لمواجهة التهديدات.. الإمارات والسعودية تعيدان ترتيب أولوياتهما الدفاعية
تقارير - Sunday 29 May 2022 الساعة 10:43 amمن الجيد أن تكون الإمارات والسعودية في ظل مرونة كبيرة للتعامل مع المتغيرات الكبيرة التي تحدث، وخاصة تلك التي تتعلق بمواجهة التهديدات الأمنية التي يكون مصدرها جماعة الحوثي الإرهابية التي تعمل كمترس متقدم للنظام الإيراني في المنطقة، هذه المرونة التي أبدتها دول الخليج وخاصة الإمارات العربية المتحدة، والتي جعلتها ترسم ملامح خططها المستقبلية في مجال الدفاع والتصدي لأي تهديدات قادمة بأي وسيلة ممكنة.
إن الهجمات الأخيرة التي شنتها جماعة الحوثي الإرهابية على منشآت مدنية إماراتية، عززت لدى القيادة الإماراتية العزم على الخوض في المجالات الدفاعية وخاصة فيما يتعلق بالطائرات المسيرة، السلاح الجديد الذي أثبت فعالية في الهجوم دون وقوع خسائر بشرية في حال تم التصدي لها، على عكس الطائرات المقاتلة التي تستدعي قياداتها طيارا يتم تدريبه وتجهيزه لقيادة الطائرة المقاتلة، مقابل الإمارات عملت السعودية على نفس المنهاج الإماراتي، وخاصة أن الهجمات على المنشآت النفطية من قِبل الميليشيات الحوثية التابعة لإيران من خلال الطائرات المسيرة، أحدثت هزة في عملية إنتاج النفط وتصديره، مما جعل القيادة السعودية تفكر في مواجهة تلك التهديدات عبر أنظمة دفاعية أكثر تطوراً قادرة على التصدي للمسيرات القادمة من اليمن.
وبسبب التوجهات الجديدة لدولة الإمارات في بناء علاقات قوية مع دول كبرى مثل الصين وروسيا، بعيداً عن الهيمنة الأمريكية، كشفت الهجمات الأخيرة على المنشآت الإماراتية بطائرات مسيرة حوثية، عن امتعاض أمريكي من السياسة الإماراتية الجديدة في رسم علاقات جديدة مع الصين وروسيا، هذا الأمر أيضاً عزز لدى القيادة الإماراتية مدى الحاجة لتنوع العلاقات الدولية وتنوع مصادر التعامل من أجل صد أي تهديدات أمنية قادمة، ومثل الإمارات وجدت المملكة العربية السعودية نفسها في وضع غير دفاعي يحمي سماءها بشكل مطلق من الهجمات الحوثية الإيرانية، وخاصة بعد أن سحبت الولايات المتحدة أنظمة الباتريوت من أماكن كانت قد نصبتها في وقت سابق، هذا الأمر عزز لدى السعودية مدى الحاجة لإعادة رسم العلاقات مع دول أخرى مثل الصين وروسيا، وأن الوثوق بالولايات المتحدة بشكل مطلق أمر غير منطقي أمام هذه التهديدات المستمرة التي تنفذها إيران عبر ميليشياتها في اليمن.
ليس من المنطقي أن تجعل الولايات المتحدة أمن بلدان الخليج معرضا للخطر في الوقت الذي تمارس فيه مفاوضات مع إيران للعودة إلى الاتفاق النووي، بل أيضا إعلان الانسحاب من المنطقة دون وجود ضمانات كافية لمنع التهديدات المستمرة التي تحيط بدول الخليج، والتنصل من اتفاقيات الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة والدول الخليجية، لا لشيء إلا لأن السياسة الأمريكية انصرفت إلى منطقة أخرى، بعد أن كانت منطقة الشرق الأوسط هي التي تمتلك الأهمية القصوى لما تمثله من مصدر للنفط الذي تستورده الولايات المتحدة.
أدركت الإمارات والسعودية أن هذه المتغيرات والهجمات الحوثية الإرهابية على منشآت مدنية واقتصادية هي مفتاح للعمل في بناء علاقات تُسهم في تعزيز سياسة البلدين في المنطقة وكذلك في الحماية من التهديدات بعيداً عن الاستغلال والهيمنة الأمريكية، ولذلك نجد الولايات المتحدة بعد الحرب الروسية الأمريكية في موقف لا يحسد عليه، فهي في نقطة ضعف تحاول أن تستجدي دول الخليج، ومستعدة لتقديم تنازلات وإبرام اتفاقيات شراكة، لكن وعلى الرغم من أن هناك تجاوبا خليجيا مع الولايات المتحدة والتي سوف تتوج بزيارة بايدن المقبلة، إلا أن الإمارات والسعودية لن تتوقفا عن استمرار نسج علاقات مع الدول الكبرى الأخرى مثل الصين وروسيا.