عن جرم الحوثي وخطايا الإخوان.. المعركة الوطنية في قصيدة شعر

السياسية - Saturday 19 February 2022 الساعة 07:27 pm
نيوزيمن، هشام باشا:

تَعِبْتُ وانْكَسرَ العُودُ الأخيرُ أَسى 

وماتَ آخرُ طَيرٍ مِن طُيورِ "عَسى" 

لا، لَم يَمُتْ، غيرَ أنّ الشَّوقَ أصبحَ لا 

يطيقُ وَسواسَ آمالي إذا هَمَسا 

يا أُمَّ تَمَّامَ إنّ الأُغْنياتِ قَسَتْ 

عليَّ بعدَكِ، واللَّحْنَ الحَنُونَ قَسا 

ولَم يَعُدْ ثَمَّ ما أُلْهِي به وَجَعي، 

وما أسُدُّ به صَبْري إذا انْبَجَسا 

وليس ثَمّتَ جَدْوى مِن مُحاولتي 

إسْكاتَ طَفْلَ دَمي الباكي صَباحَ مَسا 

إليكِ إنّ اشْتياقي صارَ مُنْفَعِلًا 

كأنّهُ ماردٌ في أضْلُعي حُبِسا 

أبِيتُ إنْ لَم تكُنْ عَيناكِ في أُفُقِي 

كالسَّقْفِ أحتاجُ مِن شَرِّ الدُّجى حَرَسا

في بُعْدِ عَيْنَيْكِ كم أنّ المَسا قَلَقٌ 

عليَّ يَنْقَضُ كالشّاهينِ مُفْتَرِسا 

هِلالُ كُلّ مَساءٍ لا أراكِ بهِ 

أُحِسُّهُ مِخْلَبًا في خافقي انْغَرَسا 

والفَجْرُ لا فَجْرَ للشّوقِ البعيدِ، ولا

في شارعِ البُعْدِ إحْسانٌ لأَلْتَمِسا

تَغَرّبي عنكِ طاغٍ، مثل مَن سَرَقوا 

"صَنعاءَ" واتّخَذوا مِن أهلِها عَسَسا 

لكنّني لَم أجِدْ غيرَ الرّحيلِ مَعي 

وهُم يُريدونَ منّي الرّوحَ والخُمُسا  

رَحَلتُ عنكِ، وعن "صَنْعاءَ" مُلْتَحِقًا 

بسَيْفِ "مَأرَبَ" والمُهْرِ الذي رَفَسا 

أنِسْتُ بالبَلَقِ العالي، كما أنِسَتْ 

بهِ الوعُولُ وطَرْفي بالسَّما أنِسا 

لكنّني ضِقْتُ، و"الإخْوانُ" حَولي لا 

يُعطونَ إلّا لمَن في دُورِهم دَرَسا 

يُعطونَ قِطَّ المَقَرِّ الشَّاةَ كامِلةً 

ويحرمونَ الرّجالَ الخُبْزَ والعَدَسا 

في راحةِ الرّيشِ هُم والمُنْتَمُونَ لهم 

مَراكبٌ، وبيوتٌ فَخْمَةٌ، ونِسا 

لو جاءَ مَن لَم يَكُنْ مُنهُم وعاشَ هُنا 

فيهِم، لَما شَمَّتَتْهُ الرّيحُ إنْ عَطَسا 

هُنا الجِنانُ لآلِ الشَّمْسِ خالِصةٌ،

والشّمْسِ لي، ولأمْثالي مِن التُّعَسا 

يَئستُ أنْ يُنْصِفَ "الإخْوانُ" إنْ حَكَموا 

و"نُوحُ" مِن أنْ يُجِيبوا اللّهَ قد يَئسا 

يا أُمَّ تَمَّامَ، إنّ الطَّعْنةَ اتّسَعتْ 

والواثقَ انْهارَ، والمُسْتَأْنِسَ ابْتَأَسا 

صَنْعاءُ تَزدادُ بُعْدًا عَن يَدَيَّ، كما 

يَزدادُ مَن قَتلوا أحْلامَها هَوَسا 

وقُرْبُ "مَأربَ" مِن رُوحي يزيدُ كما 

يزيدُ قُرْبيْ مِن "الإخْوانِ" مُبْتَئسا 

وأنتِ تَدرينَ أنّي ما رَكَبْتُ دَمي 

إلى "أَوَامَ" مِن الطّاغي لأَحْتَرِسا 

ولا تَسَرّبْتُ لَيلًا مِن يَدَيْكِ، ومِن 

"صَنْعا" إلى هؤلاءِ القَومِ مُلْتَمِسا 

لكنّني خِفْتُ أنْ يأتيْ صَباحُ غَدٍ 

والشَّعْبُ فوقَ اسْمِهِ المَكْسُورِ قد جَلَسا 

وخِفْتُ ألَّا يَراني "السَّدُّ" وهْوَ أبي 

بقُرْبِهِ اليومَ أحْمي الرُّكُنَ والأُسُسا 

هَزيمةُ الأَبِ في الحَرْبِ الْتِفاتَتُهُ 

ولَم يَجِدْ لابْنِهِ سَيْفًا، ولا فَرَسا 

وأنتِ تَدرينَ أنّي لو تَرَكْتُ أبي 

فقد تَرَكْتُ لِواءَ الحُبِّ مُنْتَكِسا 

وأنتِ لا تَقْبَلينَ الحُبَّ مِن رَجُلٍ 

مَعْناهُ مِن جهَةِ الآباءِ قد يَبِسا 

يا أُمَّ تَمَّامَ، ما أقْسى الغِيابَ، وما 

بَيْني وبَيْنكِ لا يَسْتَغْرِقُ النَّفَسا 

تَعِبْتُ والسَّفَرُ المَسْجُونُ في خَلَدي 

والحَرْبُ لَم تُبْقِ لي ماءً ولا يَبَسا 

لا دَرْبَ للنّوقِ والحادي إليكِ ولا 

لقارِبٍ في حنايا الأُمْنِياتِ رَسا 

أنا هُنا الآنَ، ما مَعنى أنا وهُنا؟! 

حَرْفانِ بعدَكِ مِن قامُوسِنا طُمِسا 

هذا الفراغُ أمامي جالسٌ، وأنا 

هذا الوحيدُ الذي يَسْتَثْقِلُ الجُلَسا 

قصائدي الآنَ، بُومٌ، والرُّؤى غَلَسٌ 

ووَحْشَةٌ، وشِهابٌ يَثْقُبُ الغَلَسا 

لكِنّما المَوتُ في "صِرواحَ" أحْسَنُ لي

مِن أنْ أعُودَ إلى "صَنْعاءَ" مُخْتَلِسا 

هشام باشا

2022/2/17

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك