النشيد والعلم في حفلات الزفاف.. أساليب مبتكرة لمقاومة ذراع إيران
تقارير - Thursday 30 June 2022 الساعة 08:02 amلا يجد سكان صنعاء أي وسيلة أو طريقة يعبرون بها عن مواقفهم الرافضة لسياسات المليشيات الحوثية، الذراع الإيرانية في اليمن، إلا وعمدوا إلى استخدامها كنوع من أنواع التعبير عن رفضهم لممارسات سلطة الانقلاب التي باتت تحاول التدخل في كل شؤون الحياة اليومية للناس ومحاولة فرض أفكارها المذهبية والايديولوجية والمذهبية عليها.
وخلال الأعوام الخمسة الأخيرة عمدت مليشيات الحوثي إلى محاولة فرض توجهاتها المذهبية وفكرها الداعشي على الناس من خلال استغلال حفلات الزفاف للشباب والمشاركة فيها بعناصرهم عنوة حتى ولو لم يكونوا مدعوين إليها وفرض شعارهم الداعي للموت (الصرخة) كأقل مظهر، وتجاوزه أحيانا كثيرة إلى فرض بعض فرقهم الإنشادية التي تتولى ترديد زوامل المليشيات بدلا عن السماح بألحان وأغاني الأفراح التي درج اليمنيون على إتمام أفراحهم وخصوصا حفلات الزفاف بها.
>>حفلات الزفاف بصنعاء: داعشية الحوثي تسرق أفراح الناس
ومع أن هذا الأسلوب كان بدأ يزداد بشكل كبير خلال العامين الماضيين إلا أن سكان صنعاء بدأوا يستشعرون مخاطر الصمت على هذه السياسات الحوثية التي باتت تهدد هويتهم، وتحاول انتزاع حقهم حتى في التعبير عن أفراحهم بالطريقة المتعارف عليها ضمن العادات والتقاليد اليمنية المتوارثة، وهو الأمر الذي اضطر سكان صنعاء لمواجهته بأسلوب مبتكر من خلال الإصرار على التعبير عن رفضهم للحوثي وسياساته بعديد أساليب وأشكال مزجوا بها حفلات زفافهم وأعراسهم.
ومن أبرز الوسائل المبتكرة التي باتت تظهر كثيرا في حفلات الزفاف لسكان صنعاء هو الحرص على بدء الحفل بترديد النشيد الوطني للجمهورية اليمنية وهو أمر لم يكن موجودا قبل انقلاب المليشيات الحوثية، حيث بات أمرا معتادا أنه وبعد وصول العريس إلى منصة قاعة الفرح يتم تدشين حفل الزفاف بالنشيد الوطني الذي يقف جميع الحاضرين لترديده بصوت واحد وكأنهم يقولون للمليشيات الحوثية: إن هذا النشيد هو عنوان لحبنا للنظام الجمهوري الذي تحاولون إلغاءه وإعادة نظام أسلافكم الأئمة مرة أخرى.
وإلى جانب النشيد الوطني يحرص الرافضون لسياسات المليشيات الحوثية على تزيين منصة قاعات حفلات زفافهم بالعلم الوطني وهو شكل يراه المراقبون بأنه نوع من التعبير عن رفضهم لعلم المليشيات الذي يحتوي على عبارات صرخة الموت الحوثية التي لا تعبر سوى عن ثقافة وفكر وايديولوجية ومذهب المليشيات وليس لها علاقة بثقافة وتقاليد اليمنيين، خصوصا في حفلات الزفاف الفرائحية.
ويقول أحمد صالح، طالب علم الاجتماع بجامعة العلوم والتكنولوجيا لنيوزيمن: إن مثل هذه الأساليب التعبيرية هي شكل من أشكال الرفض السياسي والثقافي للسلطة الحاكمة، أي لسلطة المليشيات في صنعاء، خصوصا وأنها أشكال مبتكرة لم تكن موجودة قبل سيطرة المليشيات الحوثية وانقلابها، حيث كان الناس حينها يملكون كامل الحرية في التعبير عن أنفسهم وثقافتهم وتنوعهم في حفلات الزفاف دون أي تدخل من السلطات.
ويضيف: وعلى العكس من ذلك ونظرا لشعور الناس بأن سلطة الحوثي باتت تصادر حتى حقهم في التعبير عن أفراحهم من خلال إصرارها على فرض صرخة الموت، أو ترديد زوامل ذات معان سياسية ومذهبية الأمر الذي استفزهم وجعلهم يفكرون بأساليب جديدة لمواجهة هذه الانتهاكات وكان أبرز ما ابتدعوه هو النشيد الوطني، ورفع العلم الوطني في قاعات الاحتفالات.
وباستثناء حفلات الزفاف الخاصة بأبناء وأقارب قيادات المليشيات الحوثية وبعض مواليهم من باتوا يسمون بالمتحوثين الذين يحرصون على ترديد صرخة الموت الحوثية وبث زوامل المليشيات خلال حفلاتهم، فإن غالبية سكان صنعاء باتوا أكثر حرصا على إحضار الفرق الغنائية لإحياء حفلات زفاف أبنائهم وبناتهم وأقاربهم.
ونظرا لأن سكان صنعاء هم خليط من معظم، إن لم يكن من كل محافظات اليمن، فإنك تشاهد خلال حضورك حفلات زفاف الشباب تنوعا في الفقرات الغنائية لأغان متنوعة من الفن الصنعاني، إلى الدان الحضرمي، إلى الفن اللحجي، وستسمع أغاني لأيوب طارش، والآنسي والسمة والكبسي والأخفش، وأبو بكر سالم بلفقيه، وفيصل علوي، ومنى علي، وغيرهم من الفنانين اليمنيين القدامى أو الحاليين، وهو أمر يعد في نظر طالب علم الاجتماع أحمد صالح، دليلا على حرص سكان صنعاء لمواجهة المليشيات بطرق بأقل الخسائر والأضرار بدلا عن التعبير الصريح الرافض لسياسات المليشيات والذي إن حدث قد يسبب لهم مشاكل ويعرضهم للانتهاكات من قبل سلطة الانقلاب الحوثي.
وعلى مدى أسبوع كامل قام مندوب نيوزيمن بحضور عدة حفلات زفاف في مناطق مختلفة من صنعاء ولاحظ أن أسلوب ترديد النشيد الوطني ورفع العلم الجمهوري، وإحضار الفنانين لإحياء حفلات الزفاف باتت ظاهرة تتزايد بشكل كبير، ناهيك عن كون حفلات الزفاف التي يكون صاحبها من أبناء القيادات الحزبية أو السياسية أو الشخصيات الاجتماعية والقبلية في بعض الأحيان غير الحوثية فإنها تكون أكثر تعبيرا في هذا الجانب من غيرها، بالإضافة إلى ملاحظة عدم حضور أي من قيادات المليشيات لمعظم إن لم يكن غالبية حفلات الزفاف من غير قياداتهم أو العناصر التابعة لهم.