ذراع إيران.. صراع أجنحة واتهامات متبادلة بالفساد والمناطقية والنفاق

تقارير - Thursday 22 July 2021 الساعة 02:14 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

تصاعدت في الآونة الأخيرة حدة المشاحنات والشتائم الإعلامية بين قيادات وناشطين تابعين للمليشيات الحوثية، الذراع الإيرانية في اليمن، بشكل ظاهر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصاً فيس بوك وتويتر.

ويصف مراقبون تصاعد الشتائم والاتهامات بالتخوين والعمالة والنفاق والمتبادلة بين قيادات وناشطي المليشيات الحوثية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بانها انعكاس حقيقي لحدة الصراعات الخفية بين الاجنحة التي تقود المليشيات داخل العاصمة صنعاء والتي تتصارع على النفوذ والقوة واستخدامها في تمرير مصالحه ومصالح مؤيديه والمحسوبين عليه.

تهم الفساد والمناطقية والفشل في مواجهة التخوين والعمالة والنفاق

على مدى الأسبوعين المنصرمين شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملات متبادلة بين ناشطي وقيادات مليشيات الحوثي، حيث يتزعم الفريق الأول مجموعة من الناشطين الذين عرفوا بدفاعهم المستميت عن انصار الله منذ انقلاب الحركة وسيطرتها على السلطة في 21 سبتمبر 2014م، كما لعبوا دورا كبيرا في تأجيج حملات الاتهامات والتخوين وكانوا هم رأس الحربة في التحريض على قتل الرئيس السابق علي صالح وما تبع ذلك من انتهاكات بحق اسرته وبحق قيادات واعضاء المؤتمر الشعبي العام عقب استشهاده ورفيقه عارف الزوكا على أيدي المليشيات الحوثية في الرابع من ديسمبر 2017م، فيما يقف على رأس الطرف الاخر القيادي وصاحب النفوذ الاكبر في مليشيات الحوثي احمد حامد (ابومحفوظ) الذي يشغل منصب مدير مكتب الرئاسة في سلطة المليشيات الحوثية.

وفيما بدا انه انزعاج شديد من حملات الاتهامات التي تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي وخصوصا موقعي فيس بوك وتويتر، سارع القيادي الحوثي احمد حامد إلى الرد على منتقديه بإيراد عدد من الآيات القرآنية التي تتحدث عن النفاق والمنافقين، ونشر بعض التغريدات التي اتهم فيها منتقديه بانهم أدوات يعملون لصالح ما سماه العدوان والقى بتهم الخيانة والعمالة عليهم، وهو الامر الذي ادى إلى زيادة حدة منتقديه الذين القوا عليه تهم الفساد والمحاباة والشللية والمناطقية وممارسته للديكتاتورية والقمع بحق معارضيه، حيث اعتبر القيادي الحوثي والاستاذ بجامعة صنعاء الدكتور اسماعيل الوزير في صفحته على تويتر ما نشره حامد بانه ليس رأيا شخصيا بل هو تحديد مسار ورسم سياسة، واصفا حديثه عن النفاق والايمان بانه (معالم للتسلط والاستبداد).

من جانبه وصف القيادي السابق في اللجنة الثورية العليا والمدافع اللدود عن مليشيات الحوثي محمد المقالح القيادي احمد حامد بانه رجل محروق لدى اغلبية الناس. وقال في تغريدة له تعليقا على تهم التخوين والنفاق التي وصف بها حامد منتقديه: لا تتوقفوا امام ما يقوله ابومهيوب من هراء فقد حرق الرجل لدى اغلبية الناس، وكلما اوغل في مواعظه زاد احتراقه عند من يعظهم وهو اولى بالوعظ، ولكي تعرفوا ان ما يقوله هراء في هراء ولا علاقة له بمضمون السلوك والممارسة اسالوه فقط عن سبب اعتقال سكرتيره الصحفي ربنا يفك أسره.

القيادي والناشط السياسي والإعلامي في مليشيات الحوثي علي الصنعاني، كتب سلسلة تغريدات هاجم فيها حامد واتهمه بالضعف والفشل والسعي لتغطية عجزه وضعفه بالتسلط والقمع، وطالب بإزاحته ونقله إلى موقع آخر لا يتصادم فيه مع اخوانه قائلا انه: "لم يعد مقبولا من معظم جمهور الانصار (المليشيات الحوثية) مطلقا ناهيك عن الاخرين !!"، مضيفا: "الاصرار على ابقائه في منصبه سيراه الكثير من جمهور الانصار (المليشيات الحوثية) انه اصرار على اهانتهم واذلالهم!! وفي احسن الاحوال ان هذا الاصرار ليس له الا مبرر وحيد انه نوع من انواع التعصب المناطقي المرفوض"، مختتما "ان هذا المنصب لا يناسبه مطلقا وضرر بقائه فيه اكثر بكثير من فوائد استمراره".

الخلافات الحوثية.. صراع اجنحة على النفوذ والفساد 

وتكشف مصادر سياسية مقربة من مليشيات الحوثي في صنعاء لنيوزيمن، أن حملات الاتهامات والتخوين المتبادلة بين قيادات وناشطي الحوثي تعود اساسا إلى وجود صراع خفي ومحتدم بين اجنحة عدة داخل المليشيات التي تتصارع على كسب النفوذ الذي يساعدها على ممارسة اكبر قدر من الفساد وسرقة الأموال دون حساب أو رقابة.

وقالت المصادر، إن ثمة عدة اجنحة تتصارع داخل مليشيات الحوثي حيث يتزعم احمد حامد الجناح الابرز والاقوى داخل الحركة، فيما يقود القيادي وعم زعيم المليشيات الذي يشغل منصب وزير الداخلية عبدالكريم الحوثي جناحا ثانيا، اما الجناح الثالث فيقوده محمد علي الحوثي الذي يشغل منصب عضو المجلس السياسي الاعلى في سلطة المليشيات بالإضافة إلى منحه منصب رئيس المنظومة العدلية التي تهيمن على السلطة القضائية، اما الجناح الرابع فتمثله القيادات الهاشمية من صنعاء واب وتعز وغيرها من المحافظات والذين تم الاطاحة بهم لصالح قيادات هاشمية من صعدة ومنهم قيادات من بيت الوزير والكبسي والشامي والجنيد.

وحسب المصادر فحامد -الذي عينته المليشيات مديرا لمكتب الرئيس مطلع يناير 2018م بعد اقل من شهر على اغتيالها للرئيس السابق علي عبدالله صالح ورفيقه عارف الزوكا وخلو أي معارضة لها داخل السلطة التي شكلت باتفاق بين الطرفين لإدارة شؤون البلاد قبل ان تنقلب عليه مليشيات الحوثي- يكتسب قوته من ارتباطه الوثيق بزعيم المليشيات وتوليه إدارة كل مهام الجانب التنفيذي من خلال استغلال منصبه مديرا لمكتب الرئاسة حيث اصبح هو المشرف الاول على كل قرارات التعيين التي يتم اصدارها في مختلف مؤسسات الدولة وهو الامر الذي مكنه من تعيين تابعين ومقربين وموالين له وتهميش واقصاء أي معارض أو شخص محسوب على أي قيادي اخر داخل المليشيات.

وبالإضافة إلى سيطرته الادارية فإن حامد يتمتع بنفوذ قوي من الناحية المالية والاشراف على كل الاموال التي تقوم المليشيات بجبايتها سواء من خلال الضرائب والجمارك والزكاة والواجبات وجمع التبرعات، وسيطرته على اموال الصناديق المستقلة التي فرض اشراف مكتبه المباشر عليها، أو من خلال استحواذه وسرقته لأموال المساعدات الاغاثية الخارجية من المنظمات الدولية عبر اشرافه المباشر على ما يسمى بالمجلس الاعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية.

وتضيف المصادر: إن نفوذ حامد الإداري والمالي مكنه من التواصل اليومي والمباشر مع مكتب زعيم المليشيات وتزويدهم بالمعلومات عن كل التفاصيل وبالطريقة التي تخدمه وتخدم مصالحه ونفوذه والمؤيدين له، مشيرة إلى ان حامد وفريقه يقوم بتقديم رشى يومية إلى العاملين في مكتب زعيم المليشيات من جهة ومن جهة ثانية تحويل مبالغ مالية ضخمة لصالح عبدالملك الحوثي شخصيا ما يجعله يحصل على دعم قوي من الاخير تجعله اقوى سيطرة ونفوذا وقدرة على مواجهة بقية قادة الاجنحة الاخرى الذين باتوا يشعرون بضعفهم وفقدان صلاحياتهم، ناهيك عن عدم قدرتهم على مجاراة حالة الفساد والنهب التي يمارسها حامد، وهو بلا شك ما يفسر دعمهم ومساندتهم القوية للناشطين والاعلاميين والسياسيين الذين يقودون حملات الاتهامات ضد حامد وفريقه.

وتختتم المصادر بالقول: إن هذه الخلافات تعكس حالة الفشل لدى المليشيات ودليلا على كونها مجرد عصابة تمارس الفساد والسرقات بجانب عمليات القتل والحرب ضد أبناء الشعب اليمني، لكنها في الوقت نفسه قد تكون القشة التي تقصم ظهر البعير في حال استمرت في التصاعد خصوصا وان كثيرين من مناصري واتباع المليشيات الحوثية يرون ان ما وصل اليه حامد وفريقه وبقية قياداتهم في صنعاء من ثراء فاحش وما باتوا يملكونه من اموال ومنازل وعقارات وسيارات كله على حساب تضحياتهم وعوزهم وفقرهم واقصائهم من سباق النفوذ على السلطة والفساد المالي.