بعد انقلابها على السلطة في 2014، بدأت مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران بإسقاط المحافظات الواحدة تلو الأخرى، لتعزيز هيمنتها ونفوذها، ومارست المليشيا الانقلابية كل أشكال التنكيل والإهانة والإذلال لقيادات المحافظات حتى أولئك الذين تحالفوا معها وساعدوها في إسقاط محافظاتهم، وفي محافظة الحديدة التي سيطر عليها الانقلابيون في أكتوبر/تشرين أول 2014، قامت المليشيا الإرهابية بإزاحة وتصفية من وقفوا أمام أجنداتها في نهب موارد المحافظة، كما تفننت في إهانة من تواطأوا معها وشرعنوا جرائمها..
حسن الهيج
تم تعيين العميد حسن أحمد الهيج محافظا للحديدة في سبتمبر 2014، ويعد الهيج الذي شغل منصب أمين عام محافظة الحديدة لسنوات، أحد أبرز قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام في المحافظة، وشهدت فترة إدارته للمحافظة والتي تزامنت مع الانقلاب الحوثي، خلافات كبيرة مع قيادات المليشيا الانقلابية، بعد وقوفه حجر عثرة أمام أجنداتهم في نهب موارد المحافظة وأراضي الدولة.
حاول الهيج الحد من تهور المليشيا في النهب، وهو ما زاد من عدم الرضا به من قبل الانقلابيين، فتفاقمت الخلافات بين الطرفين حول عدة قضايا متعلقة بالإيرادات ونهب الأراضي، ومحاولة القيادات الحوثية في الحديدة الانفراد بالقرار في إدارة المحافظة، أمام مقاومة شديدة من قبل المحافظ، الأمر الذي وصل حد محاولة اغتياله.
في يوليو/تموز 2015 تعرض الهيج لمحاولة اغتيال من قبل عناصر من المليشيا أمام منزله بحي 7 يوليو شرق مدينة الحديدة، لكنه نجا بأعجوبة، وبحسب مصادر في ديوان المحافظة، فإن هذه المحاولة جاءت بعد تلقي الهيج تهديدا من قبل مشرف المليشيا في الحديدة حينها "نايف أبو خرفشة"، بعد رفض المحافظ طلبا تقدم به المشرف الحوثي لصرف تغذية وتنقلات لعناصرهم، حيث رد عليهم بأنه لا توجد ميزانية لتغطية مطالبهم تلك، وبعد ذلك اعتكف الهيج في منزله ولم يذهب لمزاولة عمله في ديوان المحافظة احتجاجا على تلك التهديدات، لكن المليشيا قامت بملاحقته إلى منزله، محاولة اغتياله.
وحين لم يجد الهيج من ينصفه غادر إلى خارج الوطن، واستمر حوالي شهرين، ثم عاد مجدداً إلى الحديدة، وكان الحوثيون قد تمكنوا من فرض سيطرتهم وقرارهم على جميع مفاصل الدولة في المحافظة، لذلك لم يكن أمامه سوى تفضيل البقاء في منزله والاختفاء عن الأنظار، وقد أصبح غير مرغوب به من قبل المليشيا الحوثية.
في 2017، أمر رئيس ما يسمى الاستخبارات العسكرية للمليشيا أبو علي الحاكم بوضع الهيج وأسرته تحت الإقامة الجبرية في صنعاء، بعد الاشتباه بأنه يتواصل مع قيادات مؤتمرية مقربة من الرئيس صالح.
اختفى "الهيج" عن الأنظار تماما ولا يعرف شيء عن مصيره، بعد احتجازه وتغييبه من قبل المليشيا، وخصوصا بعد اتهامه بالتآمر والوقوف وراء اغتيال الهالك صالح الصماد، الذي لقي مصرعه في إبريل/نيسان 2018، والذي اعلنت المليشيا استهدافه بغارة جوية لطيران التحالف العربي في الحديدة، بعد 5 أيام من التكتم على اغتياله.
علي القوزي
كان الشيخ علي بن علي القوزي أمين عام المجلس المحلي بمحافظة الحديدة، في صدارة من نفذت فيهم مليشيا الحوثي الإرهابية حكم الإعدام رميا بالرصاص في سبتمبر/ايلول 2021، بعد أن لفقت له ولسبعة آخرين، تهمة التآمر والتواطؤ مع التحالف العربي في اغتيال الهالك صالح الصماد.
ويعد الشيخ علي القوزي من القيادات البارزة في حزب المؤتمر الشعبي بمحافظة الحديدة، وشغل سابقا منصب وكيل أول بالمحافظة، وهو أيضا شيخ مشايخ قبائل صليل شمال الحديدة التي تشمل مديريات: القناوص، الزيدية، الضحي، المنيرة، والمغلاف.
كان القوزي على خلاف دائم مع المشرفين الحوثيين، الذين يتهمونه بالتخابر مع قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، ومع قوات المقاومة الوطنية في الساحل الغربي التي يقودها العميد طارق صالح.
بدأت الخلافات بين القوزي وبين قيادات مليشيا الحوثي بعد رفضه القيام بأعمال محافظ الحديدة منتصف العام 2018، وذلك عقب إيقاف الحوثيين للمحافظ وقتها حسن الهيج ووضعه قيد الإقامة الجبرية.
واشتدت الخلافات بين القوزي والمليشيا، بعد رفضه تجنيد المزيد من المقاتلين من أبناء قبيلته في صفوف الحوثيين، وتطورت الخلافات إلى اختطاف أحد أقارب القوزي، وحدوث اشتباكات بين أقاربه ومشرف الحوثيين بمديرية القناوص، الأمر الذي جعل المليشيا تضع القوزي رهن الإقامة الجبرية في منزله بمديرية القناوص مدة ثلاثة أشهر، قبل اختطافه في 18 نوفمبر/تشرين ثاني 2018، ونقله إلى معتقل بصنعاء بتهمة التواصل مع التحالف العربي والمقاومة الوطنية، قبل أن تلفق له تهمة التآمر في اغتيال الصماد، وتقوم بتصفيته بعد ذلك.
وهدفت المليشيا من تصفية القوزي إلى التخلص من شخصية قيادية ووجاهة قبلية نافذة، وفرض مزيد من السطوة والرعب في نفوس المشايخ الآخرين، إضافة الى تقديم القوزي ورفاقه كباش فداء لدفن القضية والحقيقة في مقتل الصماد.
محمد قحيم
يعتبر محمد عياش قحيم، من أوائل من ارتموا في أحضان مليشيا الحوثي الإرهابية، بعد سيطرتها على محافظة الحديدة في أكتوبر/تشرين أول 2014, بعد أن عينته المليشيا بمنصب وكيل أول للمحافظة. ومن حينها أصبح يقوم بكل الأعمال التي تخدم المليشيا لإرضائها.
في 2018 عينت المليشيا الانقلابية، المتحوث محمد قحيم محافظا لمحافظة الحديدة، خلفاً لحسن الهيج الذي وضعته المليشيا قيد الإقامة الجبرية في صنعاء، واستخدمت المليشيا قحيم كغطاء لتمرير أجنداتها وشرعنة نهب إيرادات المحافظة.
أدى تهميش قحيم كمحافظ عن طريق الوكلاء الذين فرضتهم المليشيا في الحديدة وكذلك القيادات الوافدة من صعدة وعمران وحجة وعلى رأسها هادي الكحلاني "أبو علي" المقرب من زعيم المليشيا والمعين مشرفا أمنياً ومديراً لشرطة محافظة الحديدة، أدى ذلك إلى تصاعد حدة الخلاف بين قحيم والكحلاني الذي منحته المليشيا صلاحيات مدنية وعسكرية واسعة في الحديدة، وأيضا بسبب محاولة "قحيم" تجاوز الصلاحيات المحدودة الممنوحة له، واتخاذ قرارات دون الرجوع إلى القيادات الحوثية في المحافظة وعلى رأسها الكحلاني، وكذلك التحرك والتنقل دون أخذ الإذن، لذلك مارست المليشيا الانقلابية صنوف الإهانة والإذلال ضد "قحيم"، فمن توجيه الشتائم، والتهديد بالسلاح، إلى الاعتداء عليه بالضرب المبرح.
كان أول تهديد تلقاه قحيم في ديسمبر/كانون الأول 2018 من قبل "أبو علاء العميسي" المشرف على ما يسمى "جهاز الأمن السياسي والوقائي" في المحافظة، والذي أشهر السلاح في وجه المحافظ مع توجيه الإهانات والشتائم له، على خلفية تصريحات الأخير بشأن الانسحاب من المناطق المشمولة باتفاق ستوكهولم.
كما تعرض قحيم للكثير من التهديدات والإهانات من قبل "هادي الكحلاني" وبدأت الخلافات بينهما حول عائدات وموارد المحافظة، وعدم تقيد المحافظ بأوامر وتوجيهات المشرف الأمني للمليشيا، وتصاعدت حدة الصراع بين الكحلاني وقحيم في 2019 إبان تجهيز مكتب الأمم المتحدة للمشاريع (UNOPS) في الحديدة والذي استقدم حاوية حماية مدرعة رفض الكحلاني طلب المكتب بوضعها أمام المبنى قبل أن يقوم قحيم بالموافقة على نفس الطلب، ليلتقي الكحلاني بمدير المكتب التابع للأمم المتحدة في الحديدة عبدالملك الشوكاني قبل أيام ويطلب منه عدم التعامل مع قحيم ويكون التعامل معه مباشرة، وفقاً لمصدر في المكتب الأممي.
وكانت ذروة التأزم بين الكحلاني وقحيم بعد أن التقى الأخير برئيس المجلس الانقلابي الحوثي مهدي المشاط أواخر 2019 ليشكو إليه اعتداءات الكحلاني، ويقنعه بعدم تغييره من منصبه، بعد تلقيه تهديدات من قبل الكحلاني بإقالته من منصبه، وتعيين المشرف الحوثي عبدالجبار الجرموزي "أبو يونس" الذي يشغل منصب وكيل المحافظة للشؤون المالية، محافظاً للحديدة بديلا له.
في فبراير/شباط 2020، وجه "الكحلاني" باعتقال قحيم بسبب ما وصفه بالانتكاسات الكبيرة وفشل المحافظ في أداء المهمة التي أوكلت له حينها لدفع مشايخ ووجهاء تهامة بحشد المقاتلين إلى جبهات المليشيا، وقد تم إطلاق سراح 'قحيم" لاحقاً بعد تعهده بتنفيذ المهام الموكلة إليه بتحشيد أبناء تهامة إلى محارق الموت.
في أواخر أغسطس 2021 تم استدعاء المحافظ محمد قحيم ووكيل المحافظة محمد سليمان حليصي، من قبل القياديين الحوثيين يوسف المداني وهادي الكحلاني، على خلفية تقاعسهما في تحشيد المقاتلين، وتم سحب مرافقيهما وتجريدهما من سلاحهما الشخصي، والاعتداء عليهما بالضرب المبرح، ليتم نقلهما على إثر ذلك إلى المستشفى، لتظهر المليشيا “قحيم” وهو في اجتماع لمؤسسة المياه، بعد ثلاثة أيام من تعرضه للاعتداء، وعلى وجهه علامات الضرب.
استعانت المليشيا بـ"قحيم" ليكون أحد الشهود ضد الشيخ علي القوزي أمين عام المحافظة الذي أعدمته المليشيا مع ثمانية آخرين من أبناء تهامة في 2021 بعد أن لفقت لهم تهمة التخابر والتواطؤ في مقتل الهالك صالح الصماد.
في أواخر سبتمبر 2021 نجا قحيم من محاولة اغتيال دبرتها المليشيا ونفذت بغطاء حادث مروري، بعد تعرض موكبه لحادث بعد عودته مع بعض القيادات الحوثية في الحديدة، بعد قيامهم بزيارة استعراضية خاطفة إلى بيحان بمحافظة شبوة، لتعزيز معنويات عناصر المليشيا التي كانت حينها قد استعادت السيطرة على بعض مديريات بيحان بتواطؤ من جماعة الإخوان.