هيئة الآثار في صنعاء تدين هدم مسجد أثري بفتوى الهوية الإيمانية

السياسية - Thursday 18 February 2021 الساعة 10:30 am
صنعاء، نيوزيمن أحمد فؤاد:

كشفت وثائق رسمية في صنعاء، أنّ فتوى حوثية للقيادي في مليشيا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- شمس الدين شرف الدين، وراء هدم مسجد النهرين في مدينة صنعاء القديمة، وليس تقارير لجان هندسية فنية تخصصية للجهات المختصة في وزارة الثقافة والهيئة العامة للآثار والمتاحف.

وكشفت الوثائق -حصل (نيوزيمن) على صورة منها- أن هدم المسجد التاريخي جاء بسبب ما زعمت مليشيا الحوثي أنه "انحراف في اتجاه القبلة"، وليس كما أشيع في وقت سابق أن هدم المسجد بهدف الترميم وإعادة بنائه بعد تضرر سقف المسجد متأثراً بهطول الأمطار الغزيرة.

ويظهر اتفاق إزالة وهدم المسجد المبرم بين الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية ومكتب وزارة الأوقاف والارشاد، تغييب مسئولي وزارة الثقافة والسياحة والهيئة العامة للآثار والمتاحف، باعتبار المسجد معلماً أثرياً ضمن معالم مدينة صنعاء القديمة المدرجة على قائمة التراث العالمي.

وأكدت الوثائق أنه تم الاتفاق بين ممثلى الأوقاف وهيئة المدن التاريخية، على توقيف أعمال الترميم والصيانة "وإزالة مباني مسجد النهرين، وإعادة بناء المسجد بنفس الروح والنمط المعماري السائد في المسجد القديم"، مبررة ذلك بـ"كون المسجد القديم قد خضع لإضافات جديدة".

وتثير بنود الاتفاق الكثير من الشبهات، إذ جاء في المادة (2) من الاتفاق ما نصه: "اعتبار الإجراء المتبع في هذا المسجد حالة استثنائية وضرورة ملحّة لا تنطبق مطلقا على بقية المساجد الموجودة في إطار المدينة القديمة".

وألزمت المادة (6) من الاتفاق وزارة الأوقاف بتجهيز وإعداد المخططات والمواصفات البديلة اللازمة "وبما يلبي حاجة المسجد للوضع الجديد المصحح لاتجاه القبلة، شاملاً المرافق الجديدة الخدمية والاسثمارية"، ويكشف هذا البند عن توجه مليشيا الحوثي لإنشاء محال تجارية استثمارية محيطة بالمسجد.

تعطيل القوانين واحتكام للفتاوى

استناد مليشيا الحوثي في هدم مسجد النهرين إلى ما اعتبرتها فتوى دينية، يكشف طبيعة الإدارة الافتراضية لمؤسسات الدولة في صنعاء، التي ترفض القانون وتحتفي برأي أحد الموالين لها بحجة الفتوى.

وبموجب قانون الآثار وتقرير لجنة فنية من الأخصائيين، واستناداً لنصوص مواد القانون رقم (28) لسنة 1997م (3-10-11- 14- 15-17-39-40-41)، كانت الهيئة العامة للآثار والمتاحف طالبت في وقت سابق باتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية ضد المتورطين في هدم المسجد، و"العمل لإعادة المبنى إلى أصله على نفقة المخالفين كما كان عليه".

مشيرة إلى أن مسجد النهرين يعدّ من الجوامع الأثرية، وقد بُني في القرن الأول الهجري من قبل أحد الصحابة الذي سكن في النهرين، وقبره بجانب المسجد، ومنوهة إلى توسعة الجامع في القرن الحادي عشر والثالث عشر، ليصبح منذ ذلك التاريخ بموجب قانون الآثار "أثراً هاماً يستوجب حمايته والمحافظة عليه وليس تدميره وهدمه لبناء جامع جديد بدلاً عنه".

هيئة حوثية تؤكد تورطها في هدم المسجد 

وفي تطور لافت هاجمت هيئة حوثية مستحدثة تحت مسمى "الهيئة العامة للأوقاف" هاجمت بشدة نشطاء على شبكات التواصل ووسائل إعلامية محلية وخارجية على خلفية القضية التي أثارت استياء واستنكار المجتمعات المحلية.

واتهمت الهيئة الحوثية، التي عيّنت المليشيا القيادي في صفوفها عبدالمجيد الحوثي لإدارتها، اتهمت وسائل الإعلام بما وصفته "محاولة الاصطياد في المياه العكرة وتضليل الرأي العام بالقول إن سلطات صنعاء أقدمت على هدم جامع النهرين".

وفي بيان صادر عنها، الاثنين 15 فبراير/ شباط الجاري، أكدت الهيئة الحوثية تورطها في هدم المسجد، وتعطيلها لمهام ووظيفة وزارة الأوقاف والإرشاد والمؤسسات الحكومية، والقوانين والأنظمة واللوائح المعمول بها.

وجاء في البيان أن هيئة مليشيا الحوثي -غير القانونيةـ "بدأت تنفذ ما بدأته الوزارة من ترميم وصيانة للمساجد"، وأنها "باشرت بترميم جامع النهرين بصورة كاملة وأعادت بناءه وفقاً للنمط الأثري الإسلامي والحفاظ على الهوية الإيمانية".

ويحمل مصطلح "الحفاظ على الهوية الإيمانية"، تشكيكاً مبطناً في هوية المسجد الذي يعدّ منبراً علمياً وثقافياً للمذهب الزيدي في اليمن عبر التاريخ، ويتضمن المصطلح الحوثي تجريفاً للهوية اليمنية بتنوعاتها المذهبية والفكرية ووحدتها المجتمعية ومعالمها الحضارية، لصالح هويات مذهبية إيرانية.

ومنذ ظهور القيادي في الحرس الثوري الإيراني حسن إيرلو، كسفير افتراضي لبلاده في صنعاء، اتجهت مليشيا الحوثي نحو طمس معالم الهوية اليمنية، وكثّفت أساليبها الطائفية داخل المجتمع اليمني، ضاربةً عرض الحائط بقرون من التعايش وتداخل المذاهب الدينية منذ أكثر من ألف عام.