الشمال.. مأساوية الواقع وفواجع الأحداث
تقارير - Thursday 23 June 2022 الساعة 08:13 amمع اجتياج مليشيا الحوثي لمناطق الشمال في العام 2014، كنتيجة غير متوقعة لوقوف القوى السياسية في مواجهة السلطة، انهارت كثير من الروابط المنظِّمة لحياة الناس.
انعكس ذلك بشكل متتالٍ على مستقبل البلد في ظل سيطرة وممارسة العنف ونشر الرعب أوساط المواطنين، ومحاكمة المناهضين بالقتل والتفجير ومصادرة الحقوق.
اتسعت دائرة العنف من قبل السلطة التي فرضت نفسها وتركز اهتمام الجماعة على القمع والسعي بكل السبل لتثبيت مداميك مشروعها الطائفي.
ساعد موقف الأمم المتحدة ومبعوثيها المتراخي طيلة الفترة الماضية هذه المليشيا على تثبيت نفسها كطرف رئيس امتلك كل مقومات السلطة عدا المسؤولية تجاه الخدمات الأساسية وفرض الأمن.
اختلالات من الجذور
مع مرور الأيام تكشفت الاختلالات وتلاشى كل ما له علاقة بالقانون والإدارة والاقتصاد والنظم والتشريعات والمجالس المحلية وتوزيع إيرادات البلد وترميم التالف من البنى التحتية والبحث عن حلول جذرية لبعض الظواهر.
سبق ذلك كله استمرار ما سميت باللجان الثورية للعب دور جميع الهيئات الرقابية والخدمية ما ساعد على إرباك الأجهزة المعنية وتدمير ما كان قائما من مؤسسات بشكل شبه كلي.
تعرض مجلس النواب للإغلاق منذ الوهلة الأولى للاجتياح أكثر من مرة، حاولت المليشيات بهذا التصرف تكسير عظام ما تبقى من سلطة وتهميش أي مؤسسة تعتقد أنها من مكاسب ثورة 26 سبتمبر و22 مايو.
سعت لترويع الخصوم ومن تعتقد أنهم سيكونون في المستقبل قادرين على العودة، فعطلت عمل الأحزاب بمن فيها المؤتمر الشعبي، أبقت على هامش بسيط لا يكاد يذكر وحاولت استقطاب بعض القيادات واستخدمتهم بشكل لا يليق.
اختطاف دور الإعلام
استغلت المليشيا "العدوان السعودي الأمريكي" كعنوان عريض للمرحلة، فقلصت مساحة الحرية، واستحوذت على الإذاعات، ضايقت ما تبقى حتى التي تعنى ببث الأغاني وقضايا مجتمعية وأبقت معظم النوافذ فاعلة في إطار المشروع الإيراني.
صنعت إذاعات وفضائيات من العدم ومكنت منها موالين يعملون على مهاجمة الانساق الباقية من النظام الجمهوري الذي تداعى بشكل متسارع، تم فتح ملفات سياسية لا تخدم المرحلة بأي شكل بل إنها تعمل على تشتيت القضايا المصيرية.
ساعد على استمرار هذا النهج رضوخ القيادات حتى اليسار للأمر الواقع، بل إن البعض ظهر ليدلي بشهادات تاريخية إما مزورة أو موجهة ضد طرف على حساب آخر مع تمجيد فترة الإمامة على حساب حركة التحرر الثوري التي ولدت منها الجمهورية.
انهيار الوعي
تلك المدخلات كانت سبباً والنتيجة ارتفاع معدل البطالة وحالات الانتحار والقتل والاغتيالات والنهب والجريمة المنظمة والجرائم بشكل عام والفوضى في الأسعار واستمرار قطع الرواتب بنسبة 90% رغم الإيرادات المهولة ما تسبب بالعديد من الإشكالات التي لم يستطع مواجهتها الموظف.
اتساع رقعة الفساد وانتشار السوق السوداء واستغلال دور المنظمات العاملة ونهب كثير من المساعدات وظهور طبقة استثمرت في مجال الاتصالات والنفط والعقارات.
تم تهرب حتى المكالمات الدولية، حسب التقارير الأخيرة، ناهيك عن زيادة تدفق المواد المخدرة عبر المنافذ البرية والبحرية بدعم إيراني واضح وبعضها بشكل رسمي ما ساعد على ارتفاع معدل الجريمة بشكل غير مسبوق.
مؤسسة التعليم هي الأخرى تعرضت ولا تزال لأبشع تدمير ممنهج من خلال تغيير المناهج وفرض أجندة تخدم المشروع الإيراني الكبير بدرجة رئيسية وتعادي كل ما هو جمهوري.