في الذكرى الثالثة لرحيله.. من هو أبوبكر سالم؟

متفرقات - Friday 11 December 2020 الساعة 07:24 am
نيوزيمن، كتب/ حسين الوادعي:

أحب أن أتحدث عن الفنان أبو بكر سالم من زاوية الاختلاف. أي من زاوية اختلافه عن غيره من الفنانين اليمنيين والعرب.

وأجد نفسي منجذبا لاستخدام مصطلح Hybridity للحديث عن حياته وفنه معا.

مصطلح  Hybridity أو "التهجين" أحد المصطلحات الشهيرة في تحليل الظواهر الناتجة عن العولمة وعن اختلاط الثقافات والأنواع الفنية في عالم معولم.

وأبو بكر سالم كشخص وكفن ينطبق عليهما مفهوم التهجين بشكل كبير.

إذا بحثت عن سيرته على موقع ويكيبيديا سترى أن ويكيبيديا العربية قد عرفته بانه فنان سعودي، بينما عرفته ويكيبيديا الإنجليزية بأنه فنان يمني. 

وأبوبكر سالم في الحقيقة هو يمني وسعودي في نفس الوقت وظل مخلصا ليمنيته وسعوديته في دبلوماسية وتوازن معروف جدا عن الطبيعة الحضرمية وتوازناتها.

إضافة إلى ذلك ستجد توترا في التوصيف الفني لأبو بكر سالم. فهناك من يعرفه فنه كفن يمني وأغنيه يمنية، وهناك من يعرف بأبو الأغنية الخليجية، وهناك من يفضل تعريفه كفنان عربي.

فن أبو بكر يمني وخليجي وعربي في نفس الوقت لكن عبر مراحل متلاحقة. المرحلة الأولى وبالذات مرحلة عدن هي مرحلته كفنان يمني. 

والمرحله الثانية، المرحلة البيروتية، من 1958 والى 1975 يتحول فيها أبو بكر إلى فنان عربي.

ثم جاءت المرحلة الثالثة من 75 وما بعدها ليعود ويطعم فنه بملامح خليجية متعددة كلمات ولحنا. 

هذا التهجين في الأنواع الفنية التي قدمها ابوبكر سالم نلاحظه في الالحان وفي الكلمات.

كلمات وألحان أغانيه الاولى يغلب عليها الهوية اليمنية. 

وعندما انتقل إلى بيروت كتب كلمات أغاني لا يمكن تحديد هويتها.. مثلا كلمات اغنيته الشهيرة "24 ساعة" استخدم فيها لغة هجينة فيها الطابع المصري والطابع الشامي والطابع الخليجي في نفس الوقت. وهذا أيضا ينطبق على اغنيته البيروتية الأخرى "امتى انا اشوفك".

عندما كنت اتحدث مع مجموعة من الأصدقاء العرب حول موسيقى أبوبكر سالم تعددت الآراء. 

فمنهم من قال ان موسيقاه خليجية، ومنهم من قال إنها أقرب إلى الموسيقى الهندية، ورأى آخرون أنها موسيقى عربية مثلها مثل موسيقى عبد الحليم وفريد وغيرهما من الفنانين الذين طوروا جملهم اللحنية لتخرج من الخصوصية المحلية الى النطاق العربي.

يختلف ابوبكر عن غيره من الفنانين اليمنيين (ايوب طارش، علي الآنسي، الحارثي، محمد مرشد ناجي) في أن هؤلاء الفنانين الكبار ظلوا، وحتى آخر حياتهم، فنانين يمنيين مقولبين داخل الإطار اللحني اليمني والشعر الغنائي اليمني.

بينما خرج ابوبكر من الإطار اللحني اليمني إلى الاوركسترا منذ نهاية الخمسينات.

لم يتحدث أبو بكر عن حياته كثيرا،  لكنها كمسيرته الفنية أيضا كانت متأثرة بالتحولات السياسية وبالتهجين السياسي للحياة السياسية العربية.

فقد غادر اليمن بشكل نهائي عام 1967 مع استيلاء الجبهة القومية على السلطة في الجنوب ونهاية عصر التعددية الثقافية والفنية.

كما اضطر إلى مغادرة بيروت عام 1975 مع بداية الحرب الأهلية، وعاد إلى الخليج بعد ذلك في ذروة الطفرة النفطية والصعود الثقافي والسياسي للخليج.

سيرة حياة وفن مزجت بين الثقافات والجنسيات والأوطان.


* من صفحة الكاتب على الفيسبوك