"يا ليتني كنت جَمَّال".. تهامة الطيبة تطارد إرهاب أحفاد "أبي لهب"

السياسية - Monday 22 November 2021 الساعة 09:48 am
نيوزيمن، كتب /د. فاروق ثابت:

إنها ترعد وتمطر.. تتجمع الغيم ثم تُلَبِّد السماء بلونها الداكن المثقل وتمزن، هذه الأجواء وإن ابتعدنا عشرات آلاف من الأميال خلف المحيطات تأخذنا إلى اليمن، بكل تفاصيلها.

تأخذنا إلى تهامة ومزارعها وجمالها، وإلى ذلك الإنسان الاسمر، الابيض السر والسريرة.. 

نحلق في خضرتها وجمالها مثل "طائر امغرب ذي سن امتهايم".

نعيش لحظات "لمح البروق على جبال الأحيوق".

عندما كنت صغيراً كنت اسمع الكثير يردد "ياليتني كنت جمَّال شاعيش وارعى جمالي"..

وعندما كبرت ترسخت في ذهني هذه العبارة وبقت تتردد لدي حتى اللحظة، فهي ليست عبارة عادية، بقدر ما فيها من جمال وبلاغة وفلسفة لا متناهية.. 

إنها تجسد حياة الرعي والبساطة والصبر والبراءة والقناعة، مهنة الرعي التي صهر الله بها انبياءه ليكونوا رسلا من عنده فيما بعد الى العالمين كخاتم الانبياء محمد، صلى الله عليه وسلم، وقبل ذلك موسي عليه السلام وقبلهما كانت مهنة الاجداد في حمير وسبأ.

وما تزال مهنة معظم أبناء التهائم حتى اليوم، وهذه المهنة مرتبطة بحياتهم وعاداتهم وتقاليدهم.

تمر سفراً فتلقى رعاة التهايم عن يمينك ويسارك ثم لا تتمني فقط أن تكون جمالا تعيش وترعى جمالك فحسب بل وأن تكون ناقوسا معلقا على جمل تهامي في صباح باكر.

لقد شخص التهاميين رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديث الشريف حينما قدموا بمعية الصحابي التهامي ابي موسى الاشعري وهو يقول لهم "جاءكم اهل اليمن ارق قلوبا وألين افئدة" ولا اعمق من تشخيص ابناء تهامة بهذا الكلام المنطبق عليهم جميعاً. 

وإلى جانب الرعي فالتهاميون يمتهنون الزراعة والصيد واكثر ما يميزهم الطيبة والبساطة، يناضل لكسب قوت عيشه بشكل يومي ثم ينام في عشته البسيطة المصنوعة من الطين والقش مبتهجا خالي البال، ولذلك تجدهم اكثر صفاء للذهن ومعظمهم شعراء بالفطرة، إن تَعَلَّم قال الفصيح، وان لم يتعلم يظل يرتجل الشعر الشعبي وبلهجته التهامية حتى يموت. 

وما أجمل أن تمر تهامة وترى على الطريق رعاة الإبل ثم تنزل ليضايفوك بلبن النوق، ويأخذ احدهم شبابته وينفخ فيها من روحه المعتق بالفن اليمني الاصيل لتسافر معه باللحن والحب والشجن إلى كل انحاء اليمن. 

على مر التاريخ لم يعرف عن التهاميين سوى السلم والسلام غير انهم ينفرون ويتعاضدون في مواجهة الظلم كما حصل اثناء التفافهم مع "الناخوذة" ضد نجل الكهنوت شرف الدين، او مع قبائل الزرانيق ضد الامام يحيى حميد الدين ثم ابنه احمد..

ما اتعس واحزن أن يأتي دعي قذر إلى مناطق هؤلاء الانقياء الطيبين الاطهار ليزرع الالغام ويطاردهم في حضرهم ومدنهم، بادعاء الاصطفاء والحق الالهي، رغم ان اجدادهم كانوا السباقين للايمان بالرسالة والوقوف معها في وقت جحدت وكفرت قريش بالرسول وانكرت الدين، قريش الذي يدعي دجال مران انه من نسلها وهو بالتأكيد من نسل ابى لهب. 

لن يفلح أي انسان مهما كان جبروته وقوته الاستقواء وظلم البسطاء والابرياء كما حصل ويحصل مع الاماميين الجدد والتهاميين وبقية اليمنيين، والظلم ظلمات ولن يدوم، وها هي كرامة الدعي الحوثي تداس تحت ارجل ابطال تهامة الذين شمروا عن ساعدهم لاستئصال سرطان السلالية الحوثية واشعال الارض من تحته.

سينتصر التهاميون وكل اليمن.

و"إن الليل زائل".