الحرب تفاقم ظروف معلمي لغة الإشارة في اليمن.. عام ثامن من النسيان
السياسية - Sunday 25 September 2022 الساعة 04:49 pmوقف الشغف وإصابة اثنتين من شقيقاتها بالصمم، خلف تعلم إيمان القدسي لغة الإشارة والتي صارت مؤخرا واحدة من قلة نادرة من يجيدون هذه اللغة في اليمن.
ويعيش المتخصصون في لغة الإشارة في اليمن ظروفا سيئة إثر الحرب الحوثية للعام الـ8 والتي دفعت شريحة المترجمين هؤلاء وفئة الصم إلى دائرة النسيان بعد أن تقطعت بهم السبل وباتوا بلا أي دعم مالي يعيل حياتهم.
ويعد العاملون في لغة الإشارة هم قناة التواصل بين الصم والشعوب المختلفة، إذ يقوم المترجمون بنقل الأخبار والأحداث إلى الصم وضعاف السمع كل يوم، ومن أجل ذلك يحتفل العالم بهم وباليوم الدولي للغات الإشارة كل عام والذي يصادف الـ23 من شهر سبتمبر.
بالتزامن مع احتفال الاتحاد العالمي للصم اليوم، تحت شعار "لغات الإشارة توحدنا" تجربة أحد اولئك الذين يؤدون مهنة نبيلة لدعم جميع الصم ويقفون في الوسط عبر لغة الإشارة لترجمة مشاعر من يعانون الإعاقة السمعية.
وتتراوح أعداد الإعاقة السمعية في اليمن ما بين 300 الى 500 الف أصم تقريباً، من أصل 3 ملايين و500 شخص من ذوي الإعاقة بحسب تقديرات غير رسمية للأمم المتحدة وإحصاءات الاتحاد العالمي للصم.
•• تجربة إيمان
"أنا إيمان، لم أكن أتصور أن لغة الإشارة ستصبح مهنتي الرئيسية، اندمجت في المنزل مع شقيقاتي بشكل قوي وأخذت دورات في لغة الإشارة وأبدعت في هذا المجال لدرجة أنني نسيت تخصصي الأصلي وهو علوم الحاسوب".
تضيف "تحولت بالفعل إلى مترجمة لغة إشارة ثم مدربة لذات اللغة للصم، واندمجت في عالمهم، حتى أصبحت اليوم اشغل منصب الأمين العام لجمعية الطموح للصم في اليمن بينما كنت في البداية أطمح فقط لتعليم شقيقاتي الرخصة الدولية للحاسوب".
وتابعت "الموضوع شيق جدا، حين تبدأ تتعلمه كحرفة ومهارة يتم اكتسابها، كنت أشعر أنه تعاطف كبير في البداية ثم دفعني شغف للعمل مع هذه الفئة لأن الكثير يتعلم هذه اللغة لكن القليل من يستمر ويجيد مهارتها".
والصم بالنسبة للقدسي، هم جزء من هذا المجتمع، ولديهم طموحات وأهداف وأحلام يسعون لتحقيقها، وعند الدخول لعالمهم يكون من الصعب العودة، ونحن ليس مترجمين فحسب وإنما بالفعل قناة تواصل وأمناء عاملون في خط المنتصف ولهذا تتطلب هذه اللغة جهدا كبيرا بما فيه كسب ثقة ذوي الإعاقة السمعية.
وأعربت المدربة اليمنية في لغة الإشارة عن سعادتها بالعمل مع فئة الصم: "سعيدة جدا بالعمل معهم، وأعتبر نفسي محظوظة جدا أن تعلمت لغة الإشارة، سواء من أخواتي في البداية أو عن طريق التدريب وأصبحت أدمج بين الإشارة العامية والإشارة المنهجية".
•• أسرار لغة الإشارة اليمنية
وتعرف مدربة ومترجمة لغة أشارة القدسي هذه اللغة بأنها عبارة عن "محاكاة للغة الطبيعية لكن تتم عن طريق الأيدي وحركة الجسد وتعابير الوجه ويتم من خلالها إيصال المعلومات وما نريد التواصل به من فئة الصم".
وتؤكد أن اليمن لديه قاموس إشارة موحد كان مدعوما من الصندوق الاجتماعي للتنمية منذ تسعينيات القرن الماضي، ورغم محدودية الكلمات فيه إلا أنه معتمد من الحكومة اليمنية وفي المدارس والجامعات، إضافة إلى أنه اعتمد مؤخرا في المناهج الدراسية.
وتوضح أن أسرار لغة الإشارة ليس لها أي خصوصية باليمن غير بقية الدول، وأنه يتم استخدام القاموس اليمني الموحد إضافة إلى إشارة العامية نتيجة الاحتكاك بالقاموس الإشاري اليمني فيما تعد تعز من اوائل المحافظات المشاركة في القواميس الإشارية المنهجية للمواد الدراسية.
وتشير القدسي إلى أن "هناك إشارات ظهرت نتيجة الطفرة التكنولوجية التي الغت حاجز التواصل بين فئة الصم داخل وخارج اليمن وأصبحنا كمعلمين ومدربين وعاملين في لغة الإشارة مطلوب تعلمها فيما القاموس اليمني محدود الكلمات لأنه لم يطرأ عليه تحديث وإضافات للإشارات الجديدة، والمستحدثة".
وتقسم الأمين العام لجمعية الطموح للصم باليمن فئة الصم على حساب محدودية سمعهم، إذ يوجد من هو أصم كليا 100% وهو يحتاج للغة الجسد وتعابير الوجه ولغة الإشارة التي تكون عن طريق الأيدي ولغة الشفاه، فيما ضعيف السمع يكون بحاجة للغة الشفائف وحركة الأيدي.
وتضيف إن أهم أسرار لغة الإشارة هي التمتع بالحس الادراكي والبصري والقدرة على الدمج بين اللغة الكتابية والوصفية التي يتم التعبير بها عن طريق حركة الجسد أو تعابير الوجه أو لغة الشفاه واحيانا يتم الاستعانة بالكتابة لإيصال المعلومة بالطريقة الصحيحة.
•• جهود تطوعية وظروف مادية صعبة
تقدم إيمان القدسي من جمعيتها مختلف الخدمات لشريحة الصم إلى جانب تدريبات تستهدف المقار الحكومية حيث التجمعات البشرية الكثيفة والتي يحتاجها الصم في انجاز تعاملاتهم وذلك بشكل تطوعي.
وتقول المدربة اليمنية إن جهودها "ما زالت تطوعية، ولهذا ينسحب الكثير لغياب العائد المادي من تعلم لغة الإشارة في اليمن، ثانيا يحتاج المترجم أن يكسب ثقة الصم ويصبر عليهم باعتبارهم من ذوي الإعاقة، فهم بحاجة لصبر ومجهود من الشخص الذي يتواصل معهم، ومعهم بالطبع أحلام وأفكار وأهداف وهم بحاجة شخص صادق يوصل ذلك للمجتمع".
وتضيف "امارس عملي بالتطوع، لا يوجد احتواء حكومي لهذا النوع من المترجمين ولهذا أصبح الغالبية لا سيما خلال الحرب يعملون في حرف ومهن أخرى لضمان مصدر دخل لأسرهم"، في إشارة إلى أن الحرب الحوثية قذفت بالكثيرين لدائرة النسيان والإهمال.
وبينت أن "الكثير من المدربات انتقلن للعمل في المدارس الخاصة، وهذا سبب ندرة التخصص باليمن ويعود ذلك للظروف المادية لكن توفر الدعم المادي لهؤلاء المتخصصين راح يتعلم الجميع هذه اللغة".
وتؤكد القدسي أنه ورغم الظروف المادية السيئة للأصم إلا أنه يضطر للدفع لمتخصصي لغة الإشارة من أجل التواصل بالمجتمع ولإنجاز تعاملاته اليومية، في المستشفيات، ومراكز الشرطة، والجامعات.
وفي ختام حديثها، قالت ايمان إنها دربت المئات في المرافق الحكومية، لكن الكثير ولظروف مادية رفضوا الاستمرار في التعلم لأنه لا يعود لهم بالفائدة المالية ورغم ذلك ما زلنا نكافح من أجل نشرها كثقافة عامة أوساط المجتمع اليمني من أجل تواصل فئة الصم.
وتقدر منظمة الصحة العالمية نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة بما يساوي 10-15% تقريباً من السكان في العالم.