من الزكاة إلى المخابرات.. مليشيات الحوثي تبني دولتها بهيئات نهب ولجان بيع الوهم
تقارير - Monday 27 June 2022 الساعة 08:02 amمنذ قيام المليشيات الحوثية الذراع الإيرانية في اليمن، بانقلابها على السلطة وسيطرتها على مؤسسات الدولة في 21 سبتمبر 2014م عمدت المليشيات إلى محاولة إنتاج نظام إداري جديد يمكنها من السيطرة على مؤسسات الدولة بعيدا عن الخضوع لأية مرجعيات دستورية أو قانونية ناظمة للعمل الإداري والتنفيذي سواء من خلال ما سمته إعلانها الدستوري الذي منحت بموجبه لنفسها حق تشكيل ما سمته اللجنة الثورية العليا واللجان الثورية المتفرعة عنها والتي أوكلت إليها صلاحيات المؤسسات الحكومية ومختلف مرافق وسلطات الدولة، أو من خلال الالتفاف على مضامين النصوص الدستورية والقانونية عقب تشكيل ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى الذي جاء نتيجة اتفاق مع المؤتمر لإعادة عمل مجلس النواب وتشكيل حكومة وسلطة تنفيذية وعودة مختلف سلطات ومؤسسات الدولة للعمل.
وعقب استشهاد الرئيس الأسبق الزعيم علي عبدالله صالح ورفيقه الأمين عارف الزوكا على أيدي مليشيات الحوثي عقب ثورة الثاني من ديسمبر 2017م ضد المليشيات الحوثية استطاعت الأخيرة أن تنفرد بالقرار المتعلق بإدارة شؤون مؤسسات الدولة بشكل كلي وعمدت منذ ذلك الحين إلى المسارعة في إنشاء ما يمكن القول إنه دولة داخل الدولة في صنعاء ومناطق سيطرتها.
وتعمدت المليشيات انتهاج سياسة جديدة هي سياسة تشكيل اللجان البديلة لمؤسسات الدولة ومصادرة صلاحيات الأخيرة المنصوص عليها في الدستور والقوانين النافذة لصالح هذه اللجان التي عمدت من خلالها إلى تحويلها إلى مؤسسات وهياكل خاصة لتعيين عناصرها وقياداتها المليشياوية خصوصا من أقارب زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي أو من القيادات الحوثية من الأسر الهاشمية من أبناء محافظة صعدة تحديدا، وبعض المحافظات الأخرى كحجة وعمران.
من الزكاة إلى الأوقاف.. لجان غير دستورية خاصة بالنهب
عقب تشكيل المجلس السياسي الأعلى نهاية يوليو من العام 2016م وبعد بدء عمله بأسابيع قليلة جدا بدأت الخلافات بين قيادات المؤتمر وقيادات المليشيات الحوثية آنذاك حول موضوع إيرادات الزكاة، حيث سعت المليشيات إلى استغلال سلطتها وسيطرتها على رئاسة المجلس بالالتفاف على نصوص الدستور والقوانين الخاصة بتوريد أموال الزكاة إلى السلطات المحلية وذلك من خلال فتح حسابات خاصة بزكاة كبار المكلفين في البنك وجباية أموالها إلى هذا الحساب الذي لا يخضع لأي إشراف من قبل الحكومة، وكانت تلك القشة التي قصمت ظهر البعير ومن يومها تصاعدت الخلافات بين المؤتمر والحوثيين حول موضوع إدارة الدولة خصوصا وأن المؤتمر واجه صعوبات كثيرة في محاولة ترسيخ مفهوم العمل الدستوري والقانوني لمؤسسات الدولة.
وعقب ثورة الثاني من ديسمبر واستشهاد الزعيم صالح وانفراد المليشيات الحوثية بالحكم تماما سارعت إلى تنفيذ توجهاتها فيما يخص استبدال مؤسسات الدولة باللجان، حيث شكلت ما سمي بالهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث والتي استبدلتها لاحقا بما سمي بالمجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي والذي منح صلاحيات الإشراف على كل ما له علاقة بالمساعدات الإنسانية، حيث تحول إلى وعاء لنهب وسرقة المساعدات الدولية من قبل المليشيات وفقا والتقارير الدولية التي تؤكد ذلك، ثم تلى تلك الخطوة خطوات مماثلة تمثلت بإنشاء الهيئة العامة للزكاة، والهيئة العامة للأوقاف، مرورا بما سمي بالمنظومة العدلية، واللجان الخاصة بما سمي بالأسرى والشهداء، إلى ما سمي بلجان الابتكار ولجان التمكين الزراعي، وغيرها من اللجان التي صادرت صلاحيات مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية وحولتها إلى هذه اللجان التي عينت لها قيادات وموظفين كلهم من عناصر المليشيات الحوثية.
وتجمع تقارير المنظمات المحلية والدولية ومنها تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن بشأن اليمن على أن اللجان والهيئات التي شكلتها المليشيات الحوثية لم تكن سوى إجراءات للتهرب من تحمل المسؤوليات الدستورية والقانونية التي يجب تقديمها للمواطنين ضمن مؤسسات الدولة، وفي الوقت نفسه إيجاد أوعية تمكن المليشيات من ممارسة عمليات فساد مالي وإداري ونهب وسرقات مالية لمليارات الريالات وصرفها بعيدا عن أي رقابة من أي مؤسسة أو هيئة تابعة للدولة أو الحكومة، ناهيك عن كونها باتت مؤسسات وهياكل تحرص المليشيات على تعيين عناصرها فيها في استكمال لمخطط تجريف الوظيفة العامة للدولة.
وتؤكد مصادر سياسية مقربة من المليشيات الحوثية لنيوزيمن، أن زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي يقود بنفسه حملات الدفاع والتبرير لعمل هذه اللجان والهيئات غير الدستورية دوما، خصوصا أثناء اللقاءات مع بعض القيادات الحزبية أو بعض مسؤولي الدولة الذين أبدوا اعتراضهم على تشكيل وعمل هذه اللجان والإشارة إلى أنها أفرغت مؤسسات الدولة من محتواها ومسؤولياتها.
لجان المخابرات.. الحوثي يبرر لفساده بالكذب
وشهدت الآونة الأخيرة تصاعدا في الاحتقان الشعبي ورفضا متزايدا لممارسات وفساد المليشيات الذي يتم ممارسته عبر مسميات اللجان والهيئات التي شكلت خارج إطار الدستور والقوانين وباتت تمثل دولة داخل الدولة، وهو الأمر الذي بات واضحا في حملات الانتقادات حتى من بعض العناصر الموالية أو التابعة للمليشيات.
وفي محاولة لمواجهة حالة الاحتقان والانتقادات عمدت المليشيات إلى مواصلة نهجها في السعي لتبرير فسادها من خلال قيامها بتشكيل ما تسميه بلجان الإنصاف والتي كان آخرها الإعلان عن تشكيل لجان إنصاف من قبل جهاز الأمن والمخابرات التابع للمليشيات الحوثية.
ووصفت مصادر أمنية في وزارة الداخلية الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية لنيوزيمن، هذه الخطوة بأنها محاولة لبيع الوهم للرأي العام وسعي من المليشيات لمواجهة حالة الاحتقان الشعبية المتزايدة بأسلوب تهديد مبطن من خلال تشكيل لجان خاصة بالمخابرات والأمن تتلقى شكاوى عن انتهاكاتها.
وقالت المصادر: هذه اللجان سيكون مهمتها ممارسة تخويف المواطنين بأساليب جديدة، إذ كيف يمكن لمواطن مقاضاة ضابط مخابرات حتى لا يعرف اسمه الحقيقي وإنما يعرفه بكنيته المقتصرة على أنه (أبو فلان) ناهيك عن كون الضباط الذين يمارسون الانتهاكات بحق الناس هم أنفسهم من يتولى رئاسة هذه اللجان واستقبال وفحص الشكاوى.
واختتمت المصادر: ومن غير المستبعد أن ينتهي عمل هذه اللجان بإعداد قوائم أمنية سيطلق عليها فيما بعد الطابور الخامس والمرتزقة والعملاء، حيث ستضم كل من يقارع أو ينتقد أو يرفض سياسات المليشيات الحوثية، سواء فيما يخص الانتهاكات الحقوقية والإنسانية، أو فيما يخص الجرائم الجنائية، أو فيما يتعلق بالنهب والسرقة والفساد المالي والإداري ومصادرة أملاك الناس.
هذه الخطوة قوبلت بالسخرية والانتقادات الكبيرة حتى من بعض القيادات الموالية للمليشيات أو التابعة لهم أو من قيادات إعلامية رافضة لسياسات المليشيات.
وفي هذا الإطار قال القيادي السابق في ما سمي باللجنة الثورية العليا للمليشيات الحوثية محمد المقالح الحكيم، في تعليقه على لجان المخابرات الحوثية: تشكيل لجان إنصاف في كل المحافظات من قبل الأمن والمخابرات... إذا غريمك القاضي من تشارع، طيب وأين المنظومة العدلية، وأين النائب العام، وأين القضاء، هذا نسف لكل شيء...؟
وأضاف محذرا المواطنين: اوبهوا تسيروا تشتكوا عند الأمن الوطني حق الكرار بايحبسوكم يا جن، يضحكون على أنفسهم لا على ألف باء العدل.
من جانبه انتقد القيادي والناشط الحوثي علي الصنعاني تشكيل المليشيات للجان الخاصة بالمخابرات وقال: كم قد شكلتم يا لجان وهيئات وفي المحصلة مابش نتيجة ملموسة يشعر بها المواطن!!
وأضاف: قولوا لي كم فاسد قد حاكمتموه وأين ذهبت قضية وزير المياه وأين ذهبت قضية وزير المالية أبو لحوم وعبدالرحمن الأهنومي وقبلها وبعدها قضايا وقضايا "اختفت فجأة"، العجيب أن القضايا الكبرى والهامة تحل عبر حل سحري (فك وأنا أفك) أليست هذه هي الغاغة بعينها؟!!
واختتم الناشط الحوثي: صدقوني لن يختلف الأمر في القضاء وجهاز المخابرات إذا لم يتلق الظالم أشد العقاب أمام العالم والناس!!
أما الصحفي ومراسل قناة الميادين المدعومة من إيران والداعمة للمليشيات الحوثية أحمد عبدالرحمن فقد علق بقوله: صباح اللجان وأهلا بكم في جمهورية اللجان الشعبية الثورية الديمقراطية المنتشرة في كل مكان!
وأضاف، الناس تقول: نشتي دولة! فيوجه أحد الرؤساء النشطين على تويتر: اصرفوا لهم لجان! وهكذا أصبح معانا لجان ومش أي لجان ومش من جا قال معه لجان!
وتابع مراسل الميادين: معانا لجان أشكال وأحجام وبأسعار رمزية وفي متناول اليد! معانا لجان أكثر من أعضاء مجلسي الشورى والنواب مجتمعين، بل وأكثر من الشعب اليمني قبل الثورة وبعدها!
مختتما: ولهذا ترمب سعيد جدا ويهنئ الشعب اليمني الصامد بتشكيل أحد الأجهزة الأمنية للجانه الخاصة التي سينصف من خلالها الشعب من نفسه وعليها!
من جانبه علق الصحفي ومراسل قناة المنار الناطقة باسم حزب الله اللبناني الذراع الإيرانية في لبنان، خليل العمري بالقول: في جوانب كثيرة هناك تشابه عجيب يتجه إلى التطابق بين (دولة المسيرة القرآنية الإيمانية) والجماهيرية الليبية الديمقراطية الشعبية العظمى) زمن القذافي.. التشابه لا يقف عند الهوس باللون الأخضر وكون كل منهما دولة لجان لا دولة مؤسسات.