ثوابت البنّا والخميني في مواجهة المملكة.. سعيد بكران يكتب عن السعودية وإخوان المرشد

السياسية - Sunday 10 January 2021 الساعة 08:28 pm
عدن، نيوزيمن:

كثير منا يستغرب حالات الانضمام الجماعي أو الفردي التي تحدث بين الفينة والأخرى من معسكر الإخوان بكل مسمياتهم إلى جهة الحوثيين..

والحقيقة أن هذا الاستغراب يجب أن نعكسه تماماً رأساً على عقب.. ليكون نتيجة طبيعية لصراع أتباع الخميني مع أتباع البنّا.

بمعنى أن نتساءل لماذا وما هو المبرر لصراع الفصيلين الإسلاميين الحركيين؟ ولماذا يجب علينا أن نتصورهما في حالة عداء تام، وأن كل فصيل منهما هو نقيض الآخر؟

هذا تصور خاطئ من حيث الأصل والواقع. ما يجمع الفصيلين الإسلاميين أكبر وأهم مما يفرقهما.

الحركية الإسلامية والنظام الإسلامي وقواعده وأصوله السياسية واحدة عند الطرفين إلا من بعض الفروق الشكلية

التي لا تضر.

الإمامية الدينية السياسية، وهي ما يُطلق عليه اختصاراً حكم المرشد، بمعنى السلطة الخفية والحقيقية لرجال الدين.

مع وجود ما يضمن استدامتها ويحميها من أشكال سلطوية مفرغة من مضمونها لكنها تشكل غطاء حماية مثل: النظام الجمهوري، رئيس الجمهورية، والبرلمان، والانتخابات التي يحسمها رجال السلطة الخفية والحقيقية.

لا يختلف الفصيلان على الأشكال الخارجية لسلطة الإسلام الحركي، وهما متفقان على المضمون الديني لها. ويتفقان، أيضاً، على رفض الملكية السياسية، لأنها تفرض حكماً واحداً في الظاهر والباطن يكون للملك والأسرة الحاكمة.

ولا يفرقهما المذهب؛ لأن الإسلام الحركي فوق المذاهب، وهو نظرية صالحة للعمل مع أي مذهب.

وكدليل على أن المذهبية الفقهية في الفروع ليست عائقاً لتلاقي المصير الواحد والهدف الواحد لدينا أمثلة كثيرة في الواقع تبدأ من موقف حركة الإخوان المسلمين الأساسي والثابت من الثورة الإسلامية الحركية التي قادها الخميني في نهاية السبعينات وأسقطت الملكية في إيران.

وفي الحاضر لدينا نموذج حركة الإخوان المسلمين في فلسطين حركة حماس التي لم يقف المذهب في طريق اندماجها والتقائها بالحركية الإسلامية الخمينية في إيران.

هناك الكثير الكثير من المشتركات بين الفصيلين، وهي مشتركات في الأصول العامة في التصورات العامة للصراعات والأعداء، مشتركات في المرأة، وفي إدارة الحياة العامة، التعليم والاقتصاد والإعلام..

حتى في آليات العمل الميداني، هناك تطابقات شديدة

السرية، التنظيم البيعة والإمارة الدينية الاغتيال السياسي، والموقف من الوطنية، وكذا مشترك الأممية العابرة للأوطان.

وفي اليمن لم تكن الحركة الإسلامية الثورية التي قادها الخميني في طهران عدواً أو نقيضاً في أي يوم من الأيام للحركة الإسلامية اليمنية أو ما يعرف بتنظيم الإخوان.

لكن ظل الإشكال الوحيد للطرفين في اليمن هو ارتباط فصيل الإخوان المسلمين بالمملكة العربية السعودية أو تقاطع مصالحهم مع مصالح السياسة السعودية في اليمن من حقبة مواجهة عبدالناصر والوجود السوفييتي في عدن. 

بينما ترتبط الحركة الحوثية بإيران..

هذا هو فقط ما يمكن أن نفهم به حالة عدم الاندماج أو الاقتراب والالتحام في معسكر واحد يجمع الفصيلين الحركيين الإسلاميين في الملعب اليمني فقط.

وهذا السبب متغير وسياسي تكتيكي قابل للتبدل، لكن المشتركات التي أوردناها أعلاه لا تقبل التبديل..

اليوم يكون الموقع المناسب للإخوان المسلمين والحركة الإسلامية في اليمن والمربع الطبيعي هو معسكر الحركة الإسلامية في طهران وليس معسكر الملكية السعودية، لأن الملكية السعودية هي النقيض للثورة الإسلامية الحركية بتياريها..

لهذا كله، علينا أن نستغرب صراع الفصيلين الإسلاميين الحركيين في اليمن وليس اقترابهما من بعض ومحافظة كل فصيل على الآخر في وجه ما يعتبرناه عدو الإسلام الحركي الثوري الأول..

إن الكلفة الحقيقية للصراع في اليمن هي في إصرار المملكة العربية السعودية على منع الفصيلين من الاندماج، واعتبارها تنظيم الإخوان بكل فصائله نقيض الثورة الخمينية ومسميات فروعها وخاصة في اليمن.

والتصور الخاطئ الذي ظل طوال السنوات الماضية يعتقد ويصر على أن الحركة الإسلامية في اليمن ستقوم بذات الدور الفعال الذي أدته مع المد القومي الثوري الناصري ومع المد الثوري الشيوعي واليساري..

وإن ذلك الأداء الفعال لسياسة المملكة باليمن في حينها سيتكرر بذات الأداة..

لكن تلك القناعة أغفلت حقيقة أنه لا يمكن للملكية أن تواجه فصيلاً ثورياً حركياً إسلامياً بفصيل ثوري حركي إسلامي مثله..