خزان صافر رحلة اللاعودة.. ذراع إيران تبتز المجتمع الدولي لكسب الوقت

إقتصاد - Friday 18 March 2022 الساعة 02:31 pm
الحديدة، نيوزيمن، خاص:

تعد مشكلة "خزان صافر" العائم في البحر الأحمر منذ العام 2016، من المعضلات المفصلية التي كشفت للمواطن والمراقب للشأن اليمني، مدى أهمية القرارات الصادرة عن المجتمع الدولي، وجديته في البت بالقضايا العالقة؛ منها عملية إيقاف المعارك الدائرة وإحلال السلام، وكل ما يتعلق بالحالة الإنسانية والبيئية، وإلزام ذراع إيران بتنفيذ الاتفاقيات بما فيها المرجعيات الثلاث. 

فبعد أن أفضت كافة المشاورات إلى العدم طيلة سنوات الحرب، عادت قصة الخزان إلى الواجهة، وسط تعنت حوثي، أعقبه ظهور السفير الهولندي بيتر ديرك هوف في مدينة صنعاء بشكل مفاجئ للجميع، بما فيهم طرفا الشرعية بتاريخ 10 مارس/ من الشهر الجاري.

وجاء ظهوره الرسمي بمعية وزير الخارجية في حكومة مليشيا الحوثي هشام شرف وعدد من قيادات الجماعة وسط تحفظ شديد على كثير مما دار في الكواليس. 

تم التأكيد في حينه أن الزيارة خاصة وتأتي في إطار إنهاء مشكلة خزان صافر الذي يحوي ما يقرب 1.148 مليون برميل، تجنبا لوقوع كارثة بيئية محتملة في المياه الإقليمية واليمنية.

تقليل وشكوك بنتائج الاتفاق

مراقبون شككوا في كل مرة بجدية الحوثي في الوصول لاتفاق يرضي كافة الأطراف ويقطع الطريق أمام كارثة بيئية وإنسانية، حتى في آخر اتفاق مع السفير الهولندي. غير أن آخرين أكدوا أنه طالما أن هناك مصلحة لدى المليشيا فإنها ستوافق، وإن لم يفصح الاجتماع الأخير عن شكل الضمانات التي سيتم عبرها تفريغ الخزان.

أطراف حكومية كانت قد قللت من عملية الاتفاق التي تأتي في وقت تتوالى قرارات العقوبات الدولية على المليشيا والداعمين لها، من شركات وأشخاص، مؤكدين عدم جدوى الاتفاق كما هو حال الاتفاقات السابقة، وأن الحوثيين يستغلون أمر الخزان من أجل كسب مزيد من الوقت في معركتهم التي يخوضونها ضد المجتمع اليمني وتأخذ طابعًا عقائديًا وآخر  ثقافيا وسياسيا، إلى جانب مواجهات عسكرية تحت مسمى "معركة النفس الطويل".


فشل ذريع للمجتمع الدولي

قضايا عدة فشلت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في حلها، وظل الملف اليمني يراوح مكانه على كافة المستويات، السياسية والإنسانية، وزراعة الألغام والهجوم على المدنيين ومخيمات اللاجئين، وعدم الإفراج عن المعتقلين، وخزان صافر الذي عُدّ من قبل الخبراء "قنبلة موقوتة".

إذًا، استمرار تعنت الحوثيين وسط تماهي دولي دون ضغوطات وشروط مُلزمة واتفاقيات مزمنة، ليس بصالح المفاوضات ويقلل من ثقة الشعب اليمني أولا والأطراف السياسية الفاعلة في المشهد بكل مسمياتها ثانيًا، وينفي أي رغبة من شأنها العمل على إنهاء الصراع ويؤكد على أن هناك سعيا للحيلولة دون الوصول إلى اتفاق، ما يعني ترك المجال مفتوحا أمام المنظمات وقصص المانحين دون حلول جذرية وأعمال مستدامة.

المجتمع الدولي والأمم المتحدة يدركان تماما توجه مليشيا الحوثي، وعدم جديتها في إنهاء المواجهات؛ بدليل أن السفير الهولندي لدى اليمن، بيتر هوف، كان قد دعاها إلى ضرورة التعامل مع المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروند، دون قيد أو شرط.

مشددًا في بيان على حسابه في تويتر على أن من المهم التأكيد بأنه إذا كان الحوثيون جاديين بشأن السلام، فعليهم التعامل دون قيد أو شرط مع المبعوث الأمم المتحدة.

تمييع الملفات لكسب الوقت

في الآونة الأخيرة برزت كثير من المعضلات التي  عملت على تعطيل مسار العملية السياسية، لتذهب بعيدًا بغرض إلهاء المجتمع الدولي؛ من قبل الحوثي، وتمييع الملفات وتفريخها، بحيث تصبح كلها أولويات؛ لكن دون حلول، منها الكف عن زراعة الألغام، إطلاق سراح المعتقلين، خزان صافر، رواتب الموظفين، إيقاف هجوم الطيران المسير والصواريخ البالستية، تهديد الملاحة الدولية، تهريب السلاح من إيران، أهمية إعادة الخدمات الضرورية للمواطنين.

محطات عديدة وهامة تم اختبار فيها الوسطاء الدوليين، كان أهمها "اتفاقية السويد" التي ولدت ميتة، تبعها عشرات المشاورات، لكن على ما يبدو أنها لم تكن كافية للتأسيس لحوار جدي يقف على مسافة واحدة من كل القضايا والمستجدات، ولا كانت كافية للمجتمع الدولي والأمم المتحدة بكشف نوايا الحوثيين وأهدافهم في ابتلاع البلاد دون النظر إلى الوضع الإنساني المزري وارتفاع حالات الفقر والبطالة وآلاف وملايين النازحين.

خزان صافر وغيره ودعوات الأطراف الخليجية التي تقود التحالف العربي الأخيرة إلى الحوار والجلوس على طاولة واحدة جميعها أوراق اختبار لكشف الصورة الأخيرة وتهيئة المشهد إما لحرب بلا أفق أو معجزة سياسية والأمر مفتوح والخيارات متاحة بعد أكثر من سبعة أعوام من الحرب.