“حماية الجنوب والتحرُّك لتحرير الشمال” أهداف الانتقالي تؤذي هادي والإخوان.. الفساد الهارب من صنعاء يعبث بعدن

الجنوب - Wednesday 09 December 2020 الساعة 09:58 pm
عدن، نيوزيمن، تقرير مشترك:

“عدن” هي المتضرر الأول من بقاء المناطق المحررة بدون “حكومة”، وتماطل شرعية الإخوان في تشكيل الحكومة بعد مرور عام على الاتفاق على تشكيلها وفق اتفاق الرياض، وقد عمدت حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي على الاستمرار في إقصاء الجنوب منذ العام 2016 بعد إنجاز القوات الجنوبية تحرير عدن وكل المحافظات الجنوبية، وتقدمت لتحرير مناطق شمالية من الذراع الإيرانية، حيث أقالت كل قيادي جنوبي في الحكومة ابتداءً بنائب الرئيس خالد بحاح ثم الوزراء والمحافظين الذين شكلوا بعد ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي، في محاولة لمنع انهيار الجنوب سياسياً.

يلتقي الرئيس عبدربه منصور هادي مع الإخوان وحليفهم العسكري علي محسن الأحمر، في رفض أي قوة سياسية ممثلة للجنوب، يسعى هادي لاستخدام الجنوب وسيلة للحفاظ على حكمه الوهمي للشمال الذي صار بيد الحوثي، فيما يقبع هادي في فنادق الرياض، ويسعى الإخوان وعلي محسن لإبقاء الجنوب بدون ممثل سياسي حتى تستمر هيمنتهم على موارده المالية لمشاريعهم الخاصة بعد أن فقدوا السلطة في الشمال.

ويطالب الانتقالي الجنوبي بالتحرك شمالاً لتحرير صنعاء، مبقياً موضوع “إقامة الدولة جنوباً” إلى حين الانتهاء من تحرير اليمن من السيطرة الإيرانية، وبعدها إقامة حوار يحقق الأهداف التي يرتضيها المواطنون في الشمال والجنوب، غير أنه يطالب بـ”احترام تضحيات الجنوب، والتوقف عن العبث بموارده وتحويلها إلى قوى الفساد فيما مناطقه تفتقر لأدنى الخدمات”.

وكان منتصف العام الجاري أعلن الإدارة الذاتية في محاولة لحماية موارد الجنوب من الاستنزاف بعيداً عن مواطنيه، لكنه تراجع عنها على أمل رعاية التحالف لتشكيل حكومة مناصفة بين ما تسمى “الشرعية” وهي قوى تحالف هادي والإخوان، وبين المجلس الانتقالي.

كان اتفاق الرياض مخرجاً وفقاً لما قاله الأمير خالد بن سلمان “يغلب مصلحة اليمن فوق كل الحسابات الضيقة”.

غير أن آخر أشهر العام مر منه أسبوع وهادي والإخوان لا يزالون يتمسكون بـ”الأهداف الضيقة”، ويراهنون على “اختناق الجنوب”، مؤملين أن يصب تأزيم الخدمات في “اختناق المجلس الانتقالي بالمطالب الجنوبية”، مستعدين للاحتفال بـ”الفوضى” وإعادة “الجنوب إلى أوضاعه قبل تشكيل المجلس الانتقالي، حيث لم يكن يمثله أي طرف سياسي ولا يحتكم الشارع فيه لأي توجه، وكل مدينة يقودها طرف سياسي، ويتصارع مع متنفذ مسلح في الميدان.

وتشهد العاصمة عدن غياباً في الخدمات الأساسية وانعدام المشتقات النفطية الذي أدى إلى توقف التيار الكهربائي لساعات طويلة في اليوم، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار الغذائية جراء انهيار العملة المحلية.

ويحشد الذراع العسكري لحزب الإصلاح الإخواني مليشياته منذ أكثر من عام نحو الجنوب، في محاولة لإسقاط العاصمة عدن، فيما الجناح السياسي للإصلاح يصعِّد سياسياً ضد الجنوب، مستغلاً السيطرة على قرار الشرعية اليمنية، وسخَّر ذلك لصالح مشاريعه الحزبية.

وبعد عام من تعطيل المجلس الانتقالي لـ“الإدارة الذاتية” بناءً على تفاهمات اتفاق الرياض، لا تزال “العاصمة عدن” تعاني من حصار شرعية الإخوان التي لا يزال البنك المركزي في عدن يمول أنشطتها المقتصرة على مرتبات قياداتها وموظفيهم خارج البلاد. 

حصار حكومة الشرعية وحزب الإصلاح الإخواني، على مدينة عدن اشتد ضراوة، خلال الأيام الماضية، حيث يشهد التيار الكهربائي بالمدينة تراجعاً كبيراً، فضلاً عن إيقاف ضخ المياه لمنازل المواطنين، ووصولاً إلى أزمة في المشتقات النفطية.

وتعود أزمة الكهرباء، لنفاد الوقود من محطات التوليد، فيما تعود أزمة المياه على إثر تلاعب في المؤسسة.

وعلى الرغم من أنه على مدى أربع سنوات فيما بعد الحرب، كانت المياه تصل لكل السكان في عدن، غير أنه منذُ سيطرة المجلس الانتقالي على المدينة صيف 2019 بدأت الإشكالات في المؤسسة، وهو دليل على وجود دولة عميقة تتلاعب بخدمات المواطنين وتستخدمها كأداة للابتزاز.

وقال عبدالناصر الوالي، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، إن هناك من خفض الكهرباء في عدن بالصيف ولم يفلح حينما تحملت الناس، فقطعها بالكامل في الشتاء. 

واتهم الوالي جهات -لم يسمها- بقطع المياه عن المواطنين، وقال: قطعوا الماء بفعل فاعل، وهو لم ينقطع حتى في أوج حرب 2015م، وقد استخدموا هذا السلاح في الغزوة الأولى عام 94.

ولفت الوالي، إلى أن مصافي عدن أيضاً تترنح لأول مرة في تاريخها، مشيرًا إلى أن كادرها محترف ومحترم، لكنه يقابل بسياسة هوجاء تدار من غرف معروفة في سياق الحرب الممنهجة. 

وأشاد القيادي الجنوبي، بمحافظ عدن أحمد حامد لملس، وقال إنه مجاهد ويمثل شوكة الميزان، ويحاولون بكل الطرق والحيل والألاعيب أن يفشلوه.

‏مقابل ذلك، يرى الصحفي الجنوبي ماجد الداعري، في تصريح لـ"نيوزيمن"، أن هناك تجنيداً واحتكاراً مكشوفاً لكل إمكانيات الدولة من أجل إفشال محافظ عدن، لافتاً إلى أن أي استقرار أمني وخدماتي بعدن يحسب للانتقالي، وبالتالي سيكون المجلس مقبولاً شعبياً، وهو ما لا يمكن للشرعية قبوله أو السكوت عليه.

ولفت الداعري، إلى أن الشرعية تعمل اليوم بكل ما يمكنها وعبر مختلف أذرعها لإفشال المحافظ لملس، بحرب الخدمات والمرتبات.

وتابع: الحكومة المسؤولة عن الكهرباء والخدمات ومرتبات الموظفين، هي من تتحمل بكل تأكيد مسؤولية الواقع القائم، لأن هذه الخدمات والأمور من مسؤولية وواجبات وصلاحيات الدولة وليس المحافظ.

من جانبه، قال الصحفي نبيل الصوفي، إنه من المخجل أن لا ترى عدن كقائدة لمعارك التحرير من نفوذ إيران والرافضة لمشاريع استهداف التحالف القادمة من تركيا وقطر.

وأضاف: من المحزن، أن لا تكرم هذه العاصمة على هكذا دور تفردت به رغم أنها افتقرت لكل الإمكانيات منذ عشرات السنين، فيما فشلت مدن وجماعات امتلكت كل القوة والإمكانيات.

ولفت الصوفي، إلى أن الدعم الذي ذهب للشرعية كان يجب أن يكون لعدن التي صمدت، لا للشرعية التي هربت.

وكان محافظ عدن، قال في تصريحات صحفية سابقة، إن ما يجري من عبث في الخدمات متعمد لا لبس فيه، موضحاً أن الحكومة تخلفت عن توفير وقود لمحطات توليد الكهرباء.

ويحاول لملس، منذُ وصوله إلى المدينة، تحريك عجلة التنمية، وإصلاح ملفات كالكهرباء والمياه، غير أن الدولة العميقة فيما بدا تحاول إفشاله.

ومنذُ تحريرها، باتت حرب الشرعية والإصلاح، على عدن والجنوب، حيث لم تشهد المدينة أي استقرار في الخدمات.

ويرى مراقبون، أن استمرار الوضع هكذا في الجنوب مع صمت السعودية قائدة التحالف العربي على ما تفعله الحكومة الشرعية تجاه الجنوبيين سيفجر ثورة شعبية، ستطرد كل من تاجر بحقوقهم طوال السنوات الماضية.

المحلل السياسي الجنوبي يحيى غالب الشعيبي، استنكر صمت التحالف العربي والمجتمع الدولي عن الحرب التي تشنها الحكومة اليمنية ضد سكان العاصمة عدن واصفُا إياها بالجريمة ضد الإنسانية.

وقال الشعيبي، في منشور على "الفيسبوك": إن المعركة غير متكافئة هذه المرة، يستخدم العدو أسلحة مميتة محرمة دولياً وأخلاقياً ضد سكان عدن بالذات، حرمان الناس من القوت اليومي والكهرباء ومقومات الحياة.

الشعيبي استغرب تحرك سفراء دول والتحالف ضد الإدارة الذاتية للمجلس الانتقالي لإلغائها بذريعة تسببه بانهيار اقتصادي، وصمتهم اليوم عن جريمة الشرعية ضد الإنسانية.