في ذكراه الرابعة.. البوكري يكتب عن استشهاد القائد عمر الصبيحي في كهبوب

الجبهات - Saturday 09 January 2021 الساعة 04:07 pm
نيوزيمن، أنعم الزغير البوكري:

قبل أربعة أعوام فُجعت الأرض الجنوبية، لا سيما الصبيحة منها، بنبأ مزلزل، هو استشهاد القائد الذي إن تقدم للمعركة لا يعود أو يولي الأدبار، فكما عهدته الأرض الجنوبية، إذا تقدم لا يعود إلا منتصراً.

في السابع من يناير 2017 سقط العميد الركن عمر سعيد سالم الصبيحي قائد اللواء الثالث حزم شهيداً في جبال كهبوب الشماء.

ينحدر الشهيد القائد العميد الركن عمر سعيد الصبيحي من قرية صيح "الفرشة" مديرية طور الباحة، حيث عاش حياة بسيطة مكافحاً صامداً متمسكاً بمبادئه الوطنية، ولم يحِد عنها لحظة واحدة حتى استشهد في معارك الدفاع عن الجنوب ضد مرتزقة إيران القادمين من الشمال.

في مثل هذا اليوم رحل الشهيد القائد العميد الركن عمر سعيد رحيل العظماء، ومات موتة الأبطال، عاش رافع الهامة أبياً، ومات كما عاش، فالرجل رضع لبن الرجولة منذ نعومة أظافرة.

آمن عمر سعيد بقضيته ونذر لها عمره، ودفع حياته ثمناً لما انتهى إليه من قناعات ومبادئ، وهكذا هم الصادقون يعطون في صمت ولا ينتظرون من الناس جزاءً أو شكوراً.

رحل القائد عمر سعيد الصبيحي، مخلفاً وراءه قصة فارس، وموت بطل.

ذهب عمر سعيد إلى مكانه الذي يستحق، ومات الموتة التي تليق به، بدأ حياته جندياً مقاتلاً وانتهى قائداً مقاتلاً.

لم أحضَ بالتعرف على الشهيد القائد عمر سعيد عن قرب، ولكن سمعت أذناي بطوﻻته ومآثره، منذ زمن طويل، روى لي شخص كان برفقة الشهيد القائد عمر سعيد في أحد الاعتقالات التي تعرض لها من نظام صنعاء في 2008م، وهذه شهادة أقولها لله ثم للتاريخ كما سمعتها: تم القبض على عمر سعيد الصبيحي، واحضر إلى نيابة البحث في عام 2008م بصحبة قائد حراكي آخر، وبينما كان وكيل نيابة البحث العقيد سالم السنباني يستجوب أحد المعتقلين ويقول له أتريد جنوبا؟

وكان الرجل مرتبكا يقسم أيمانا مغلظة محاوﻻ إثبات براءته أنه ليس له علاقة بالجنوب وﻻ بقضيته، التفت إلى المناضل الجسور عمر سعيد الصبيحي وقال: تريد جنوباً، هاه؟ فرد الصبيحي بصوت قوي وكله ثقة من نفسه، وإيمانا بقضيته: نعم أريد جنوبا وعلى عينك أقسم بالله سترحلون.

ولقد بر القائد عمر سعيد الصبيحي قسمه، ورحل سجانه، ورحلت معه قوى الشر والظلام، ورحل المناضل والقائد عمر سعيد إلى مكانه الذي يليق به.

هكذا يبدو أن الرجل أنهى مهمته، فمهمته التي أقسم عليها صادقاً، انتهت مع آخر حد جنوبي، القرون الخمسة"كهبوب"، مدرسة القائد عمر سعيد الأولى التي رضع منها لبان الرجولة  والإباء.

سقط عمر سعيد في صمت، بعد أن صال في ميادين الوغي بسنانه كما صال وجال قبلها بلسانه.

أجزم بأن الجميع ﻻ يعرف له صورة؛ إﻻ صورته المضرجة بالدماء، وكأن الرجل كان نهاية بلا بداية، رغم أن الرجل كان برتبة عميد، يقود لواءً، إلا أنه ليس من هواة الصور، فالصور تقليد لم يصل إلى شهيدنا عمر سعيد.

رحمك الله أيها القائد المغوار، وسلام على أم أنجبتك، وأب عشت في كنفه.