عندما عزل الحوثي اليمنيين عن العالم الخارجي.. النت في قبضة المليشيا
تقارير - Wednesday 13 July 2022 الساعة 08:26 amيتحكم الحوثيون بخدمة الإنترنت، من خلال سيطرتهم على شركة «يمن نت» المزود الرئيس لخدمة الانترنت في اليمن، وذلك ما مكنهم لمرات عدة من حجب المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، بل وفصل النت لأيام وأشهر، لفرض عزلة على اليمنيين عن العالم الخارجي، والتعتيم على جرائم وانتهاكات هذه المليشيا الإرهابية ذراع إيران في اليمن.
وضمن سيناريو طويل من التضييق على وسائل الإعلام، يأتي تحكم المليشيا الانقلابية بخدمة الانترنت في اليمن، إلى جانب القمع للحريات والمصادرة والإغلاق لكل الوسائل المتاحة للتعبير، منذ انقلابها على السلطة، وممارستها أبشع الانتهاكات بحق معارضيها، على كل المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية.
فشل حكومي وتحكم حوثي
ساعد فشل الحكومة الشرعية طيلة السنوات الماضية في نقل التحكم بخدمة الاتصالات والانترنت إلى عدن، في إحكام سيطرة ذراع إيران في اليمن على هذه الخدمة، كما ساعد أيضا عدم وجود منافس قوي لشركة "يمن نت"، بالرغم من وجود شركة تابعة للحكومة الشرعية في عدن، لكنها لا تعد برأي المواطنين هناك بديلا أمثل.
وشرعت المليشيا الانقلابية منذ سيطرتها على قطاع الاتصالات في حجب المواقع الإخبارية المناهضة لها، باستثناء المواقع التابعة لها أوالممولة منها، إضافة إلى المواقع التابعة للتنظيمات الإرهابية في اليمن، وعلى رأسها مواقع تنظيم القاعدة.
وتخطط الجماعة المدعومة من طهران، حالياً، لحظر كافة منصات التواصل الاجتماعي، ضمن محاولاتها للتضييق على اليمنيين وتشديد الرقابة عليهم، بالتزامن مع تلاعبها بجودة الاتصالات والإنترنت.
حظر المواقع وعزل اليمنيين
في أواخر مارس/آذار 2015، وبعد أن أحكموا سيطرتهم على الوزارات والمؤسسات الحكومية في صنعاء، دشن الحوثيون أول عملية حجب للمواقع الإلكترونية، عبر شركة "يمن نت"، على خلفية ما تقوم به المواقع المناوئة للانقلاب من كشف للانتهاكات التي تمارسها المليشيا المدعومة من إيران، في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
وشمل الحجب حينها العديد من المواقع الإخبارية من بينها "نيوزيمن" و"مأرب برس" وغيرهما، إضافة إلى موقع البحث اليمني "صحافة نت".
قبل ذلك بأيام، كان عبدالملك الحوثي يحرض مليشياته ضد الصحفيين، في خطاب متلفز، عقب انطلاق عاصفة الحزم في 26 مارس/آذار 2015.
تزامن تحريض زعيم الحوثيين مع دعوات قيادات مليشياته، لقطع خدمة الإنترنت كليا، لمنع تناقل الشائعات، حد وصفهم، في محاولة منهم للتعتيم على ما يقومون به من جرائم وانتهاكات بحق اليمنيين.
وفي منتصف فبراير/ شباط 2016، تفاجأ متصفحو الانترنت في اليمن، عند محاولتهم فتح بعض المواقع الإلكترونية، برسالة على الصفحة مفادها:
"يرجى التواصل مع مسئول خدمة الانترنت لديك من هنا إذا كنت بحاجة للوصول إلى هذا الموقع أو لديك أي مواقع أخرى بحاجة للحظر بسبب محتواها غير اللائق. ملحوظة: عملية تصنيف المواقع تتم آليا ولا دخل للعامل البشري بها".
حجبت المليشيا الحوثية، حينذاك، عدداً من المواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت، وطال الحجب مواقع محلية وعربية وأجنية في مختلف المجالات، وقالت قيادات المليشيا إن المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي "تسهّل انتشار الشائعات ضدهم".
أكبر عملية حجب للمواقع
في وقت متأخر من مساء الأربعاء السادس من ديسمبر 2017، نفذت الذراع الإيرانية في اليمن، أكبر عملية حجب للمواقع الإلكترونية شهدتها اليمن في تاريخها، وذلك بعد يومين من مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بعد مواجهات عنيفة مع المليشيا الانقلابية.
شمل الحجب الذي رافقه إضعاف لسرعة الإنترنت، عددا كبيرا من المواقع الإلكترونية المحلية والعربية والأجنبية، ولم تستثن من الحجب مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر وانستغرام وتطبيق التراسل الفوري "واتس أب".
وتعرضت للحجب أيضا مواقع تتبع حزب المؤتمر الشعبي العام، أبرزها "المؤتمر نت" و"الميثاق نت"، وموقع "وكالة خبر" الذي كان يتولى نشر الأخبار العاجلة بشكل مكثف حول تحرك القوات الموالية للرئيس الراحل.
ومع تلك التطورات كانت مواقع التواصل وتطبيقات المراسلة قد انضمت لمئات المواقع الإلكترونية المناوئة لمليشيا الحوثي، التي تم حجبها في 2016، بعد إحكام سيطرة المليشيا على قطاع الاتصالات في صنعاء.
في الأثناء لجأ الناشطون لاستخدام تطبيقات كسر الحجب (بروكسي)، لكسر العزل الذي فرضته الجماعة الإرهابية للتغطية على جرائمها، ونشر انتهاكات المليشيا الإرهابية، لكن تطبيقات كسر الحجب آنذاك بدت غير مجدية مع قيام المليشيا بإبطاء سرعة الانترنت البطيئ أصلا منذ تحكمهم بخدمة الانترنت في اليمن.
وبرر وزير اتصالات الحوثيين مسفر النمير، في تصريحات صحفية له في ديسمبر/ كانون الأول 2019، إبطاء سرعة الإنترنت، بأنه إجراء قامت به وزارته، بهدف الحد من تصفح المواطنين للمواقع الإباحية، وترشيد استهلاك الإنترنت، الذي يتعرض في اليمن لاستخدام جائر وعبثي، حد تعبيره، ما أثار سخرية العديد من الناشطين، وانتقاداتهم الواسعة للحوثيين.
وهكذا فرضت المليشيا الانقلابية سطوتها على كل المنافذ الإعلامية في البلاد، وصارت قادرة على عزل اليمنيين عن العالم لإخفاء جرائمها اليومية وانتهاكاتها المتواصلة بحقهم.
مواقع محجوبة ودستور منتهك
اتهم تقرير حقوقي حديث بعنوان "حجب المواقع الإخبارية في اليمن.. وانتهاك الحقوق الرقمية"، صادر عن منظمة سام للحقوق والحريات بالتعاون مع منظمة "إنترنيوز" الجماعة المدعومة من إيران، باستمرار حجب أكثر من 200 موقع إخباري محلي وخارجي عن المتابعين في اليمن.
ويحتلّ اليمن مراتب متقدّمة في قائمة الحجب على الإنترنت في المنطقة، بحسب تقرير منظمة “أكسس ناو” (AccessNow) العالمية لعام 2019.
وتنص المادة 42 من دستور الجمهورية اليمنية على أنّ “لكلّ مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حـدود القانـون”، فيما تكفل المادة 53 من الدستور “حرية وسرية المواصلات البريدية والهاتفية والبرقية وكافة وسائل الاتصال ولا يجوز مراقبتها أو تفتيشها أو إفشاء سريتها أو تأخيرها أو مصادرتها إلا في الحالات التي يبينها القانون وبأمر قضائي”.
وتزود شركة “نت سويبر” مليشيا الحوثي ببرنامج الحجب الذي تستخدمه في حجب وسائل التواصل والاتصال وانتهاك حقوق الإنسان وقمع حرية الرأي والتعبير واستغلاله لأغراض عسكرية.