على اطلاع كامل بالمجريات.

لم تتوقف السفيرة هنا عن حديثها في مجلس الأمن الدولي حول الدوافع المعاصرة للنزاع وانعدام الأمن، بل أضافت بأن إيران من أكبر الجُناة والدول الراعية للإرهاب في العالم.

كرافت أكدت أن طهران استخدمت نفوذها الخبيث لنشر العنف في جميع أنحاء الشرق الأوسط، من خلال دورها العسكري المباشر ووكيلها حزب الله ومليشيا الحوثي.

>> في أسبوع “ايرلو” الأول بصنعاء: قسم الحرس الثوري واللغة الفارسية.. العرب وثورة الخميني (1-2)

وقد ختمت حديثها المُركّز بقولها "إن إيران تعمق هذه الصراعات وتوسعها ويجب ألا نسمح لهذا أن يستمر".

واشنطن هنا تدافع عن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية فهي تشعر بخطورة التحركات الإيرانية وتأثيراتها، بالإضافة إلى الضحايا الذين سقطوا جراء عمليات استهدفت الأمريكان سواء بالعراق أو قبل ذلك في بيروت عندما تم تفجير السفارة في 18 أبريل 1983م والذي تسبب بمقتل 63 أمريكيا كانوا داخل السفارة الأمريكية.

لكن هذا صراع أكبر من “اليمن”، هو صراع قتلت عبره أمريكا ترامب، أكبر الرؤوس الإيرانية طموحا وحركة تجاه العرب “قاسم سليماني” في 3 يناير 2020م، أما يمنيا فإنه لن يعني شيئا.. أمر الحرب مع إيران يمنيا، هي حرب عربية إيرانية، والعرب يبدون حتى الآن رغم كل الدور السعودي يحاربون بدون مشروع واضح، كما قالها المفكر المصري محمد حسنين هيكل قبل وفاته.

ولذا فبعد 6 سنوات من الحرب، بدا أن إيران صارت أقوى في صنعاء مما كانت عليه قبل الحرب، ولم تراجع السعودية طرقها وتحالفاتها وادءها في إدارة الحرب منذ بدأتها.

لبنان أحد الضحايا

بعناية فائقة اختارت إيران أصدقاءها من الجمهوريين والملكيين في المنطقة تحت دعاوى التحرر والمقاومة، مستغلة الوجود الإسرائيلي على أرض عربية في الشريط الساحلي الشرقي للبحر المتوسط.

تتحدث التواريخ بأن بداية العلاقة بين دولتي لبنان وإيران كانت بين عامي 1952 و58م في عهد الرئيس اللبناني الراحل (كميل شمعون) والتي تزامنت مع إنشاء "حلف بغداد". حيث كانت إيران ضمن الحلف الذي أنشئ من أجل الوقوف أمام نفوذ الرئيس الراحل (جمال عبد الناصر).

وقد ساهم هذا التحالف في تقارب الدولتين نتج عنه زيارة (الشاه) عام 1957، أي بعد عام من العدوان الثلاثي على مصر 1956م بقيادة بريطانيا، فرنسا، إسرائيل.

صار ذلك مفتتحا لعلاقة حميمية دينية سياسية أصبحت بعد ذلك أمرا واقعا من خلال (حزب الله) في الضاحية الجنوبية.

كان لبنان أغنية يرددها الكثير من العرب لكن المعاناة التي عبثت بهذا البلد والحرب الأهلية والاجتياح والافرازات الطائفية والعرقية أهَّلها لأن تصبح منطقة موبوءة.

بالإضافة إلى "التنوع العرقي" الذي جعل منه بلدا يغرق في الانقسامات وانهيار العملة والاقتصاد وفساد أوصله في ال4 من أغسطس 2020 إلى "مرفأ" ملغم بالبارود و2700 طن من نترات الأمونيوم المخزن.

نقلت الكاميرات لحظات الانفجار أمام ذهول العالم، حيث قدر عدد الضحايا بأكثر من 1000 قتيل و4000 مصاب.

وتشير التقارير إلى أن إيران أنفقت ما يقارب ال 50 مليون دولار لإنشاء وتقوية أذرعها في لبنان منتصف الثمانينيات، هذا غير الذين تدربوا ودرسوا العلوم الفقهية في المدن الإيرانية، بالإضافة إلى تعاون 1500جندي من الحرس الثوري الذين شكلوا نواة القوة العسكرية في حزب الله.

فلسطين وإيران

كانت إيران، بحسب التقارير عينها على الفلسطينيين لا أكثر وتحديدًا حركة فتح بقيادة الرئيس الراحل (ياسر عرفات)، بحكم أن الشيعة في لبنان لم يكونوا قد تحمسوا بعد لهذا الزواج الناصع اليوم بين طهران ونصر الله.

أيًا كان هذا الطرح صائبًا أم لا فإن الأهم هو أن طهران فرضت ثقلها السياسي والديني الذي يدين لها بكل شيء حتى التفاصيل الصغيرة.

الأمر ذاته انسحب على سوريا وإن بصور مختلفة، لكن الخلافات العراقية السورية ومن ثم تدهور العلاقات العربية مع دمشق في السنوات الأخيرة خلق فرصة لإيران لم تكن لتحلم بها.

لقد دخلت بكل أجنداتها إلى قلب الشام سواءً عن طريق العراق أو بصورة رسمية، كحليف استراتيجي يواجه مئات الآلاف من المتطرفين الذين دعمتهم آلة المال الخليجي كقطر، وبعض الاستخبارات الأجنبية، حيث وصل عدد المقاتلين من المملكة العربية السعودية أكثر من 5000 مقاتل. 

كذلك فعلت تركيا التي تجاوزت الحدود الشمالية وفرضت روسيا نفسها من خلال قواعد عسكرية جديدة، بالإضافة إلى احيائها للقواعد السابقة.

حزب الله كان من الضروري أن يشارك في المعارك التي دارت على الأرض السورية بحكم أنه حليف موال للنظامين السوري والإيراني؛ بل تجْمعهم خصائص مشتركة من صميم الواجب القيام بأي دور.

إذًا، فإن الحضور الإيراني في الشام ولبنان والعراق جاء نتيجة لعوامل طبيعية أفرزتها الصراعات البينية والأطماع التي تراعي متغيرات المستقبل.

مع اجتياح لبنان في يونيو 1982 من قبل الجيش الإسرائيلي تدخل الحرس الثوري في العام التالي 83م، حيث وصل إلى الضاحية الجنوبية في عهد الرئيس أمين الجميل، قبل أن تنشب خلافات يطرد فيها السفير الإيراني ويعود من جديد بعد عام من المقاطعة.

خرج الحرس الثوري مطلع التسعينات من الأراضي اللبنانية بعد أن ثبتت أقدام إيران السياسية والأيديولوجية المتشددة.

في 28 نوفمبر 2010 قام رئيس الوزراء الحريري بزيارة إلى إيران التي عرضت عليه مساعدة الجيش اللبناني، وسط اتهامات أمريكية لإيران بتدخلاتها.

في 7 أبريل 2011 عاد سعد الحريري ليؤكد أن التدخلات الإيرانية من أكبر التحديات التي يجب مواجهتها من قبل العرب.