لاسترضاء "الرياض" و"أبوظبي".. بايدن في زيارة مرتقبة إلى الخليج

تقارير - Thursday 02 June 2022 الساعة 09:16 am
تعز، نيوزيمن، محمد عبدالرحمن:

من المتوقع حسب بعض تسريبات الصحف والمواقع الأمريكية، مثل موقع أكسيوس، أن يقوم الرئيس الأمريكي بزيارة إلى المنطقة نهاية شهر يونيو، ومن المتوقع أيضا زيارة الرياض على الرغم أنها زيارة لم يكن "بايدن" يريدها على الأقل في هذا التوقيت، إلا أن المتغيرات الدولية والموقف الأمريكي الصعب منها أجبرته على أن يقوم بمثل هذه الزيارة إلى السعودية.

من سياسة الاستعداء إلى الاستجداء

بعد وصول بايدن إلى السلطة واستلام البيت الأبيض بدأ بمهاجمة السعودية وبعض الدول الخليجية مثل الإمارات، وبدأت سياسة البيت الأبيض تغيّر مسارها الذي اعتادته في العلاقات الأمريكية الخليجية، ونظراً للظروف التي تمر بها المنطقة والأخطار المحيطة بها وخاصة الدول الخليجية من تمدد النفوذ الإيراني واستقواء وكلائها، عمدت إدارة بايدن إلى مواجهة السعودية والإمارات في بادئ الأمر إلى إزاحة جماعة الحوثي الإرهابية من قائمة التنظيمات الإرهابية بعد أن قام الرئيس السابق ترمب بتصنيفها على لائحة الإرهاب.

لم يدرك بايدن الخطيئة التي ارتكبها ولا العواقب التي سوف تنتج عن هذا القرار، لأن إزالة جماعة إرهابية مثل الحوثية عن قوائم الارهاب أسهم بتعزيز قدراتها القتالية وممارسة إرهابها وتوسيعه ليشمل نطاقا جغرافيا أكبر يهدد السلم والأمن الدوليين، ويهدد بشكل مستمر الدول المحيطة باليمن، وبالفعل كانت نتائج قرار بايدن سلبية أثرت بشكل كبير على مسار السلام في اليمن وتهدئة ملفات المنطقة، هذا القرار الذي كان فقط ارضاءً لغرور الرئيس الأمريكي الذي اعتقد أنه سيصلب السعودية والإمارات على خشبة القرار الأمريكي.

إزالة الحوثي من لائحة الإرهاب هو إعلان بالتخلي عن الدعم الأمريكي لدول الخليج للحفاظ على أمنها، وبدأت المعدات الأمريكية تغادر منطقة الخليج وخاصة تلك الدفاعية، بالتزامن مع استمرار القصف الحوثي -الإيراني لأهم المنشآت النفطية والاقتصادية، حينها رأى بايدن أنه قد أخضع السعودية والإمارات بشكل أكبر مما كان يتوقعه لإرادة البيت الأبيض، لكنه في النهاية وجد نفسه أمام صدمة كبيرة لن يتجاوزها إلا بالتوسل للدول الخليجية وخاصة المملكة العربية السعودية.

ما تعانيه الولايات المتحدة من أزمة نفطية وما تحتاجه من تعزيزات لقراراتها السياسية والاقتصادية جراء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، جعلت من إدارة بايدن تفكر ملياً في  إذابة الفتور الذي كان قد سرى في علاقاتها مع دول الخليج، ودفعت بمستشار الأمن القومي الأمريكي إلى الرياض لطلب رفع إنتاج النفط من أجل التحكم بأسعاره عقب العقوبات المفروضة على روسيا، لكن ذلك الطلب قوبل بالرفض من مصدر قوة امتلكتها الرياض وأحسنت استغلالها في الظروف المناسبة.

مرغماً.. "بايدن" العودة إلى الرياض 

بعد أن وصلت إدارة بايدن بالعلاقات الأمريكية الخليجية إلى مرحلة يشوبها الفتور، وبدأ زعماء الخليج بنسج علاقات خارج إطار تلك العلاقات، وبعد أن وصلت -إدارة بايدن- إلى نقطة محورية في استمرار دعمها لأوكرانيا لمواجهة روسيا، يجب عليها أن تعيد سياساتها الخاطئة التي اتخذتها تجاه الدول الخليجية، ولكن ليس من السهل أن تعود تلك العلاقات وأن تقبل دول الخليج باستئنافها دون أن تدفع إدارة بايدن ثمن قرارتها وسياساتها غير المدروسة بعناية.

لن تقبل دول الخليج أن يصعد بايدن أمام وسائل الإعلام ويعلن اعتذاره أو يعيد الجماعة الحوثية على قائمة الإرهاب، إن المتغيرات والظروف الدولية الآن ليست في صالح إدارة بايدن، وعليها أن تدفع ثمناً باهظاً معه يمكن أن يقبل زعماء الخليج بالنظر إلى إمكانية تأطير العلاقات بشكل جديد، ولكن قبل ذلك على بايدن أن يذهب إلى الرياض ليقر بخطأ قراراته وسياساته تجاه أمن الخليج والمنطقة.

زيارة بايدن المرتقبة إلى الرياض هي أقل ما يمكن أن يقبل به ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للبحث في إعادة سريان المياه الدافئة في شرايين العلاقات الأمريكية الخليجية، وسوف تمثل هذه الزيارة انتصاراً سعودياً وإماراتياً أمام أكبر قوة عالمية لم تستطع أن تفرض قراراتها وسياساتها على الدولتين على الأقل في الفترة الأخيرة التي ظهرت المعارضة السعودية والإماراتية للولايات المتحدة في مستويات وأحداث مختلفة أبرزها التصويت في مجلس الأمن ورفض رفع وتيرة إنتاج النفط.

استطاعت السعودية والإمارات أن تفرض هيمنتها وسيادة قراراتها، نظراً للأوراق القوية التي تمتلكها والخيارات المتنوعة التي يمكن أن تسلكها بعيداً عن الهيمنة الأمريكية، ولذلك ليس أمام الرئيس الأمريكي إلا أن يستسلم ويعيد حسابات إدارته وسياسته وخاصة أن المجتمع الدولي يتشكل من جديد وبسرعة كبيرة.