من تركيا.. رسائل اليدومي للسعودية ترسم ملامح تصعيد أخطر

تقارير - Sunday 29 November 2020 الساعة 05:57 pm
عدن، نيوزيمن، فريق التحرير:

تراوح محادثات تنفيذ اتفاق الرياض، في دائرة مفرغة، بعد مرور عام كامل على توقيع الاتفاقية، برعاية سعودية، بالتوازي مع تصاعد مقلق لوتيرة الهجمات المسلحة، في محافظة أبين جنوبي اليمن. 

وبينما كان اليمنيون يترقبون ولادة الحكومة الجديدة، بعد مخاض عسير في الرياض، خرج مؤخراً عضو الهيئة العليا لرئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، سالم العولقي، يعلن عن توقف المباحثات ويؤكد وجود حالة من "الانسداد السياسي" هناك.

واتهم العولقي، في تصريحات صحفية، حزب الإصلاح، ذراع الإخوان المسلمين في اليمن، بالوقوف خلف عرقلة كافة مساعي المضي قدماً في تنفيذ اتفاق الرياض، مطالباً قيادة التحالف العربي بالإعلان عن الجهة المعطلة للاتفاق.

ويستميت الإخوان للسيطرة على الحقائب السيادية في الحكومة المتوقعة، وهي محاولة تندرج في سياق اختطاف قرار "الشرعية"، وتوفير الغطاء السياسي للتدخل التركي الذي باتت تتحدث عنه قيادات إخوانية يمنية بشكل علني.

وأبرم اتفاق الرياض في 5 نوفمبر 2019، بضغط كبير من السعودية، وعد بمثابة عملية قيصرية ضرورية لتمتين جبهة "الشرعية" المتهالكة، وإعادة توجيه بوصلة المواجهة نحو مليشيا الحوثي، التي ما تزال تسيطر على شمال اليمن.

ومن وقت مبكر عمد تنظيم الإخوان إلى نصب الكمائن في طريق تنفيذ الاتفاق، وقد أماط ذلك اللثام عن الأجندات المتناقضة، وعن تأثير اللاعب القطري على قرار جناح كبير في هرم الشرعية اليمنية.

بيد أن موقف "الإخوان" الرافض لاتفاق الرياض، بدا أكثر جرأة، في غضون مغادرة رؤوس التنظيم الكبيرة، للسعودية، ووصولهم إلى تركيا، وأبرزهم محمد اليدومي رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح ورجل الدين المتشدد عبد المجيد الزنداني. 

وفي مؤشر على هذا التحول في موقف إخوان اليمن بكافة أجنحته، التي كانت تتبادل الأدوار خلال السنوات الماضية، أعلن اليدومي في تغريدة من تركيا، رفض حزبه لتشكيل الحكومة الجديدة، قبل تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض، وهو ما يسدل الستار، عن تصعيد قادم.

وقال اليدومي "عدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من تنفيذ الشق العسكري والأمني سيجعل ولادة الحكومة أمرا متعسرا وغير قابل لأعذار لا معنى لها ولا تصب في مصلحة أحد".

وبالتزامن، تزايد النشاط العسكري المدعوم من قطر وتركيا في محافظتي شبوة وأبين (جنوب اليمن) وتعز (وسط) مع بروز مؤشرات على رغبة أطراف يمنية وإقليمية في تفجير اتفاق الرياض، وخلق واقع جديد في المناطق المحرّرة.

وتحظى تحركات مليشيات الإخوان في محافظات تعز وشبوة وأبين والمهرة بغطاء سياسي من بعض القيادات النافذة في الشرعية والمنتمية إلى جماعة الإخوان، والتي تدعي دعمها للتحالف العربي، وتسعى في الوقت ذاته لتمكين الأجندة القطرية التركية من مفاصل الدولة ومؤسسات السلطة المحلية والجيش والأمن.

ويعتقد إخوان اليمن، أن فشل اتفاق الرياض، يعد نجاحاً، نظرا الى التعارض بين الأهداف التي وجد لأجلها، وأجندة التنظيم، المفتوحة على إملاءات الرعاة الإقليميين للجماعة، بما فيها إفشال السعودية.

ويرى هادي و"الإصلاح" أنه ليس من مصلحتهما التنفيذ الكامل للاتفاق، فالأول يجد نفسه مجبراً على التماهي شكليا إرضاءً للضغوط السعودية، بينما يتخذ الثاني من تعطيله مجالاً لتوسيع سيطرته على الأرض.

عام من الفشل

وتركز الاتفاق في شقه السياسي على تشكيل حكومة ائتلافية بمشاركة المجلس الانتقالي، في حين نص في شقه العسكري والأمني على انسحاب القوات المحسوبة على "الإخوان" من أبين وشبوة ودمج قوات المجلس الانتقالي ضمن قوام الجيش والأمن.

وكان يفترض ألا يمر اليوم الخامس من عام 2020 إلا وقد اكتمل تنفيذ "اتفاق الرياض" بجميع بنوده، وفي مقدمتها تشكيل حكومة مناصفة بين شمال اليمن وجنوبه، وتعيين محافظين جدد للمدن الجنوبية، وإعادة تشكيل قوات الجيش والأمن، غير أن ذلك لم يتحقق بعد عام من الفشل.

وبينما كان الطرفان قد مضيا باستحياء في تنفيذ جزء من تلك الآلية بإعلان تخلي "الانتقالي" عن الإدارة الذاتية لجنوب البلاد، وتكليف رئيس للحكومة المحتملة وتعيين محافظ ومدير أمن لعدن، كان الموقف على الأرض لم يتغير، بل رفعت قوات الإخوان من وتيرة القتال والتحشيد في أبين.

وفي منتصف يناير الماضي، وقع اتفاق تفصيلي ضمن "اتفاق الرياض" يشمل مصفوفة الانسحابات المتبادلة، وعودة القوات إلى مواقع متفق عليها، وتبادل الأسرى، غير أنه لم يرَ النور أيضاً، باستثناء تعيين محافظ لعدن.

ونهاية يوليو 2020، أعلن التحالف العربي بقيادة السعودية آلية لتسريع تنفيذ اتفاق الرياض؛ تتضمن تخلي الانتقالي عن الإدارة الذاتية، وتشكيل حكومة كفاءات مناصفة بين الشمال والجنوب، وفصل قوات الطرفين في (أبين).

وبناءً على آلية التسريع كان يفترض تشكيل الحكومة الجديدة، نهاية أغسطس الماضي، لكن الأمر يواجه عقبات كبيرة وسط إصرار من جانب محور (قطر- تركيا)، على إحباط مساعي السعودية لتمرير الاتفاق، وبالتالي فشل جديد في امتحان اليمن.