اليدومي.. جلاّد الأمن وداهية الإخوان!
السياسية - Sunday 07 February 2021 الساعة 09:52 am
صانع سياسات حزب الإصلاح ذراع الإخوان في اليمن، وأحد أبرز الشخصيات التي توزِّع الأدوار بين قيادات الحزب؛ ليكونوا موجودين في الدوحة وأنقرة والرياض؛ وقد يصل الأمر به إلى التواصل مع إيران؛ من أجل تحقيق ما يريده.
إنه محمد اليدومي رئيس التجمع اليمني للإصلاح.. يستمد دوره من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.. ليس لديه مواقف ثابتة حول أية قضية وطنية؛ لكون ولائه وتبعيته لقوى خارجية تحركه وقتما تشاء..
وبالتالي فإنّ أية رؤية أو موقف لهذه الشخصيات، بحسب المراقبين، ما هي إلا انعكاسات لتلك القوى وليست رغبة وطنية.
محمد عبدالله علي اليدومي، من مواليد عام 1947 بمنطقة الجحملية في مدينة تعز، حيث كان والده ضمن مستشاري الإمام أحمد حميد الدين.. وتعود جذور أسرته إلى منطقة ذي يدوم في مديرية خولان الطيال في محافظة صنعاء.
درس المرحلتين، الابتدائية والإعدادية، في مصر ثم عاد إلى اليمن، ودرس الثانوية فيها، وبعد قيام الثورة.. انتقل إلى القاهرة للدراسة في أكاديمية الشرطة.. وهُناك انضم لجماعة الإخوان، وتخرج منها عام 1973.
بعد عودته من مصر عمل ضابطاً في الأمن العام، وترقى لرتبة مقدم ركن، ثم عُين في جهاز الأمن السياسي تحت قيادة محمد خميس، واشتهر اليدومي بتعذيب المعتقلين.
تفنن اليدومي في استخدام وسائل تعذيب من ابتكاره، منها: حذاء بمسامير يدوس به على جسد الضحية، وقضيب حديدي يدخله إلى الأحشاء، ووسائل وأساليب أخرى مقززة، بحسب شهادات معتقلين.. ليس أولهم عبدالباري طاهر ولا آخرهم عبدالكريم الرازحي.
التحق اليدومي، آنذاك، بالدراسة في كلية الآداب - جامعة صنعاء، واستطاع التوفيق بين عمله في تعذيب المعتقلين وبين استكمال دراسته الجامعية، ليحصل على ليسانس الآداب من قسم التاريخ.
تولى بعد ذلك مناصب ومسؤوليات رفيعة كان آخرها وكيلاً لجهاز الأمن السياسي في صنعاء، حتى وصل إلى رتبة عقيد.
في العام 1984 وبعد نشر تقارير حقوقية وثقت جرائم تعذيبه للمعتقلين، تم تجميد عمله في جهاز الأمن السياسي، ليؤسس في العام التالي 1985 صحيفة الصحوة التي تعتبر لسان حال جماعة الإخوان في اليمن، وترأس تحريرها حتى العام 1994، وانتخب أمينا عاما مساعدا للتجمع اليمني للإصلاح بعد إعلان قيامه عام 1990 وفي العام 1994 انتخب أمينا عاما.
ويتحرك محمد اليدومي، بحسب تحليلات سياسية، في إطار إحكام سرية العلاقة بين التنظيمات الإرهابية في اليمن وحزب الإصلاح.
في العام 2008 وبعد وفاة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر أصبح اليدومي رئيساً للتجمع اليمني للإصلاح، وظهر في مقاطع فيديو وهو يؤكد أن حزب الإصلاح هو الممثل لجماعة الإخوان المسلمين، وواصل السير على نهج الإخوان في التعامل بالمبدأ الميكافيللي (الغاية تبرر الوسيلة)، وظهر ذلك واضحًا في المواقف المتناقضة التي يتخذها؛ خصوصًا منذ فوضى 2011 ومحاولة استغلال جميع الفرص لتحقيق أهداف الحزب بالوصول إلى السلطة وجمع المبالغ المالية؛ بما يحقق مصالح الحزب المحسوب فكريًّا وتنظيميًّا على جماعة الإخوان المسلمين.
فقد اليدومي توازنه كمخابراتيٍ مخضرم بعدما تجاوز الحوثيون الخطوط الحمراء لتحالفهم مع هادي والإخوان وأسقطوا عمران في الـ 7 من يوليو 2014، فهدد في لحظة عدم توازن بظهور الدواعش في منشور كتبه على صفحته في الفيس بوك.. ثم تفرّغ للدفاع عن شرعية الرئيس المصري المعزول محمد مرسي لأنه من الإخوان المسلمين.
قبل سيطرة الحوثيين على صنعاء، سارع العزي اليدومي لإرسال أمين عام الحزب عبدالوهاب الآنسي إلى كهف مران للتحاور مع عبد الملك الحوثي، وإبرام هدنة معه تسببت في تقويض سلطة الدولة.. وعند دخول الحوثيين إلى صنعاء اختفى مقاتلو حزب الإصلاح وذابوا في الفراغ.
حينها نشط اليدومي ورفاقه في محاورة الحوثيين داخل فندق موفنبيك.. وبعد إعلان عاصفة الحزم ظل لأيام يبتز التحالف مقابل تأييد حزبه لها.. وكان الثمن ترحيل عشرات الآلاف من أتباع الحزب إلى السعودية؛ للسيطرة على مفاصل الشرعية.
بعد عام، قسَّم اليدومي حزب الإصلاح إلى قسمَين: قسم غادر إلى قطر وتركيا لمهاجمة التحالف، وقسم بقي في الرياض يستحوذ على الشرعية ويمزِّق التحالف ويخلط الأوراق على الأرض.
في الـ 13 من سبتمبر 2016، وبمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيس حزب الإصلاح أصدر محمد اليدومي بياناً تبرأ فيه من جماعة الإخوان، مؤكداً بكل ما يمكنه من وسائل التأكيد أنْ لا صلة لحزبه بجماعة الإخوان الإرهابية التي صار الانتماء إليها تهمة تصم من يتورطون فيها... وكرر لاحقاً براءته من الإخوان مستفزاً بذلك بعض قيادات حزبه الذين اضطروا لتكذيبه وعلى رأسهم الناشطة توكل كرمان عضو شورى الإصلاح وآخرون من التنظيم بينهم أعضاء مجلس نواب.
بعد إخلاء قوات الإصلاح من الجوف ومأرب وتركها غنيمة للحوثيين وتوجههم نحو المحافظات الجنوبية لمقاتلة الانتقالي تحت لافتة الحفاظ على الوحدة التي سبق أن تاجروا بها باقرار الفيدرالية.. تملّص اليدومي وحزبه من الاستجابة للحوار مع الانتقالي لفرض شروطهم.. وبعد إبرام اتفاق الرياض أعلن تأييده له وموافقته.. ثم أوعز إلى خلاياه في الداخل؛ لتعطيل بنوده كاملةً.. ومحاربة أي طرف يسعى لتطبيقه..
انتقل اليدومي نهاية العام الماضي من السعودية إلى تركيا، ثم سحب خلفه أبرز قيادات الحزب وفي صدارتهم عبدالمجيد الزنداني.. مؤكدين ولاءهم لتركيا التي صارت الحاضنة الأساسية للإخوان، والمحرك الفعلي لهم في مختلف الدول العربية بعد إدخال السعودية لجماعة الإخوان في قائمة الإرهاب.
يسعى اليدومي وإخوانه حالياً لإبرام صفقة يتسلم حزبه بموجبها محافظة لحج والسيطرة على المناطق المحاذية لخليج عدن وباب المندب.. مقابل إخلائهم شبوة.. منفذين بذلك أجندة تركيا التي تسعى لتكون وكيلاً حصرياً لإسرائيل في الهيمنة على بوابة البحر الأحمر.
اليدومي، شخصية زئبقية تجيد التلوّن والتسبيح واللعب على المتناقصات: تودَّد إلى الحوثيين ثم أشاد بدور التحالف العربي.. ونفى بلسانه وقلمه علاقته بالإخوان حين اضطر لذلك.. ثُم عاد وأثبت علاقته بهم فعلياً من خلال التحرك بطريقتهم وأدواتهم.. ولم يكن ذلك كُله سوى أجزاء من استراتيجية لها سيناريو مُطوّل يسعى لتنفيذ مخطط بأكبر مكاسب ممكنة.